من يملك حق تفسير مواد الأنظمة لدينا؟من الإنصاف للميت منح المستحقين راتبه التقاعدي
تنص المادة الخامسة والعشرون من نظام الخدمة المدنية على أن :
(المستحقون عن صاحب المعاش هم: الزوج أو الزوجة والأم والأب والابن وابن وبنت الابن الذي توفي في حياة صاحب المعاش والأخ والأخت والجد والجدة وفيما عدا الزوجة والابن والبنت فيشترط لاستحقاق الشخص أن يكون معتمدا في إعالته على صاحب المعاش عند وفاته.
ويحدد مجلس الإدارة بقرار منه متى يعتبر الشخص معتمدا في إعالته على صاحب المعاش وإجراءات إثبات ذلك).
هنا النظام استثنى الزوجة والابن والبنت من أن يكونوا معتمدين على المتوفى في الإعالة والذي افهمه هنا رغم أن المنظم لم يذكره أن الزوجة والابن والبنت إذا كانوا موظفين مثلا فان ذلك لا يحرمهم من معاش المتوفى لكن الواقع يذكر لنا حالات حرمت فيها الزوجة من معاش زوجها التقاعدي لأنها موظفة.
وحالات أخرى حرم فيها من يعولهم المتوفى من قرابته لكنه لم يذكروا في المادة؟
والسؤال :
من يملك تفسير النصوص في الأنظمة؟
وهل يمكن للمؤسسة العامة للتقاعد أن تفسر النصوص وهي الخصم والحكم؟
ماذا عن حقوق الأرملة الموظفة في حال عدم وجود الذرية؟
مدخل :
في البدء فانه من الخطأ فصل نصوص النظام وتفسيرها بمفردها دون العودة إلى القاعدة العامة لكننا وفق ما يشهد الواقع نجد بعضا من عدم الالتزام بالنظام من قبل بعض الجهات ربما لعدم تحديث النظام بما يناسب مستجدات العصر..او بسبب الخطأ في قراءة النص ولمن يقرأ بنود أنظمة بعض الأجهزة يلحظ أن كثيراً منها غير واضح في نصه .
فهل من المفيد أن تفسر مواد النظام دون أن يكون هناك جهة منوطة بهذا العمل الخطير.
إن مجلس الشورى لدينا هو الجهة المنوطة بمثل هذه المهمة ولذلك فان لديه إجابات لكافة الأسئلة المطروحة حول نظام التقاعد المدني وتطبيقات المؤسسة العامة للتقاعد.
الأرملة الموظفة !
لا يوجد نص في الشريعة الإسلامية يحرم الزوجة الموظفة من حقها في مستحقات زوجها المتوفى المادية أو راتبه التقاعدي الذي هو مستقطع من راتبه في حياته ،فاستقلال الزوجة ماديا لا يسوغ حرمانها من حقها في تركة الزوج
لكن السؤال : هل الراتب التقاعدي الذي يأخذه ورثة الموظف المتقاعد ثم المتوفى، يعتبر جزءاً من التركة أم هو حق من حقوق ورثة الموظف بحيث لا يرتبط بما على المورث من دين أو وصية؟
أجاب على هذا السؤال من القراء في جريدة الجزيرة العدد الصادر يوم الأربعاء 6،ربيع الثاني 1422هـ فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء قائلا: (الحمد لله، الذي يظهر لي أن الراتب التقاعدي بعد وفاة الموظف لا يعتبر من التركة، وإنما هو حق لورثة المتوفى وفق تنظيم ولي الأمر في تقدير الاستحقاق لكل وارث للموظف المتقاعد والمتوفى، ولهذا لم يكن من علمائنا اعتراض على تقسيم الراتب التقاعدي على ورثة المتوفى، ولو لم يكن ذلك خاضعاً لأحكام المواريث. والله اعلم)
المعروف انه في حال اعتبر الراتب التقاعدي من التركة فانه تقدم الديون وينظر إلى اسهم الورثة والزوجة بالطبع ضمن الأسهم
ولكن الراتب حين لا يكون من ضمن التركة فانه هنا يمكن لمن يفسر نصوص النظام وفق هواه أن يحرم الزوجة الموظفة من حقها في راتب زوجها التقاعدي في حال لم تنجب ذرية أو بحجة أنها مستقلة ماديا .
المسؤولية والواقع :
نظام الخدمة المدنية في المادة الخامسة والعشرين منه لم يستثنى الزوجة والابن والبنت من حقهم في تقاعد الزوج المتوفى ولم يشترط ان يكون المتوفى عائلهم كما في في النص (وفيما عدا الزوجة والابن والبنت فيشترط لاستحقاق الشخص أن يكون معتمدا في إعالته على صاحب المعاش عند وفاته) لكنه عاد ليقيد اعتماد الشخص في إعالته على المتوفى وفق تحديد مجلس الإدارة إذ ينص بالقول (ويحدد مجلس الإدارة بقرار منه متى يعتبر الشخص معتمدا في إعالته على صاحب المعاش وإجراءات إثبات ذلك).
ويتحدث عن هذه المادة د. محمد اليماني في مقالة له نشرت عام 1999م في جريدة الجزيرة عن نظام معاشات التقاعد قائلا:
(وإذا كان النظام يرى أن من يستحق معاش المتقاعد هم من يعولهم الشخص حال حياته فلماذا يحصرون في بعض الورثة كما نصت المادة الخامسة والعشرون، إذ المفترض أن يستفيد من معاش المتقاعد كل من كان يعتمد عليه حال حياته.
فلو وجد متقاعد يعول أولاد أخيه المتوفى وتوفي هذا المتقاعد فإن أولاد أخيه لا يستحقون شيئا من راتبه لأن النظام لم ينص على استحقاقهم لشيء من راتبه التقاعدي وهذا يتعارض مع ما نص النظام عليه صراحة في مذكرته الإيضاحية من أن الحكمة المتوخاة في هذا الجانب هي تأمين الأشخاص الذين كان يعولهم صاحب المعاش في حياته، بضمان ألا يفقدوا - بوفاة صاحب المعاش - الدخل الذي يحتاجون إليه).
هنا يلفت النظر الدكتور اليماني إلى استثناء النظام للزوجة والابن والابنة من شرط الإعالة كونه في الأصل أن المتوفى مسؤول عن إعالتهم لكنه يطرح نقطة خطيرة وهي تجاوز النظام لمن يستحقون راتب المتوفى بحكم إعالته لهم في حياته لكن النظام لم يذكرهم .
من الواقع:
نشرت جريدة الجزيرة يوم الأحد 14ربيع الثاني 1421هـ رسالة مواطن إلى مصلحة المعاشات والتقاعد قال فيها :
توفي والدي عليه رحمة الله وقد خدم عدداً من السنوات و بدأ صرف الراتب التقاعدي الذي كان في كل عام ينقص حتى لم يعد شيئا مذكوراً. كلما كبر ولد أو تزوجت بنت خصم نصيبه حتى صار لا يفي حتى بفواتير الكهرباء وبعض المستلزمات المعيشية الأولية علماً بأننا نحن الأولاد كبرنا وزاد مصروفنا ولم يتوظف منا أحد؟!.
فسؤالي موجه إلى المؤسسة العامة للتقاعد: "ما الذي جعل تقاعد والدي في كل عام يخصم منه بعدد من يحصل على بطاقة أحوال من الأولاد وبدون النظر إلى أن مصدر رزقهم الذي لا يزال معلقاً على الراتب التقاعدي فهم لا يزالون خارج السلم الوظيفي"؟!.
والسؤال هو المال المقتطع من راتب الموظف الذي يخدم الدولة في حال موته لماذا يتناقص مادام الورثة ليس لهم عائل ولم يلتحقوا بأي وظيفة؟
وما الذي يمنع ورثة أي إنسان أن يحصلوا على تقاعد المتوفى وهو قد اخذ من راتبه الأصلي؟
ليس من السهل على أي أسرة لمتوفى أن تظل في حالة إلحاح من اجل الحصول على حقوقه المادية ، رغم انه حق مشروع لورثة المتوفى ويصبح الحال اكثر إيلاما إذا توفي الموظف فجأة وكان عليه ديون مستحقة .
القضية أن هذا المال اقتطع من راتب موظف الدولة في حياته فلا أحق به من ورثته أو أن يخصص لسداد ديونه
حال المتوفى بعد وفاته:
وهنا رسالة وصلتني تحكي صورة من مشهد أليم يتكرر لقد اغفل النظام نقاطا مهمة لم يتطرق لها وهي :
1إذا كان المتوفى متزوجا وله زوجة بدون أبناء- وهي موظفة، فإنها لا تستحق راتب التقاعد حتى لو كان له والدان واثبت انه لا يعولهم.
2إذا كان المتوفى له زوجة ( غير سعودية) وله أبناء، لا يصرف للزوجة راتب التقاعد.
هناك من يتضرر بسبب عدم صرف المستحقات لورثته من بعده خاصة إذا كان عليه ديون .
أليس من حق أهل المتوفى استلام مستحقاته وسداد ديونه في حال تم الإثبات بمستندات انه مُدان سواء من شركات كالسيارات أو المنازل خاصة وان بعض الأشخاص المتوفين يكون قد خدم في القطاع الحكومي لمدة طويلة كيف يمكن لعدم وجود الذرية وعمل الزوجة أن يحرمها من مستحقات الزوج المتوفى فإذا كان مديونا من يسدد دينه؟
وكيف غاب عن المنظم أن بعض الورثة يمكن أن يصرفوا الاستحقاق في إنشاء وقف له أو صدقة جارية أو المساهمة في أي مشروع يعود على المتوفى بالأجر حتى لا يحرم من الثواب، وهذا يدخل تحت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقةٌ جارية أو علم نافع أو ولد صالح يدعو له".
3أن الموظف إذا توفي هو وزوجته (المتوفية الموظفة) فان الأبناء لا يصرف لهم إلا راتب واحد من المتقاعدين فقط وهو الراتب (التقاعد) الأعلى سواء كان للأم أو الأب.
هل هذا البند يشمل الورثة على اختلاف مستوياتهم المادية؟ وماذا لو أن كلا الوالدين يعملان براتب زهيد؟
لماذا لا يحصل الورثة على راتبي التقاعد،أو لم يقتطع المال من راتبي الزوجة والزوج في حياتهما؟!
حالات جديدة:
من المؤكد أن دخول المرأة السعودية متأخراً إلى سوق العمل لم يترك مجالا للاهتمام بوضعها الوظيفي ولذلك خلت بعض مواد الأنظمة لدينا من التطرق إلى حقوقها بنصوص صريحة.
وقد ترتب على توظيف المرأة أن يكون للعائلة الواحدة عائلان الزوج والزوجة وكلاهما مشمولان بنظام التقاعد فكيف يتم التعامل مع هذه الحالة هل يصرف لكليهما ولمن يعولان حسب النظام معاش تقاعدي أم يصرف للزوج مثلا فقط؟
في العدد الصادر من جريدة الجزيرة يوم الجمعة 6ذو الحجة 1423هـ ذكرت الأستاذة "فاطمة العلي " رئيسة القسم النسائي بالمؤسسة العامة للتقاعد أنه (فيما يتعلق بصرف معاش الموظفة المتوفى لورثتها الشرعيين المستفيدين بعد الوفاة بخلاف ما يشاع بأن الموظفة المتوفاة يحرم المستفيدون من ورثتها من معاشها، وهو أمر غير حقيقي مطلقاً وما يحدث هو أن النظام لا يقر صرف راتبين لمستفيد واحد لذا فان الأسرة التي مات فيها الأب والام مثلاِ وكانا موظفين حكوميين فان المؤسسة تصرف للورثة المستفيدين المعاش الأكبر فيهما، كما أنها تصرف للمستفيدين الآخرين المختلفين (متواجدين في أماكن مختلفة وكل شخص يرغب الصرف في بطاقة مستقلة) لكل منهم حقهم هذا أمر معمول به في كل أنظمة صرف المعاشات في العالم).
الحقيقة أنني لا اقبل التعميم وليس صحيحا أن النظام المعمول به في المؤسسة العامة للتقاعد لدينا مطبق في كل أنظمة صرف المعاشات في العالم كما أفادت الأستاذة "العلي" وإلا لذكرت مثالا واحدا.
من المعروف أن الدول تختلف في نظرتها إلى مفهوم حق التقاعد فالدول الغنية ترى انه حق ملزم ومكتسب بينما الدول الفقيرة يمكن أن تراه مجرد سد لعازة الشخص
من يجيب؟ :
تفاجأت وأنا اعد لهذه المقالة بطرح الموضوع على لسان كتاب ومواطنين لكنني لم أجد نصا منشورا لإجابات من قبل المسؤولين في وزارة الخدمة المدنية أو المؤسسة العامة للتقاعد وارجو أن يكون بحثي قاصرا على أن تكون الجهات المسؤولة في غياب عن مصلحة المواطنين
ومما قرأت أورد الملاحظات التالية :
1- يقطع راتب الموظف المتوفى التقاعدي بالكلية في حالات توظف الأبناء أو زواج البنات، أو زواج الزوجة حتى ولو كان ذلك بعد وفاة الموظف مباشرة.... !!
2- يقسم راتب الموظف المتوفى في البداية على أولاده الذكور والإناث والزوجة سواء كانوا موظفين أو متزوجين أو صغاراً ثم لا يصرف إلا للمضطرين فقط. أما الكبار المتوظفين والنساء المتزوجات فيقسم عليهم ولايصرف لهم...!!
3- هناك حالات يتوفى فيها الموظف وجميع من خلفه حسب القواعد التي يسير عليها نظام التقاعد حالياً لا يستحقون شيئا وينقطع صرف الراتب البتة. !!
والسؤال المهم : هل راتب التقاعد الذي اكتسبه الموظف بعمله والذي كان يقتطع أصلاً من رواتبه طيلة حياته الوظيفية حق له أم هو صدقة تعطى له ثم تسحب منه عندما يتوفى، وماهي مسوغات المؤسسة العامة للتقاعد بقطع الجزء الأكبر من معاش المتقاعد بعد وفاة صاحبه؟
ولماذا تحرم الأرملة الموظفة التي لا أولاد لها من تقاعد الزوج؟
ولماذا يحدد النظام المستحقين فئات محددة بشرط إعالة المتوفى لهم وهناك فئات أخرى كان يعولها قبل وفاته؟
لم تنته الأسئلة مادام هناك موظفون في كل شهر يعرفون ان جزءاً من مالهم يحفظ لهم لكنه ليسوا متأكدين أن ورثتهم سيأخذونه.