سعيد أحس سعيد بحاجة ماسة إلى هواء نقي يدخل رئتيه ويبعث فيهما النشاط بعد ليلة شديدة السواد فنظر إلى أخيه وسأله الخروج سوية إلى الشارع وحينما سارا معا كان الزقاق مظلما في غالبية أجزائه ولم تصل إليه خيوط الفجر لتعانق أسطح المنازل مع بعضها والقطط الجائعة تبحث عن لقمة لها وسمع لإقدامهما صدى رتيب في الجوانب وصمتا مطبقا . شعر سعيد بالهوان في أوصاله والضعف في جسده فتأبط ذراع أخيه الذي شده إليه برفق وحنان سعيد لم يكن يوما سعيدا كما يبدو من اسمه والده التقى بأمه في بلد أجنبي وتزوجها ورزقا بسعيد الطفل الوديع الذي يشبه والدته كثيرا بالملامح والتصرفات عاش طفولة جميلة بين والديه ومحبة عطرة كانت والدته ترغب أن تسميه اسما تحبه هيا ولاكن والده أصر على اسم سعيد لأنه اسم جده ولم تكن هناك مشكلة واستمر الحب والحنان بين والدي سعيد وبلغ الخامسة من عمره وتدور الدوائر والحال مهما استمرت فهي في تبدل وسبحان مغير الأحوال أراد والد سعيد العودة للوطن فقد اشتاق إلى والديه وأهله ومل من الغربة وهنا كان مالم يكن بالحسبان لم ترضى والدة سعيد مغادرة وطنها والذهاب إلى بلد زوجها وبدأ صراع بين الزوجين مؤلم وكريه شجار وعنف وشتائم لم يعهدها بين والديه انتهى المطاف بأن تخلت والدة سعيد عن ولدها ولم ترضى السفر مع زوجها وحدث ما حدث وعاد أبو سعيد مع ولده إلى وطنه و ومشاعر الشوق واللهفة إلى لقاء أهله وأخوته ورغبته أن يستقر في بلده لأنه جمع من المال ما يكفي ويزيد سعيد لم يكن سعيدا بهذا التبدل السريع ولم يتقبل فكرة ابتعاده عن أمه ووجد كثيرا من الصعوبات في حياته الجديدة خاصة أن والده تزوج ثانية وبوقت قصير من ابنة عمه وبقي سعيد فترة لدى جده وجدته ووجد كثيرا من المفارقات والصعوبات في فهم الحياة الجديدة في مجتمع شرقي أثرت جدا بنفسيته وسلوكه . مضت الى الان عشرون سنة زمن طويل وأصبح لسعيد ثلاثة اخوة من زوجة أبيه بنتان وصبي أحبهم وأحبوه . سعيد شاب بسيط جدا انهى دراسته بتفوق وكان مثال الاخلاق والاستقامة والخجل ولاكن سمة الحزن وملامحها كانت بادية على محياه ويشعر بها من ينظر اليه أو يجلس معه وكم تسائل زملاؤه عنه وعن أهله والسر وراء حزنه الدائم ذات يوم عاد للمنزل ولم يجد أحد فجلس في حديقة المنزل وتناول سندويشة تركتها له زوجة ابيه أخذت عيناه تجولان بالمكان فهذه شجرة البرتقال قد كبرت ودالية العنب تفرش الكثير من ارواقها الخضراء وزفر بوجدان متألم وصعد نظره الى أعلى متجاوزا اعالى الأشجار والسطح وفجاة التقت عيناه بعيني ابنة الجيران وكانت تنظر ربما إليه من شباك نافذتها ارخى بصره الى الأرض خشية أن تظن به السؤ وقلة الأدب وخجل من نفسه كثيرا ولاكنه تجرأ ثانية ورفع عيناه ثانية اصطدم ثانية بعيناها وهي تنظر اليه بهدؤ وعلى وجهها ابتسامة هادئة وكأنها ترسل إليه برسالة احس برعشة قوية تهزه هزا وشعر بقلبه يكاد يقفز من قفصه الصدري وصعد الدم حارا الى وجهه واحمرت وجنتاه وبدا احمرار خدوده واضحا على بشرته البيضاء الناصعة ولم يدري ما يفعل سوى ان دخل غرفته خجلا سعيد كان يجد صعوبة كبيرة بالتعامل مع البنات خاصة ايام دراسته كان يخجل كثيرا وتتسمر الكلمات في حلقه ولا يعرف كيف يتصرف على عكس زملاءه وإمكانياتهم الفذة في تلطيش الكلمات البذيئة للفتيات ومحاولاتهم الكلام معهم والتقرب اليهم والتودد الي البنات وكان يجد ذلك شيئا منافيا للاخلاق والقيم التي تربى عليها مرت ايام متتالية وتتالت جلسات متكررة في حديقة المنزل وتبادل النظرات بين سعيد وابنه الجيران وهكذا دخل عصرا جديدا مليئا بالدفء وتذوق النظرات وأخذ يستجمع ماضيه الكالح ويقارنه بهذه الثواني العبقة بالحب والمشاعر الطيبة التي لم يعهدها غيرت معالم حياته فأصبح معتنيا بملابسه ويصفف شعره الاشقر بطريقة جميلة وأخذ أخوته يبدون اعجابهم بجمال أخيهم ورقة اختياراته لملابسه وذوقه الكبير وغمز له أخية الاصغر بطرف خفي وكأنه فهم تبدل حال اخيه المفاجئ انه الحب يبدل حياة الانسان من التعاسة الى الهناءة في أحدى جلساته في الحديقة كتب سعيد رسالة الى محبوبته الجميلة وسهر الليلة كلها في انتقاء حروفها ومعانيها وعبر فيها عن حبه الكبير لها وعن رغبته أن يتقدم لخطبتها والزواج وانه يكن لها من الحب الكثير الكثير ورمى لها برسالته المعطرة والتي تحمل الكثير من معاني الحب ونظراته موجهة اليها عندما فتحت الورقة وقرأت مافيها وبادلته بابتسامة وأغلقت النافذة وارخى الليل سدوله وهدأ المكان وكان سعيد يعيش أحلام رسالته التي قذفها الى النافذة وحينما عاد لسريره أحس بنشوة غامرة لتسلم أول فتاة رسالة منه وفرح أن تلك الفتاة لم تسخر منه ولم تضحك عليه وانها احترمت مشاعره ونام مستقر البال يحلم باللحظات السعيدة أنتظر أياما جوابها دون فائدة وأخذت اللحظات تطول في حياته وأخيرا وبعد طول انتظار أتى الجواب اخيرا فتحت تلك النافذة وأطلت بوجهها الجميل وابتسامتها الحلوة ورمت له ورقة واغلقت النافذة بسرعة فتح الورقة ولم يجد بها سوى قرأت رسالتك ... والرد انني غير مستعجلة والى اللقاء . اعتراه غم مسيطر وقاتل ولم يفهم لردها معنى اعطاه العذر ولربما هيا لم تفهم قصده لذا عبرت عن حيرتها بعدم الاستعجال ولام نفسه كثيرا وخشي أن يكون لكلماته أن تكون أزعجتها أو فهمت معنى الرسالة بشكل مختلف أو انها فسرتها على انها محاولة منه أن يلعب بعواطفها...............واشياء كثيرة دارت بذهن سعيد اتعسته واحزنته مرت ايام طويلة وبطريق عودته وقع نظره على ما لم يتوقعه أبدا وجد فتاته التي يحبها حبا كبيرا بصحبة شاب في الحديقة يجلسان مع بعضهما وهيا تلبس من الثياب الفاضحة ويضحكان مع بعضهما بطريقة عجيبة تقدم منهما وتجرأ قليلا لانه عرف الشاب التي هيا بصحبته وسلم عليهما بكل احترام وهيا بادلته بعض نظرات السخرية ودار نقاش بسيط لن انقله لكم لكنه كان مؤلما كثيرا لسعيد الذي عاد مسرعا الى البيت وقلبه يكاد ينفطر من الالم في تلك الليلة لم يستطع سعيد النوم والافكار تصارعه والسواد يحيطه من كل جانب وفي أعماقه موجات غريبة تحثه على الانتحار والتخلص من الحياة وضعفت مقاومته وتشتت آماله وانهارت أعصابه وامتدت يده الى الدرج أخذ منه علبة وبدأ في تناول حبوبها وعند ابتلاعه الثالثة أحس بألم عنيف في معدته الخاوية وشعر بتمزق أحشائه وازداد الالم عليه وأخذ به شعور بالقيء ولم يجد نفسه الا وهو يصرخ من الالم استيقظ أخوه على صوته وجينما اشعل الضؤ شاهد شحوب وجهه ولاحظ العلبة في يده فأسرع إليه وأمسكه وأخذه الى الحمام وهناك دفعه دفعا لافراغ مافي معدته وغسل له وجهه واعانه على العودة الى السرير عندما استلقى سعيد امسك بيد اخيه واجهش في بكاء مرير نظر شقيقه إليه بعين المودة والحزن وقال له لماذا آذيت نفسك فالتفت اليه سعيد وصارحه بما يعتمل بنفسه ومن تلك الكلمات التي قالها لقد كنت أحبها باخلاص وتصورت أنها تفعل ذات الشيء ... أعطيتها قلبا صافيا مليئا بالعاطفة الصادقة والمودة الدائمة ... ولم أتصور أن كل هذا عديم القيمة لها فقد كنت شيئا تافها بالنسبة لها لاقيمة له ولم أكن سوى مجرد تسلية .......... قال له شقيقه لقد شاهدتك مرارا تشير لها وهي معروفة بحركاتها ومشاكلها في الحي ولم أحاول التدخل بحياتك حتى تعيش تجربتك كاملة لاكن لم اتصور أن تصل بك الى هذا الحد فهي لاتستحق حتى دمعتك فكيف حياتك....الحب نبتة حلوة ومقدسة لاكنك لم تعرف أين تزرع بذرتها لذا انبتت علقما ذقت مرارته بقسوة .... حاول مرة ثانية البحث عن انسانة طيبة تقدر الاخلاص وصدق العاطفة والحب بهذه الكلمات انهى شقيقي الأصغر حديثه وتمنى ليا حياة سعيدة مع من سوف القاها ثانية احبها وتحبني وخرجنا قليلا الى الشارع من اجل بعض الهواء النقي وانتهت تلك الليلة على خير واشرقت شمس ذلك اليوم ثانية وحمدت ربي انني مازلت على قيد الحياة ولا ادرى ما أقول نهاية الكلمات
المواضيع المتشابهه 
سعيد.... 
العرض الشجري
