يعدّ قوم يأجوج ومأجوج من أحد الأقوام الّذين مروا في التاريخ البشري، وورد ذكرهم في الديانات السماويّة جميعها، كما تمّ تأليف الأعمال الأدبية التي تتعلق بهم، ويأجوج ومأجوج في الواقع قومان ورد ذكرهما في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية المطهرة، كما يعدّ ظهورهما علامةً من علامات الساعة الكبرى.
ويرجع ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم والموجود في سورة الكهف إلى زمان الملك الصالح ذي القرنين والّذي كان يجوب الأرض مصلحاً فيها، ففي رحلاته في الأرض من أجل الإصلاح مرّ على قوم كانوا قريبين من يأجوج ومأجوج فطلب منه أهل تلك البلاد أن يقوم ببناء سدٍّ يحميهم من يأجوج ومأجوج وشرّهم؛ فقد كان يأجوج ومأجوج أهل فسادٍ وشرٍّ في الأرض، ولم يكن لمن في ذلك الزمان حولٌ بهم ولا قوّة، وهذا ما قام بفعله ذو القرنين؛ إذ قام ببناء سدٍّ عظيم بينهم وبين يأجوج ومأجوج وصفه الله عزّ وجل في القرآن الكريم بأنّه من الحديد والنحاس المذاب، فلا يزال هذا السد قائماً حتى يومنا هذا في مكانٍ لا يعلمه إلّا الله عز وجل، فإذا انهار هذا السد وظهر يأجوج ومأجوج اقتربت الساعة بعدها فقال الله عز وجل في القرآن الكريم:" حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ".
وعند قيام الساعة يقوم قوم يأجوج ومأجوج، ويفسدون في الأرض إفساداً عظيماً، فظهورهم يكون بعد الدجّال، وبعد نزول المسيح عيسى بن مريم وظهور المهدي المنتظر، فيظهر قوم يأجوج ومأجوج بعد أن يكون القتال مع الدّجال قد انتهى؛ إذ يوحي الله عزّ وجل إلى عيسى عليه السلام أنّ يأجوج ومأجوج قد انتشروا في الأرض، وأنّه لا قدرة لأحدٍ على قتالهم، فهم كثيرو العدد جدّاً،كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكلٍ لا يمكن لأحدٍ تخيّله، كما أنّهم أقوياء وأشداء أكثر ممّا يستطيع الناس العاديّون مجابهتهم.
وبعد ذلك، يذهب عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين بحماية الله عزّ وجل، ويحتمون في جبل الطور، ويجوب يأجوج ومأجوج في البلاد مفسدين فيها، ويبقى الصالحون مع عيسى عليه السلام محتمين في جبل الطور، حتّى يأذن الله عز وجل بقتلهم فيرسل عليهم النغف، وهي أحد الأمراض التي تتسبّب بها أحد أنواع اليرقات للإنسان والحيوان، فيهلكهم الله عزّ وجل بها جميعاً، ومن ثم يرسل الله عز وجل المطر على الأرض فتقوم بغسل الأرض منهم، ويقوم الله عزّ وجل بأمر الأرض بعدها بأن ترجع بركاتها إليها.