درجات الخوف :-
ليس لدينا ميزان خاص لقياس درجة الخوف كقياس درجة الحرارة في الجسم ، بيد أن بعض علماء النفس قد جعلوا الخوف على درجتين : -درجة عادية ، ودرجة غير عادية وغير طبيعية ، وأدرجوا تحت كل درجة معايير خاصة تميزها عن غيرها .
وهو في حال كونه عادياً لا يخرج عن مساره الطبيعي ، ويتأَتَّى بسبب بعض المواقف والمثيرات التي تهدد حياة الإنسان وكيانه مما يدفعه إلى تجنب مصادر الخوف والضرر ، وهذا الخوف طبيعي وضروري لحماية الفرد ودفعه نحو العمل والسلوك النافع .
وفي حالة كونه غير عادي فهو مرض يدفع صاحبه نحو اليأس والقنوط ، ويحصل ذلك بسبب وقع المثير وبصورة شديدة ومتطرفة ، بحيث يصبح الخوف من الخوف عقدةً نفسيةً تحتاج إلى تقصي أسبابها وفحصها وعلاجها واتباع السُّبل المناسبة لوقاية الفرد منها.
فالخوف ليس أمراً معيباً لكونه غريزة فطرية ، وإذا استطاع الخائف كتم خوفه بين جنباته ، فإن أثر الخوف لابد من الظهور ، إما على صور مظاهر مرئية ترتسم على الجسد وإما بتجلجله في الصدر على صورة انفعالات غير مرئية .
وقد توصل علماء النفس والطب إلى أن انعكاسات الخوف تعتري الجهاز العصبي للمخ ، والمخ العضوي المُشَكَّل من مجموعة المراكز النفسية المحركة ، منابع التقليد والتخييل والانفعالات ، والمخ النفسي - جهاز التوازن ومركز الذكاء والإرادة - .
ويرى ( فرويد ) أن الخوف أو القلق أساس جميع الحالات العصبية .
ولهذا دخل الخوف في أغلب أنواع الاضطرابات الانفعالية والعصبية والانحرافات السلوكية والاجتماعية .
أعراض الخوف :-
يظهر الخوف على ملامح الوجه كاتساع حدقة العين أو التعرق أو وقوف الشعر أو العض على اللسان أو اصطكاك الأسنان…
كما يؤثر قي لون البشرة فيجعلها شاحبة مصفرة بعد الاحمرار وقد يتحول الاصفرار إلى ازرقاق .
ويظهر الخوف في صورة الإجهاد والضعف والارتجاف غير الإرادي أو التبول أحيانا…
وفي حالة النوم يتكور الجسم ، ويعجز الجسم عن السيطرة على أجهزة النطق فيخرس أحيانا…
ويشعر الخائف بالجفاف في حلقه فتتداخل الكلمات ، ويجيش أحيانا بالبكاء…
وأما عن التغيرات الجسمية الداخلية فتتمثل في تسارع دقات القلب، والارتفاع في ضغط الدم ، وسرعة في التنفس وصعوبته .
وعن الحالة العقلية والوجدانية والإرادية فيصاب الخائف بالضعف في الإدراك والتذكر والتفكير والتردد في اتخاذ القرارات ، فضلا عن عدم الشعور بمن حوله أحيانا ، بل يفقد الثقة بالآخرين ، ويستأسد على من هو أضعف منه…
ولا شك أن هناك وسائل تعبيرية شعورية إرادية يلجأ إليها الخائف كالتعبير باللسان أو القلم أو الهرب أو محاولة الخائف إقناع الطرف الآخر بالحل الوسط استعطافه أو اللجوء إلى التهديد باستخدام السلاح .
وهناك أيضا وسائل تعبيرية لا شعورية كاللجوء إلى الرسم والنحت والأدب والشعر والتمثيل أو الرغبة في الانتماء للجماعة.
أثر الخوف كما صوره القرآن الكريم :-
قال تعالى واصفا أثر الخوف على الشخصية الإنسانية:
{ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا . وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا . وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا } .
وقال تعالى:
{ فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم } .
وقال تعالى:
{ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك بالحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } .
وقال تعالى:
{ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام } .
فإذا أردت معرفة الخائف ؛ دقق النظر في ملامح الوجه ولون البشرة وحركات الجسم وأطرافه.تحسس نبرات الصوت ودقات القلب وحركة التنفس .
افحص الإدراك والتذكر والأفكار إن كانت رتيبة أم لا .
تحسس الوجدانيات ثم الإرادة فإن أمسكت بواحدة من تلك وقد خرجت عن المألوف فستجد أن الذي أمامك قد اعتراه الخوف بالفعل!!