على مدار الثلاثين عاماً الماضية واجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي احتمالية التخلي عن التشديد النقدي مرتين خلال فترات اضطراب الأسواق، واليوم قد يضع تراجع قيم العملات العالمية وتذبذب السوق وانخفاض أسعار السلع البنك في معضلة سياسية مماثلة، وهو ما ناقشه تقرير صحيفة "فاينانشيال تايمز".
جدير بالذكر أن الاحتياطي الفيدرالي سيعقد اجتماعه بشأن السياسة النقدية وسط تزايد التوقعات بأن البنك سيتخذ قراراً برفع معدل الفائدة.
على مدار الثلاثين عاماً الماضية واجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي احتمالية التخلي عن التشديد النقدي مرتين خلال فترات اضطراب الأسواق، واليوم قد يضع تراجع قيم العملات العالمية وتذبذب السوق وانخفاض أسعار السلع البنك في معضلة سياسية مماثلة، وهو ما ناقشه تقرير صحيفة "فاينانشيال تايمز".
جدير بالذكر أن الاحتياطي الفيدرالي سيعقد اجتماعه بشأن السياسة النقدية يوم الأربعاء ويستمر حتى الخميس القادم، وسط تزايد التوقعات بأن البنك سيتخذ قراراً برفع معدل الفائدة.
وفي عام 1987، تخلى البنك المركزي الأمريكي عن رفع الفائدة وعكس مساره عقب انهيار البورصة، ومجدداً في عام 1998 وبعد انهيار صندوق التحوط “Long-Term Capital Management” ألغى البنك أيضاً خطته لرفع الفائدة من أجل استقرار الأسواق وتجنب أزمة عالمية.
وفي الحالتين، كانت النتيجة غير المقصودة لذلك التأجيل هي تضخم أسعار الأصول والتي زعزعت استقرار الاقتصاد في نهاية المطاف وأدت إلى عواقب مالية حادة وركود.
وأشار التقرير إلى أنه في عام 1986 شهد معدل التضخم تباطؤاً مع تراجع أسعار النفط مما عزز المخاوف بشأن النمو الاقتصادي الأمريكي عقب أسوأ ركود في فترة ما بعد الحرب حتى ذلك الحين، واتخذ صانعو السياسة نهجاً متباطئاً حول رفع معدلات الفائدة مما سمح بارتفاع أسعار الأسهم في أوائل عام 1987 مع ارتداد أسعار الطاقة.
واتخذ الاحتياطي الفيدرالي إجراءات جريئة من أجل التضخم والتي وخزت دون عمد فقاعة المضاربة في البورصة، وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 1987، تراجعت الأسهم الأمريكية بأكثر من 30%، وسرعان ما عكس البنك المركزي مساره وخفض الفائدة.
وبحلول منتصف عام 1988، استقرت الأسواق ورفع الاحتياطي الفيدرالي المعدلات مجدداً لمواجهة التضخم، وفي ذلك الحين قد أدى اتباع السياسة النقدية التكيفية على مدار أكثر من 4 سنوات إلى طفرة في العقارات التجارية، ومع تراجع الاقتصاد نحو الركود عام 1990، سبب التراجع الحاد في قيم العقارات تعثرات وعجزا للمؤسسات المالية.
وبعد فترة الركود التي أعقبت ذلك وفترة أخرى من السياسة التكيفية، رفع الاحتياطي الفيدرالي المعدلات مجدداً في منتصف التسعينيات، خلال ذلك الوقت، قد ربطت العديد من الدول الآسيوية عملاتها بالدولار الأمريكي، وبحلول عام 1997 تزايدت الضغوط كثيراً وأصبح من الصعب الإبقاء على تلك الروابط بالنسبة لبعض الدول وسط ارتفاع معدلات الفائدة.
وكانت تايلاند أولى الدول التي فكت الربط مع الدولار، وسمحت للبات بالانهيار، وتعزيز الضغوظ على الاقتصادات المجاورة في جولة من التخفيض التنافسي للعملات.
ومع حلول عام 1998، وصلت العدوى من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة لتضغظ على الأسواق المحلية، وتدخلت مجموعة من 14 مؤسسة مالية رئيسية بدعوة من الاحتياطي الفيدرالي لوقف انهيار صندوق التحوط “LTCM” الذي هدد الملاءة المالية للنظام المالي العالمي.
ونتيجة لذلك، تخلى الاحتياطي الفيدرالي عن خططه لرفع معدلات الفائدة مما سمح لأسعار الأسهم بالارتفاع، وعندما بدأ البنك أخيرا في التشديد بدأت الأسهم في انزلاق طويل وعميق.
يواجه صانعو السياسة الآن مأزقا مشابها، حيث تتحرك أسواق العمل نحو التوظيف الكامل، إلى جانب تأثير تراجع أسعار النفط وقوة الدولار على التضخم، ولا يزال التساؤل قائماً حول جدوى النمو الاقتصادي المستدام في الولايات المتحدة وفي العالم أجمع.
كما يواجه الاحتياطي الفيدرالي صعوبات لتبرير رفع معدل الفائدة بناءً على مقاييسه التي تشمل ارتفاع التضخم وتحسن وضع التوظيف الذي يرفع الأجور بوضوح، وفي أفضل الأحوال، يمكن لواضعي السياسات القول بأن آفاق نمو الأجور والتضخم آخذة في التحسن، ولكن لا يوجد دليل واضح.
وفي النهاية ألمح التقرير إلى أنه بغض النظر عن المسار الذي سيختاره الفيدرالي، فإن بعد 7 سنوات من السياسة التكيفية وفي ظل تذبذب الأسواق العالمية فإن احتمالية الندم تعد مرتفعة.