قتلت 700 في ستة أعوام وأصابت الألوف بالعاهات . الجمال تشنّ حرباً على السائقين في السعودية
[IMG]http://www.alhayat.com/*******/IMAGES/logo.aspx[/IMG]
[IMG]http://mz-mz.net/wp-*******/up/427514836.jpg[/IMG]
ما تفسير كثرة الحوادث التي تتسبب فيها الجمال في
السعودية ويذهب ضحيتها المئات سنوياً ما بين قتيل ومصاب؟ هل هو تعبير غاضب من الجمل الذي كان يحلو للعرب تسميته "سفينة الصحراء"، على جحود البشر بعد استعمالهم الوسائل الحديثة، أم ان الغيرة في الجمل من "السيارة" وصلت الى حد الانتقام منها ومن راكبها.
السعوديون يقدرون الجمال على رغم تسببها في قتل ما يزيد عن 100 كل عام في مختلف أنحاء البلاد، ويتمثل ذلك في تربيتهم لها، اذ ان الكثير من أبناء الطبقات العليا اتجهوا الى اقتنائها وتهيئة سبل تكاثرها، بل أصبحت تُباع في مزادات وتُقام لها حفلات خاصة لاختيار أجمل ناقة وهي أنثى الجمل، لا سيما وانها تعبر عن جزء من حضارتهم امتد حتى تفجر النفط، في صحراء كان للجمل كلمة عليا.
حديثاً، أصبحت الجمال السائبة بالنسبة للسعوديين بعبعاً مخيفاً يطاول بشكلٍ كبير سائقي الشاحنات الذين لا تهدأ سياراتهم من السير لنقل البضائع بين مدن
السعودية وقراها، كما ان الحافلات الصغيرة التي تحمل مجموعات من المعلمات والطالبات إلى مدارسهن في القرى والمدن التي لا يقمن فيها تتعرض لخطر الاصطدام بالجمال.
وعلى رغم ما تبذله السلطات
السعودية من احتياطات كبيرة في وضع الأسياج الحديد على امتداد الخطوط البرية وفرض العقوبات الصارمة على أصحاب الإبل الذين يهملونها ويجعلونها تقترب من الطرق السريعة، خصوصاً في الفترات المسائية، الا ان مسلسل الحوادث لا يتوقف، لاستمرار التجاوزات وعدم مبالاة أصحاب الإبل بأرواح البشر التي أصبحت على أخفاف جمال متفلتة. لكن هذه الجهود ليست كافية فهناك طرق قديمة وأخرى زراعية لا يزال المسافرون عبرها معرضين لاحتمالات الاصطدام بالحيوانات السائبة.
وأبتكر أصحاب الجمال أسلوباً جديداً للتهرب من عقوبة السلطات الأمنية، حيث يعمد أحدهم عند الحادث الى إخفاء "الوسم" وهو الكيّ الذي يبين ملكيته للجمل المتسبب في الحادث، قبل ان تتعرف عليه السلطات، ولا تخلو تصرفات أصحاب الجمال السائبة من غرابة، فهم لا يتورعون حينما يتسبب الحادث في وفاة البعير وسلامة السائق، على مطالبة الأخير بقيمة الجمل!.
والسيناريو المتكرر: جمل أو مجموعة جمال سائبة تعبر في ليل حالك طريقاً يشق عبابها سائق سيارة مسرع، فاصطدام قوي، يؤدي الى سقوط جثة الجمل في أحضان الركاب المهشمة مقصورتهم، بزجاجها وحديدها على عظامهم. في حين أن انحراف السيارة لتفادي الصدم ، يعني أنها اتجهت لقمة سائغة لشاحنات مقابلة، أو سقوطها وانقلابها من مكان مرتفع. والنتيجة فتاكة، عائلة كاملة أحياناً تقضي بكاملها وفق الطريقة ذاتها.
والصحف المحلية لا تخلو أخبارها من حوادث مفجعة كل يوم. ومنذ نحو شهر لقي ضابط تخرج حديثاً حتفه بعد اعتراض جمل لطريقه، بينما قتل بعير آخر في طريق بيشة رنية جنوب
السعودية 14 شخصاً من عائلة واحدة وجرح ثمانية آخرين في فترة مقاربة. وقبل أيام تسببت بقرة سائبة على احدى الطرق في القصيم بوقوع حادث لثلاث سيارات نتج عنه اصابات بليغة ونفوق البقرة، لكن سائقاً اعتاد ان يقطع الطرق الطويلة كثيراً قلل من خطورة الأبقار والحمير مقارنة بالجمال وقال: أن الأبقار والحمير أقصر من الجمال، في الأولى الاصطدام يزيح الحيوان بمقدمة السيارة ما يقي الركاب سقوطها فوقهم. بخلاف الجمل.
ويتذكر أحد المصابين كيف نجا من موت كاد الجمل ان يتسبب فيه: "فاجأني في الطريق، كأنه سقط من الظلام متجهاً نحوي، كان قريبا جداً، ورقبته الطويلة تارة إلى اليمين وتارة الى الشمال، فلم أشعر إلا وهو بجانبي يشاركني المقصورة التي لولا تكسر مقاعدها ورجوعها إلى الخلف لما نجوت".
في المؤتمر الوطني للسلامة ذكر ان حوادث صدم الإبل خلال الفترة 1990 الى 1996، أدى الى وقوع 690 حالة وفاة واصابة 3530، بمتوسط 1.28 اصابة لكل حادث، و .250 وفاة لكل حادث. وأن معدل الوفيات الناجمة عن حوادث الابل 3.1 مرة معدل الوفيات في الحوادث الاخرى. بينما معدل الوفيات يفوق أكثر من ست مرات المعدل للحوادث المرورية بانواعها، وان عدد حوادثها يشكل نحو 1 من مجموع حوادث المرور على الطرق، بينما خطورتها الأعلى من حيث الاصابة والوفاة. وقدرت دراسات كلفة الحادث الواحد بنحو 20 ألف ريال، وحوادث الإبل 26 ألف ريال تشمل قيمة الإبل التي نفقت في تلك الحوادث نحو 3500 ريال، أي ان الإجمالي نحو 27 مليون ريال، بمعنى ان الكلفة الاجمالية لحوادث الإبل منذ عام 1978 بلغت أكثر من 200 مليون ريال.
ونسبت دراسة في كلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة أخيراً كثرة الحوادث الى النمو السريع لشبكات الطرق في المنطقة الغربية من السعودية، وتوصل الباحث منصور الحازمي في بحثه الى وجود فرق معنوي في السلوك الحركي والسلوكيات الأخرى لذكور الإبل عن أناثها، مشيراً الى انه تم تسجيل معدل كثافة "الجمال" على جوانب الطرق في كل كيلو متر مربع في تسع مقاطع، وقدر العدد الكلي للإبل في المنطقة بنحو 16 ألف جمل، وان المناطق الرعوية التي توجد فيها تمثل الدرجة الثانية في أعداد الحوادث الواقعة في قطاع جدة ورابع بعد مناطق التجمعات السكانية.