من انهيار الأسهم.. إلى فقاعة العقار خالد بن عبدالعزيز العتيبي العلاقة بين الأسهم والعقار هي علاقة عكسية وقديمة ومازالت قائمة، ومن عايش ألم الانهيارات سيتذكر أحداثاً أهمها انهيار عام 2006 م. وذلك الانهيار الكبير الذي لحق بسوق الأسهم السعودية أعقبه انتعاش مباشر وتدريجي لأسعار العقار حيث فتكت المضاربات بأسعار الأراضي البيضاء وبنسب تجاوزت 500 بالمئة أو أكثر على مدى نحو 10سنوات. ومنذ فترة بعيدة وقناتا الاستثمار الوحيدتان في المملكة الممثلتان في سوقي العقار والأسهم وهما تتنافسان على جذب الأموال، وكل قناة يكون ركودها أو نشاطها على حساب الأخرى، فحين تتضخم قناة العقار وتخرج منها الأموال المستثمرة فإنها تذهب مباشرة إلى قناة الأسهم بعد أن تترك آثارها السلبية على العقار، وتتضخم الأسعار في الأسهم وتنخفض وتركد الأولى، وهكذا دواليك طيلة العقود الثلاثة الماضية وهي على هذا النسق المتوازن ما بين خروج الأموال ودخولها، وتتناوبان بينهما بفترات الانتعاش والركود و"بالحد المقبول". ولكن طيلة تلك العقود الثلاثة التي ذكرت لم يمر تضخم على أسعار الأسهم كما مرت به قبل انهيار 2006م، وهو الانهيار الذي شارف على اكمال عقده الأول من الزمان، حيث لم يتبقَ سوى نحو ثلاثة أشهر على شهر فبراير، وهو شهر انفجار أكبر فقاعة للأسهم منذ تأسيس السوق المالية بالمملكة، كما أنه طيلة تلك العقود الثلاثة الماضية لم يحدث أن تضخمت أسعار العقار كما هو تضخمها حالياً، وهي "ربما" تكون على وشك انفجار مماثل لفقاعة سوق الأسهم. ومن المؤكد أن لكل مرحلة كُلفَتها الباهظة ودروسها وعبرها، ومعروف لكل من بحث في السبب الرئيسي لتشكل تلك الفقاعة الكبيرة لسوق الأسهم، سيجد أنها نفس السبب لتشكل فقاعة العقار الحالية، وهي أموال كثيرة تطارد سلعاً قليلة بحسب الأساسيات الاقتصادية المعروفة، والسلع القليلة آنذاك هي قلة عدد الشركات المساهمة في سوق الأسهم، فيما تمثلت السلع في سوق العقار في احتكار الأراضي والمضاربات عليها وسرعة تدويرها على مدى عقد من الزمان. وما هو متوقع حالياً، هو تسارع وتيرة الخروج للأموال من قناة الاستثمار في العقار بعد أن يُقر فرض رسوم الأراضي وتوجهها الى قناة الاستثمار في سوق الأسهم السعودية، وذلك بحثاً وراء أسهم شركات العوائد التي تقف على مكررات ربحية منخفضة وجذابة، وأيضاً بحثاً وراء أسهم شركات المضاربات، ومثل هذا التوجه سيكون مرهوناً بتحسن أسعار النفط على المدى القريب. ومن الواضح هو أنه لا استثناءات للفِكر المضاربي الصريح، حيث لن يقتصر الإقبال على أسهم العوائد وحدها بل ستشمل أسهم شركات ذات أداء مالي سيئ وشركات متعثرة، وقد تميل وجهة السوق الى المضاربات المحمومة، وذلك كنتيجة حتمية لذلك الفِكر الذي سيَحِل على السوق ويُضخم الأسعار بذات الطريقة التي ضخم بها أسعار الأراضي البيضاء. ما أريد التركيز عليه، هو أن أموال المضاربة التي ضُخت في الأراضي البيضاء تركت مساوئ كثيرة، ومازالت معالجاتها قائمة، والخروج الوشيك لتلك الأموال من العقار إثر الخطوات الحازمة من الدولة نحو تهدئة السوق العقارية وتنظيفها من المزايدات والاحتكار والتقلبات، حتماً سيتجه بغالبيتها الى سوق الأسهم، والخشية هنا أن تترك مساوئ أخرى على سوق الأسهم ما لم تتم مواجهتها، بتوسيع السوق المالية عبر طرح المزيد من أسهم الشركات للاكتتاب، والحزم مع المضاربين والمتلاعبين بالأسعار.