الخميس 15 جمادى الآخرة 1437 هـ - 24 مارس 2016م - العدد 17440 , صفحة رقم ( 47 )
خارج الأقواس
أخطأت موديز كما أخطأ غيرها في تقييم المملكة
طلعت زكي حافظ
غيرت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني في تقرير صدر عنها مؤخراً، نظرتها للقطاع المصرفي السعودي من مستقرة إلى سلبية.
استندت موديز في تغييرها للنظرة المستقبلية للقطاع المصرفي السعودي من مستقرة إلى سلبية، إلى عدة عوامل ومتغيرات اقتصادية ومالية، منها محلية وأخرى عالمية.
وبالنسبة للمتغيرات العالمية، فقد تَصدرها التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية، والذي انعكس من وجهة نظر التقرير، بشكلٍ سلبي للغاية على عددٍ من العناصر الاقتصادية والمالية للمملكة، التي من بينها على سبيل المثال، الإنفاق الحكومي، الذي توقع له التقرير أن ينخفض بنسبة 14 في المئة، مستنتجاً تبعاً لذلك أن تَضعف البيئة التشغيلية للبنوك السعودية خلال ال 12-18 شهرا المقبلة، وأن ترتفع مستويات مخاطر الائتمان.
إنه لمن المستغرب جداً صدور تقرير سلبي عن أداء القطاع المصرفي السعودي، وربط هذا الأداء بعوامل وأسباب وقتية وغير مستدامة، كتراجع أسعار النفط العالمية وغيرها من الأسباب التي وردت بالتقرير، دون النظر إلى أساسيات ومرتكزات القطاع المصرفي المتينة والقوية، التي مَكنت القطاع من تجاوز العديد من الأزمات المالية وغير المالية التي حلت بالعالم خلال العقود الماضية، والتي لعل من أبرزها الأزمة المالية العالمية التي حلت بالعالم خلال الفترة 2007-2008، وتسببت في انهيار العديد من المؤسسات المالية العملاقة على مستوى العالم، في حين ان القطاع المصرفي السعودي ظل صامداً أمام تلك الأزمة، وتًمكن من تجاوزها وتخطيها بكفاءة واقتدار وبأقل تأثير ممكن.
كما أن التقييم لم يلتفت إلى مؤشرات السلامة المالية القوية، التي يتمتع بها القطاع المصرفي السعودي، والتي من بين أبرزها وأهمها، عدم انكشافه سواء محلياً أم خارجياً على أي التعاملات المصرفية، بما في ذلك التعاملات ذات الطبيعة الائتمانية، وقدرته الفذة على إدارة المخاطر الائتمانية، بالشكل الذي كفل للقطاع الاحتفاظ بنوعية جيدة من الأصول، ولا سيما حين ربط تلك النوعية بحجم المخصصات الكبيرة للقروض المتعثرة، والتي أشار إليها التقرير بأنها في مستوى ومعدل 143 في المئة، هذا بالإضافة إلى أن نسبة تعثر الديون إلى إجمالي الديون لا تزال منخفضة للغاية، والتي بلغت بنهاية الربع الرابع من العام الماضي 1.2 في المئة.
أخيراً وليس آخراً، التقرير لم يلتفت إلى الملاءة المالية القوية التي يتمتع بها القطاع المصرفي، والتي عكستها الرسملة المالية والاحتياطيات القوية للقطاع، إضافة إلى ما يحتفظ به القطاع من معدل كفاية لرأس المال يزيد عن ضعفي متطلبات الحد الأدنى للجنة (بازل1)، والذي يبلغ 17.8 في المئة، في حين أن معدل (بازل1) يبلغ 8 في المئة.
برأيي أن موديز قد أخطأت في تقيمها للقطاع المصرفي السعودي، كما أخطأت قبلها وفي وقت سابق وكالة ستاندرد آند بورز في التصنيف الائتماني الذي منحته للمملكة بتخفيضها لذلك التصنيف إلى a+ من aa- مع نظرة مستقبلية سلبية، والذي أوضحت وزارة المالية فيما بعد في يبان صدر عنها، بأن التقييم جاء كردة فعل متسرعة وغير مبررة ولا تسندها الوقائع، لاسيما وأن اساسيات الاقتصاد السعودي، لا تزال قوية ومدعومة بأصول صافية تزيد عن 100 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى امتلاك المملكة لاحتياطي كبير من النقد الأجنبي.
إن الخروج من مأزق التصنيفات الائتمانية العالمية غير العادلة للمملكة أو لاقتصادها الكلي أو لمفاصل اقتصادها الأخرى، مثل القطاع المالي وغيره من القطاعات، يتطلب منح تراخيص لوكالات تصنيف محلية، باعتبارها برأيي ستكون أكثر واقعية وأكثر عدالة في منحها للتصنيفات الائتمانية المحلية، استناداً إلى معطيات وخبرة محلية، وكما يقول المثل الشعبي "أهل مكة أدرى بشعابها"، لاسيما للقطاع المصرفي السعودي، الذي صنفته وكالة التصنيف الدولية «فيتش» على أنه رابع أفضل وأقوى نظام مصرفي في العالم، بعد استراليا وكندا وسنغافورة.