رغم ضخامة حجم الميزانية التي تصل إلى 860 مليار ريال مصروفات في عام 2014 - 2015، إلا أن ما يصل إلى 50 في المائة منها مخصص للرواتب والدعم، لاسيما الوقود والسلع الرئيسة بشكل عام.ووفقا للأرقام شبه الرسمية فإن مخصصات الرواتب الحكومية تتجاوز 200 مليار ريال، فيما يصل حجم الدعم من الوقود والسلع المختلفة إلى القيمة نفسها تقريبا، ودخلت المملكة في سباق مع الزمن حاليا لإقرار حزمة من الإصلاحات لتعزيز موارد الميزانية في ظل التراجع الكبير في أسعار النفط، كما تستهدف من جهة أخرى رفع كفاءة برامج الطاقة لتقليل استهلاك الوقود الذي يباع لقطاعات حيوية مثل الكهرباء بحوالى 20 في المائة فقط من التكلفة الفعلية.وتستهلك المملكة يوميا قرابة 2.8 مليون برميل من النفط، ما يضعها في المرتبة السادسة على العالم، وذلك رغم محدودية عدد سكانها الذي لا يتجاوز 30 مليون نسمة، وفى المقابل يبلغ استهلاك أمريكا من النفط 17 مليون برميل يوميا، كأكبر دولة صناعية منتجة على مستوى العالم.والواقع أن ارتفاع حجم الأجور في أكبر دولة منتجة للنفط في العالم يعد أمرا طبيعيا في ظل الطبيعة الاستهلاكية للمجتمع، وارتفاع القوة الشرائية، وزيادة الأسعار عالميا، إلا أن اللافت للنظر هو ضعف مستوى الإنتاجية مقابل الكلفة العالية في الباب الأول من الميزانية، ويستدعي ذلك ضرورة البحث عن الوسائل الكفيلة برفع أداء الكادر الحكومي البالغ حجمه أكثر من 1.1 مليون موظف حكومي.ويشير وزير الاقتصاد والتخطيط السابق محمد الجاسر إلى هذه الإشكالية مؤكدا أن إنتاجية الموظف السعودي أقل بكثير من الراتب الذي يتقاضاه ما يحتم ضرورة إعادة هيكلة القطاع الحكومي في مرحلة حساسة حاليا لم تعد تقبل الانتظار، أما دعم السلع والخدمات الذي يبلغ أكثر من 200 مليار ريال فيتركز على الوقود وبعض السلع والخدمات الأساسية الأخرى، وحسنا فعلت وزارة البترول بالتعاون مع وزارة التجارة بإطلاق البرامج التي تستهدف توفير استخدام الطاقة بداية من المكيفات التي تستنزف 70 في المائة من الطاقة الكهربائية في المنازل، وحتى تسريع الجهود لترشيد حركة السيارات الخاصة في الشوارع التى بلغت أكثر من 6 ملايين سيارة، وتترقب مختلف الأوساط اكتمال مشروع النقل العام بشكله النموذجي لتحقيق هذا الهدف.أما دعم بعض القطاعات مثل الزراعة والدواجن -والحديث مازال للجاسر- فيحتاج إلى إعادة نظر للتأكد من وصول الدعم إلى مستحقيه، بعد ما أثبتت التجربة حصول التجار عليه دون أن يساهم ذلك في انخفاض مستوى الأسعار، وإذا كان من الصعوبة إحداث خفض في مستويات الرواتب، فإنه من الضروري إحداث نقلة في أداء الموظفين على الأقل، أما الدعم فلابد من ترشيدة وتركيزه على القطاعات الأشد احتياجا.