دعونا نفترض أن الذي تم ترسيخه في أذهاننا منذ الصغر هو نظرية التطور وليس نظرية دوران الأرض، فنجد في كتاب العلوم مؤيدات النظرية وشواهدها مع تدعيمها بالصور ، وخصوصًا الصورة الشهيرة .
ثم نجد كذلك موضوعًا في كتاب ( المطالعة والهجاء ) عن النظرية مع تلك الصورة وغيرها، وكذلك في كتب الاجتماعيات موضوعًا آخر، ويتكرر هذا في المراحل التعليمية، والبرامج التلفزيونية والألعاب الالكترونية ! وكل هذا يُعرض دون نقدٍ لها .
لا شك أن من اقتنع بنظرية دوران الأرض التي جاءته بهذه الطريقة، لن يُمانع من قبول نظرية التطور إذا جاءته بنفس الطريقة .
فإذا كان هذا هو الواقع فليس قبول إحدى النظريتين بأولى من قبول الأخرى .
فلو ناقشنا من يقتنع بنظرية الدوران ويرفض نظرية التطور ، لوجدناه مقتنعًا بها تمامًا، ويتأول الآيات والأحاديث لتتوافق معها، بينما لا يقبل التأويل في نظرية التطور! واقتناعه هذا ليس ناتجًا عن وجود أدلة تؤكد صحة النظرية، وإنما نتيجة لرسوخ صحة النظرية في ذهنه !
فلو افترضنا أن الذي تم ترسيخه في الذهن نظرية التطور لوجدنا هذا يتأول الآيات والأحاديث لتتوافق معها.
بل ربما ظن بعضهم أن الصورة التي يراها للكواكب وهي حول الشمس صورة فوتوغرافية حقيقية التقطها علماء الفضاء، وليست صورة افتراضية ( تخيلية )، بل أن بعضهم لا زال يظن أن النظرية تقول: بأن الشمس ثابتة والكواكب تدور حولها ، ولا يعلم أن النظرية تغيرت فأصبحت حتى الشمس تتحرك !
لو سألنا طالبًا في الثانوية عن الديناصورات ، لرأيناه مقتنعًا بأنها كانت بهذا الحجم وهذا الشكل ، بالرغم أن الذي افترضها وتخيلها بهذا الشكل جاء متأخرًا بملايين السنين، ولا يعلم هذا الطالب أن هذا مجرد افتراض وتخيل، بل ربما لا صحة لوجود ديناصورات ، ولكن رسخت هذه الصور في ذهن هذا الطالب منذ الصغر بواسطة الأفلام والألعاب الألكترونية .
خلاصة القول : أن الفرق بين النظريتين من ناحية القبول هو الترسيخ، فما تم ترسيخه في الصغر وبرمجة العقل عليه حتى وإن كان خطئًا فمن الصعب إزالته، لدرجة أننا نُخضع الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة لتتوافق معه .