أكدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وجوب احترام الأنظمة والتعليمات والقرارات الحكومية فيما يتعلق بإزالة قرية «مقنّعة» في ضواحي مدينة مكة المكرمة، مشيرة إلى أنه «لا يجوز ترك تلك الأسر التي تم إزالة منازلها دون مأوى»، وأن الجهات المختصة كان من المفترض أن تغلب الضرر الأدنى على الضرر الأشد، ومراعاة المستوى الاجتماعي البسيط لهذه الشريحة من المواطنين.
وبحسب مصدر مسؤول في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن «الجمعية» تابعت ما نشر في الصحف المحلية، وما تم تداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، عن التعديات التي تم إزالتها بقرية «مقنّعة» بضواحي مدينة مكة المكرمة، وكلفت فريقاً تابعاً لها بزيارة القرية، ومقابلة بعض الأهالي المتضررين، ومعاينة ما تم اتخاذه من إجراءات على الطبيعة، كما اطلعت الجمعية على بيان مقام إمارة منطقة مكة المكرمة الذي نشر في الصحف المحلية المكون من خمسة بنود توضيحية، والذي بَيَّن أن أرض (مقنّعة) تعود ملكيتها للدولة، وأنها مخصصة من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية منطقة صناعية، كما اطلعت الجمعية على تصريح أمانة العاصمة المقدسة بأن بعض هذه المواقع مخصصة من قبلها للاستثمار العام.
وقال المصدر: «تأكد للجمعية أن معظم سكان المنطقة المشار إليها من المواطنين البسطاء، وأن إزالة المباني بالطريقة التي تمت قد جمعت عليهم ضررين معضلين، الأول: ضرر ضياع أموالهم في تكاليف الأراضي التي أنشؤوا عليها مساكن لأسرهم، والثاني: ضرر آثار تنفيذ الأنظمة والقرارات المتخذة بهذا الخصوص، والحل الأمثل يكون بتوفير منازل بديلة للمتضررين ونقلهم إليها، أو تركهم في مساكنهم حتى توفر الدولة لهم المساكن البديلة على غرار التنظيم الذي تم اتخاذه لمعالجة التعديات بوادي (عمق)، كما جاء بالبند الرابع في بيان إمارة منطقة مكة المكرمة، وللجهات المختصة الحق في محاسبة من غَرَّرَ بالمواطنين وباع لهم ما لا يملك وفقاً لما جاء في البند الخامس من بيان مقام الإمارة المشار إليه آنفا».
ولفت إلى أن «استمرار المواطنين في بناء تلك المساكن كان نتيجة غض الطرف عنهم من قبل منفذي الأنظمة والتعليمات الحكومية خلال السنوات الماضية، التي شهدت بناء هذه المنازل كامتداد سكاني في المنطقة، وقد شمل ذلك الامتداد إنشاء منازل متعددة الأدوار، إضافة إلى إنشاء جامع وحديقة وملعب أطفال على أرض مخططة تخطيطاً يحتوي على شوارع مزدوجة فسيحة مرصوفة، مما يوحي أن المنطقة ذات تخطيط نظامي معتمد من الجهات المعنية ذات الاختصاص، ومما يوهم البعض أنها منطقة غير عشوائية ويجعلهم يعتقدون أن إجراءات البناء بها تتم طبقا للأنظمة المعمول بها». وأضاف: «كان من الواجب قبل إزالة هذه المباني إعطاء المواطنين المهلة الكافية، حتى يتم توفير المساكن البديلة المناسبة لهم بعد فحص المستندات التي بأيديهم، و هذا الإمهال لا يلغي حق الحكومة في تطبيق الأنظمة المعمول بها بهذا الشأن على من كل من غَرَّرَ أو تَعَدَّى». ودعت الجمعية إلى احترام الأنظمة والتعليمات والقرارات الحكومية، مشيرة إلى أنها ترى أنه يجب على الجهات المختصة -بصفتها الراعية لمصالح المواطنين، والقائمة على تقديم الخدمات لهم ومتابعة كل ما يتعلق بهم من مصالح خاصة في إطار متابعتها للمصالح العامة- أن تقوم تلك الجهات المختصة بتغليب الضرر الأدنى على الضرر الأشد، ومراعاة المستوى الاجتماعي البسيط لهذه الشريحة من المواطنين، فهؤلاء المواطنون أقاموا منازلهم التي تمت إزالتها لإيواء أسرهم، تحت ضغط الحاجة وعدم توفر المسكن البديل، وأنه من خلال حرص الدولة أعزها الله على راحة المواطنين لا يجوز ترك تلك الأسر التي تم إزالة منازلها دون مأوى.
وقال المصدر: «من الواضح أنه يجب تمييز الحالات التي أقام فيها المواطنون مساكن تأويهم أو منازل تسترهم، عن الحالات التي عمد فيها البعض إلى تسوير الأراضي كأحوشة أو مساحات محجوزة للمضاربة فيها والمتاجرة بها واستغلال المواطنين، إذ أن حالات المواطنين البسطاء المحتاجين للسكن تستوجب التأني والنظرة الرحيمة لهم، أما حالات المضاربة بالأراضي والمتاجرة بها والاستغلال فإنها تستوجب الإزالة والمحاسبة الدقيقة لكل من قام بذلك»