من خلال احتكاكي في الكثيرين من موظفي الزراعة وصندوق التنمية الزراعية .. إكتشتف اني امام موظفين اعلاهم منصبا قد لا يعرف عن عالم الزراعة الا القليل جدا .. وبلا مبالغة استطيع ان اؤكد ان لدي من الثقافة الزراعية والاطلاع الزراعي ما يجعل موظفي الزراعة يحلقون حولي بكل اصغاء لو تحدثت عن عوالم الزراعة .. وانا لست الا شخص جديد في عالم الزراعة ..
وما اريد ايصاله في هذه المقدمة التي لم أوردها بقصد التقليل من موظفي وزاراتنا الزراعية .. هو انهم غير أهلا للنصح الزراعي على مستوى الدولة فكل ما يقدموه للدولة ماهي الا اجتهادات كثير منها ليس موفقا اطلاقا .. ولهذا وجدنا الدولة تتخبط ذات اليمين وذات الشمال في ملفها الزراعي مثل عندما تم ايقاف زراعة القمح .. ليتم استبداله بزراعة الاعلاف ..
وشاهدوا الفرق .. لتعرف فداحة خطا هذا القرار ..
القمح غذاء اساسي في حياة الشعوب وسلعة استراتيجة ويزرع فصل واحد من السنة .. في فصل الشتاء ومع هطول الامطار تقل كمية سقايته من الابار الجوفية .. كما ان فصل الشتاء لا يقوم بتبخير عالي للمياه .. فضلا انه يستهلك معدل مياه اقل من الاعلاف بما يجعل سقاية القمح لا تستهلك عشر سقاية الاعلاف ..
زراعة الاعلاف .. واستهلاكها للمياه ..
الاعلاف ليست سلعة استراتيجية .. وتستهلك من المياه عشر اضعاف سقاية القمح .. وهو غذاء حيواني وليس انساني .. لا يصل بدرجة اهميته الى القمح الغذاء الاول في حياة الشعوب ..
ارأيتم ... ؟!! أنّ من اشار على الدولة بوقف زراعة القمح وترك المجال مفتوح لزراعة الاعلاف ..أما انه فاقد الاهلية للنصح الزراعي او له مآرب أخرى .. كحال كثير من القرارات التخبطية التي تتُخذ ليس القصد منها الا تقديم مصالح شخوص على مصالح اوطان وشعوب ..
وليس هذا فقط .. بل ان زراعة النخيل لا تقل استهلاكا للمياه عن زراعة الاعلاف وتتجاوز استهلاك القمح .. بل الكارثة الادهى والاعظم ان زراعة النخيل من الكثرة ما جعل هناك قرابة 28 مليون نخلة في المملكة بل اذا تعمقنا اكثر .. نجد ان منطقة القصيم تعج بزراعة النخيل بالرغم انها منطقة نفوذ رملية اي كمية استهلاك المياه بها يتجاوز الضعف للمياه اللازمة للسقاية في التربة الطينية التي تحبس الماء ..
ومع هذا منطقة القصيم يوجد بها لوحدها اذا لم اخطئ اكثر من 10 مليون نخلة .. بالرغم ان تربتها رملية تتطلب سقاية مضاعفة لنفاذيتها العالية ..
كما ان التخبط يتضح اكثر تحت مبرر ايقاف الهدر المائي .. عندما يتم تطبيق كل قرار على كل مناطق المملكة وكأن كل مناطق المملكة بنفس الظروف والمعطيات .. دون وضع اعتبارات ان هناك مناطق قليلة المياه .. ومناطق كثيرة المياه .. وان هناك مناطق مأهولة بعدد سكاني كبير يصبح معها الامن المائي ضرورة أولى لسكان المنطقة وهناك مناطق قليلة السكان بحيث يصبح معها الامن الغذائي لكل مناطق المملكة ضرورة أُولى ..
فمثلا صندوق التنمية الزراعية يقدم دعم لزراعة النخيل والفواكه .. وكليهما لو نظرنا لها لوجدناها تستهلك مياه وبكميات كبيرة .. علما ان زراعة الفواكه في المملكة ليست ذات انتاج يرقى الى زراعته او الى دعمه .. فالفواكه ليست سلع استراتيجية .. ويمكن استيرادها من مناطق تتميز بالانتاج ذو الجودة العالية .. اذا ما قارناها بايقاف زراعة القمح الذي هو سلعة استراتيجية من الدرجة الاولى ..
إذن نحن نحتاج الى خارطة طريق للزراعة في المملكة تقوم على نظرة صحيحة وصحية بما يحقق أمن غذائي وأمن مائي في آن معا .. فلا يتم التفريط بالامن المائي مقابل الامن الغذائي ولا بالامن الغذائي مقابل الامن المائي .. وانما بالحفاظ على العنصريين عبر خارطة طريق زراعية تحدد المناطق التي يجب ان نرفع فيها مستوى الامن العذائي والمناطق التي يجب ان نرفع فيها من اهمية الامن المائي ..
فمثلا منطقة حائل والشمال عموما .. منطقة تتميز بتكوين الساق الجوفي وهو اكبر متكون مائي في المملكة و غزير جدا يتم تغذيته من منكشفات العراق وسوريا سنويا في موسم نزول الامطار .. وما زال المتكون المائي قادر على تأمين الامن الغذائي دون الاضرار في الامن المائي .. عكس القصيم التي تتميز تربتها بالرملية وبالنفاذية العالية لمياه الري مما يتطلب سقاية مضاعفة ..
لنجد ان القصيم مليئة بالنخيل التي لا تقل استهلاكا عن الاعلاف وتزيد عن القمح في استهلاكها في عمليات الري علما انها منطقة ماهولة بعدد سكان كبير مما يتطلب رفع اهمية الامن المائي بها اولا وليس الامن الغذائي .. عكس منطقة حائل والشمال التي يمكن تامين الامن الغذائي بها لقلة ساكنيها .. قبل الامن المائي ..
ليكون القرار الصحيح هو دعم زراعة القمح في منطقة حائل والشمال مع ايقاف زراعة الاعلاف مقابل تقليل زراعة النخيل في منطقة القصيم وعدم السماح بزراعة القمح في مناطق اخرى .. لا يتوفر بها مياه غزيرة ويُخشى نضوبها سريعا
مع التذكير ان مناخ حائل وتربتها حققت اعلى معدل انتاج للقمح لتميز مناخها بانخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء واعتدالها ربيعيا مما يساهم في انتاج محصول قمح بزمن ابكر ووبوقت اقصر من المناطق الاخرى وهذا يوفر مياه اكثر عندما تقصر فترة المحصول ..
وبالتالي يكون هناك استثناءات لكل منطقة وظروفها .. بما يحقق معادلة الامن المائي والغذائي ..
اما الاعلاف .. فيجب دعم زراعة اشجار اليسر كعلف للماشية .. فهذه الشجرة تستهلك 20 % مما يستهلك البرسيم من المياه لتعطي انتاج اكثر بستة اضعاف انتاج البرسيم مع التأكيد على ان هذه الشجرة تقدم من البروتينيات والاملاح والفيتامينات للاغنام ما لا يتوفر في البرسيم .. علما انه يمكن زراعتها على مياه مالحة وغير صالحة للشرب اطلاقا ..
مع ايقاف دعم الزراعات مثل الفواكه وبعض الاشجار التي لا تضيف قيمة حقيقة للزراعة وتستهلك المياه
مع تطبيق برنامج بذر الصحاري في الوسم للاشجار الصحرواية وذلك لاعادة المراعي من جديد للانعاش الثروة الحيوانية خصوصا في الارياف الشمالية
هنا نكون عدلنا من الخارطة الزراعية بما يتناسب مع مناخ وتربة كل منطقة ووضعنا في الاعتبار العدد السكاني لكل مدينة ومدى وفرة المياه بها
بما يجعلنا حققنا معادلة استغلال وترشيد موارد بشكل يحقق تنمية مائية وغذائية وحيوانية للمملكة ..
اما على صعيد طرق التنظيم والتوجيه الزراعي الذي هو مسئولية وزارة الزراعة .. فما يحدث في اسواق الخضار من التخلص من اطنان من الخضروات التي فسدت بسبب الوفرة في الانتاج المتزامن الذي تسبب به عدم وجود ارشاد زراعي تسويقي فعال .. يتجاوز 70 طن يوميا في احد اسواق المملكة وهو سوق العزيزية ..
وهذا يعتبر خسارة فادحة ماديا وغذائيا ومائيا .. تسبب به عدم وجود ارشاد زراعي يقود الزراعة في المملكة ويوضح الاحتياجات والمحاصيل الزراعية بما ينظم الزراعة وبما يحقق مرابح للمزراعين وللناتج القومي ..
فتضارب الاستيراد مع التزامن في زراعة محصول معين في وقت واحد مع غياب وسائل حفظ كبيرة للمحاصيل مع ضعف رقابة على الاسواق وتلاعب الوافدين في اسعار المنتجات ادى الى انعكاسات مضرة ليست للمزراع فقط .. بل للمواطن وللناتج القومي ايضا .. عن طريق ارتفاع الاسعار واختلالها ..
ومن هنا انا اعلنها علن لمعالي وزير الزراعة الفضلي .. كوني احد مهندسي الانظمة .. اني قادر على ايجاد وتصميم انظمة تقنية تكون خارطة طريق للزراعات في المملكة بشكل فعال وتكون قريبة لكل مزارع وتمد له يد العون في كل ما يحتاجه لاقامة زراعة صحيحة ورابحة تخدم المزراع والمواطن والبلد ..
وبحيث تتولي عملية تسويق مبكرة تجعل المزراعين يبدأون زراعتهم دون مخاطر زراعية مع ضمان تسويق منتجاتهم قبل البدء بها .. بما يجعل هناك تنظيم زراعي ينتهي بتسويق زراعي رابح وبما يجعل اسعار المنتجات الزراعية اكثر ثباتا واتزاننا وبما يفك من سيطرة الاجانب على اسواقنا الغذائية بشكل كلي ..
وكل ما احتاجه هو دعم الوزارة لي وساقوم بتنفيذه في مدد قصيرة جدا .. والله على ما اقول شهيد ..