قدم الكاتب البريطاني الشهير دافيد هيرست قراءة متعددة الأبعاد لتداعيات القرار السعودي بإعدام الشيخ الشيعي نمر النمر وما تبعها من أزمة نشبت بين السعودية وإيران وحلفاء كل منهما.
وحاول هيرست في مقالته المطولة التي نشرتها “هافنغتون بوست معالجة القضية من عدة محاور أهمها بروز السعودية كقوة إقليمية صارمة، والموقف الضعيف المتخبط الذي ظهرت فيه إيران، وانعكاسه بشكل مبدئي على إطالة أمد الصراع في الساحة السورية، كما حاول قياس ردود فعل حلفاء البلدين الذين وضعوا في موقف لا يحسدون عليه، إذ لا يمكن لأحدهم العودة للخلف بعد أن تورط بقدر كبير في “المعادلة السورية”.
وفي توصيفه لمجريات الأحداث، شدد هيرست على أن السعودية دشنت موسما مفتوحا من الصراع الإقليمي مع جارتها الفارسية، ربما برأي الكاتب أكبر من مجرد المواجهة المفتوحة في اليمن وسوريا وقتال الإيرانيين وحلفائهم، وعلى رأسهم حزب الله، ولكنه أكد أن السعودية استعدت لهذا الأمر بشكل جيد، من خلال ضمانهم لموقف دبلوماسي عربي مساند.
وأشار الكاتب إلى أن التحركات السعودية أربكت إيران التي كانت تعتقد أن السعودية ما زالت تتحرك بحذر وخلف “ستارة من الخرز”، لتتفاجأ مرة أخرى كما حدث في السيناريو اليمني الذي لم تتوقعه إيران أبدا.
وشدد هيرست على أن عنوان الصراع الإيراني السعودي اليوم هو “العداوة على المكشوف” وتحدي النفوذ العسكري والسياسي الإيراني في دول الإقليم.
وذهب الكاتب لأبعد من مجرد إجراء بني عليه وقف كافة أشكال النقل التجاري والجوي بين البلدين، إلى القول: إن مجرد استضافة الحجاج الإيرانيين المسلمين في موسم الحج، بات أمرا مشكوكا فيه.
ونوه هيرست إلى أن المملكة مستعدة للدفاع عن مصالحها بالقوة، ووجود حلفائها تركيا وقطر والدول العربية عموما سيسهل مهمتها في مواجهة إيران وحليفتها روسيا.
وشدد هيرست على أن السعودية لم تشعر حليفتها أمريكا بعزمها قطع العلاقات مع إيران إلا قبل وقت قصير، مؤكدا أنها لم تعد تنتظر موافقة “راعيها ومزودها العسكري الأساسي”، بل إنها اعتادت على التصرف بمفردها.
التداعيات على الساحة السورية واليمنية
ولخص الكاتب الموقف في سوريا واليمن بعد الأزمة السعودية الإيرانية، بأن محادثات وقف إطلاق النار في سوريا واليمن ستتوقف، وستمضي السعودية في سياستها الرامية لتقييد “قدرة إيران” على الدخول للأسواق العالمية عبر سلاح النفط وإبقائه بأدنى مستوى له.
وفي تبريره للموقف السعودي بإعدام نمر النمر، تساءل الكاتب: لو كان ذلك مخططا له من قبل، فلمَ يجري تنفيذ الخطة الآن تحديدا؟ خمسة وأربعون من بين الذين نفذ فيهم حكم الإعدام هم مواطنون سعوديون، وشملت الدفعة مواطنا تشاديا وآخر مصريا. وكان ثلاثة وأربعون منهم من السنة، كثيرون منهم من مقاتلي القاعدة الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام وكانوا ينتظرون التنفيذ منذ مدد متفاوتة يعود بعضها إلى العام 2004. كان إعدام هؤلاء ورقة بإمكان الرياض أن تلعبها في أي وقت منذ آخر موجة تفجيرات شنتها القاعدة في عام 2012. ولكن لمَ جرى اللعب بالورقة الآن؟ وما هي الرسائل السياسية التي أرسلت؟ ولمن وجهت؟