خطة ماكنزي 246، والتي تزعم مضاعفة حجم اقتصاد المملكة في 15 عاما، من خلال استثمار القطاع الخاص لـ15 تريليون ريال لتوّلد 6 ملايين وظيفة، سبق أن وصفتها بأنها "رسم ليس من الخيال بل من خيال الروايات الأسطورية".
هناك فصل تام بين الواقع والخطة، فخلال الأسبوع هذا تابعت كثيرا من المقالات والتصريحات، ولم أجد تفسيرا لافتراض أن القطاع الخاص سيستثمر 1000 مليار ريال سنويا لمدة 15 سنة، مع أن الأموال التي يمتلكها القطاع الخاص في الداخل والخارج لا تصل لـ3000 مليار ريال، بغض النظر عن أن القطاع الخاص أصلا لا يستثمر إلا بالدعم الحكومي.
ولمعرفة حجم هذا المبلغ المُفترض استثماره من القطاع الخاص، فإن 1000 مليار ريال تعادل بناء 10 معامل تكرير نفط سنويا و10 معامل غاز سنويا و10 معامل توليد كهرباء سنويا و10 معامل بتروكيماويات سنويا و10 معامل تحلية مياه سنويا، ثم المطلوب تكريره لمدة 15 سنة.
علّق مدير شركة ماكنزي في المملكة وقائد فريق العمل في هذه الخطة قائلا:
"إن استثمار 15 تريليون ريال في الاقتصاد غير النفطي في المملكة يشكل أساسا لازدهارها في المستقبل.
كما يحتاج ذلك النمو الاعتماد على ثلاث ركائز رئيسة قوة عاملة ماهرة لتعزيز الإنتاجية والكفاءة؛ وبيئة تنظيمية ميسرة للأعمال تتسم بالشفافية؛ وإدارة مالية مستدامة ومرنة لمواجهة تقلبات أسعار النفط والحد من مخاطر الديون الحكومية التي قد تصبح عبئا على الاقتصاد".
ولكن لم يتحدث عن مصادر هذه التريليونات.
أتذكر عندما عملت ماكنزي خطة التحول الوطني لمملكة البحرين قبل 11 عاما لإصلاح سوق العمل وتوليد الوظائف، ومع أنني كنت أتساءل آنذاك كيف بشاب لديه خبرة 7 سنوات فقط يعمل خطة تحول وإصلاح لبلد مثل مملكة البحرين!
هذا الشاب حاليا هو مدير شركة ماكنزي في السعودية وقائد فريق العمل لهذه الخطة، لنقرأ الآن ونتمعن:
ماذا عملت تلك الخطة للبحرين، وكيف هو حال سوق عملها الآن بعد 11 عاما، فلنسأل أهل البحرين كيف أهل المنامة!
ليس اعتراضا على جنسية مدير الفريق اليمنية، فالعمل الذي لا يستطيع القيام به إلا شخص محدد لا بد من احترامه وتقديره مهما كانت الجنسية، ونحترم كل الجنسيات، ولكن أين الكوادر الوطنية من هذا العمل؟
ألا يعمل حاليا في جامعاتنا 32 ألف أستاذ جامعي؟
ألا يوجد "واحد" منهم يستطيع القيام بهذا العمل؟ هم أهل مكة وأدرى بشعابها، خصوصا أنها خطة تحول وطنية، وأرجو ألا تعتبر هذه شخصنة، فاعتراضي على خطته المنفصلة عن الواقع.
ماذا عملت ماكنزي في الشرق الأوسط؟ ماكنزي ستحتفل العام القادم بعامها الـ60 في الشرق الأوسط، عملت خلالها على أكثر من 750 مشروعا للحكومات والوزارات والقطاعات الخاصة، والنتيجة جميعنا يعلم أحوال سوق العمل والوظائف والتطوير في دول الشرق الأوسط.
ماكنزي عملت مشاريع تطوير كثيرة في المملكة، ولكن ليس لها أثر إيجابي، وعلى وجه الخصوص هل لها أثر إيجابي في سوق العمل السعودي؟ ووزارة العمل السعودية؟
في منتدى جدة الاقتصادي 2011، بارك مدير ماكنزي آنذاك الشاب غسَّان الكبسي -مدير ماكنزي حاليا- قرارات الإصلاح الاقتصادي التي تم الإعلان عنها في مارس 2011، ووصفها بأنها تمثل "الحزام الآمن" للطبقة الوسطى، وذكر أيضا أنها تحتاج إلى كثير من الخطوات في الفترة المقبلة.
ها هو يفصح الآن عن تلك الخطوات بعد 5 سنوات بخطة كطائرة جامبو دون محركات بتاتا.
أخيرا، مساواةً بما عمله الشاب غسان في نوفمبر 2004، وقيامه بعمل مناظرة مدافعا عن خطة ماكينزي لتطوير وإصلاح سوق العمل البحريني مع المعترضين على الخطة، هل لنا أن نسعد بلقاء الكبسي، أو هل يمكنه تفسير تساؤلاتنا بتصريح أو مقال؟
فهذا وطننا، ولن نسمح لخطط وهمية أن تعّمق من الجراح، ولعلنا نجهل شيئا وينيرنا، وسنكون له من أول الشاكرين.