الشاعر الاموي الاخطل
هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة التغلبي الوائلي ويكنى أبو مالك ولد عام 19 هـ، الموافق عام 640م، وهو شاعر عربي ينتمي إلى بني تغلب بن وائل بن ربيعة، وكان نصرانياً، وقد مدح خلفاء بني أمية بدمشق في الشام، وأكثر في مدحهم، وهو شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ في دمشق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة (الجزيرة السورية).
نظم الشعر صغيرا، ورشحّه كعب بن جعيل شاعر تلب ليهجو الأنصار، فهجاهم وتعززت صلته ببني أمية بعد ذلك، فقرّبه يزيد، وجعله عبد الملك بن مروان شاعر البلاط الرسمي، ينافح عن دولة بني أمية، ويهاجم خصومها. أقحم نفسه في المهاجاة بين جرير والفرزدق حين فضّل الفرزدق على جرير، وامتدّ الهجاء بينه وبين جرير طوال حياته وقد جمع أبو تمام نقائض جرير والأخطل.
برع الأخطل في المدح والهجاء ووصف الخمرة، ويتهمه النقاد بالإغارة على معاني من سبقه من الشعراء، والخشونة والالتواء في الشعر والتكلّف أحيانا، وهو في نظرهم شاعر غير مطبوع بخلاف جرير، ولكنه واسع الثقافة اللغوية، تمثّل التراث الأدبي وأحسن استغلاله.
توفي الأخطل في السبعين من عمره سنة 92 هـ، الموافق عام 710م، في السنة الخامسة من خلافة الوليد بن عبد الملك. ولا تتوافر معلومات موثقة عن مكان وفاته، والأرجح أنه مات بين قومه في الجزيرة. وقد مات على دينه
ألا لا تلوميني على الخَمْرِ عاذِلا
ولا تهلكيني، إنَّ في الدهرِ قاتِلا
ذريني فإنَّ الخمْرَ مِنْ لذَّة ِ الفتى
ولوْ كنتُ موغولاً عليَّ وواغلا
وإني لشرابُ الخمور معدّلٌ
إذا هَرَّتِ الكأسُ الرِّخامَ التَّنابِلا
أخو الحرب ثبتُ القولِ في كلّ موطنٍ
إذا جشأتْ نفسُ العبي المحافلا
أماويَّ لولا حبكِ العامَ لم أقعْ
بمصرَ ولم أنظرْ ببيعي قابلا
كما منعتْ أسماءُ صحبي ومزودي
عشية َ قربتُ المطية َ راحِلا
مصاحبَ خوصٍ قد نحلنَ كأنّما
يقين النفوسَ أن تمسَّ الكلاكلا
إذا كان عن حينٍ من الليلِ نبهتْ
بأصْواتِها زُغباً تُوافي الحواصِلا
توائم كُسْيَتْ بعد عُريٍ، وأُلبسَتْ
برانسَ كدراً لمْ تعنَّ الغوازلا
طوالِعُ مِنْ نَجْدِ الرَّحوبِ كأنّما
رَمى الآلُ بالأظعانِ نَخْلاً حَوامِلا
ظعائنُ لَيْلى والفُؤادُ مُكَلَّفٌ
بليلى وما تعطي أخا الود طائلا
أبتْ أن تردّ النفسَ في مستقرها
وما وصلت حبل امرئ كان واصِلا
فسَلِّ لُباناتِ الصّبى بجُلالَة ٍ
جُماليّة ٍ تطوي علَيْها المجاهِلا
كأنّ قتودَ الرحلِ فوقَ مصدرٍ
تَرعّى قِفافَ الأنعَمَينِ فعاقِلا
يحدرُ عشراً لا يرى العيش غيرُها
مشيحاً عليها في المغارِ وحاظلا
فظلت عطاشاً وهو حامٍ يذُودها
يخافُ رماة ً موقفين وحابلا
إلى أن رأى أن الشريعة َ قد خلتْ
وأتبعَ منها الآخراتُ الأوائلا
وأبصَرْنَ إذْ أجلينَ عَن كلّ تَوْلَبٍ
أبا الشبل بين الغيض والفيضِ ماثلا
فأدبرَ يَحدُوها كأنَّ زِمالَهُ
زِمالُ شَروبٍ وجْعَ مِنْهُ الأباجِلا