فإن الناس كلَّما ازدادوا في الرفاهية وكلما انفتحوا على الناس انفتحت عليهم الشرور
إن الرفاهية هي التي تُدمِّر الإنسان، لأن الإنسان إذا نظر إلى الرفاهية وتنعيم جسده غفل عن تنعيم قلبه وصار أكبر همِّه أن يُنعِّم هذا الجسد الذي مآله إلى الديدان والنتن، وهذا هو البلاء، هذا هو الذي اغتر الناس اليوم لا تكاد تجد أحدا إلا ويقول: '' ويش قصرنا؟ويش سيارتنا؟ويش فرشنا؟ويش أكلنا؟.. '' حتى الذين يقرؤون العلم ويدرسون العلم بعضهم إنما يدرس من أجل أن ينال رُتبة أو مرتبة يتوصَّل بها إلى نعيم الدنيا، ما كأن الإنسان خُلق لأمرٍ عظيم، والدنيا ونعيمها إنما هو وسيلةٌ فقط نسأل الله أن يجعلنا ممن يستعملها؛ وسيلة قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: (( ينبغي للإنسان أن يستعمل المال كما يستعمل الحمار للركوب وكما يستعمل بيت الخلاء للغائط )).
شوف إلِّي يعرفون المال!يعرفون قدره، لا تجعل المال أكبر همك، اركب المال فإن لم تركب المال ركبك المال وصار همُّك هو الدنيا.
ولهذا نقول: (( إن الناس كلما انفتحت عليهم الدنيا وصاروا ينظرون إليها فإنهم يخسرون من الآخرة بقدر ما ربحوا من الدنيا )) قال النبي عليه الصلاة والسلام: " والله ما الفقر أخشى عليكم "(*) يعني ما أخاف عليكم الفقر الدنيا ستُفتح " وإنما أخشى عليكم أن تُفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتُهلككُم كما أهلكتهم "(*).
وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا الذي أهلك الناس اليوم التنافس في الدنيا وكونهم كأنما خُلقوا لها لا أنها خُلقت لهم، فاشتغلوا بما خُلق لهم عمّا خُلقوا له وهذا من الانتكاس نسأل الله العافية.