لا أجمل من صدق الشعور الذي يمازج السعوديين وكثيرين من المقيمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض وباقي المدن السعودية بين الحزن العميق لسقوط عدد من الضحايا لحادثة الرافعة حول المسجد الحرام وبين شعور الغبطة لعشرات الشهداء الذين "رحلوا في ساعة استجابة من يوم الجمعة اليوم الأفضل في جوار المكان الأفضل على الأرض" كما يقول عبدالرحمن الحربي أستاذ التاريخ المساعد الذي يقرأ في الحدث بوادر خير لزوار أحبوا الأراضي المقدسة فأحبتهم بدورها واختارت بأمر خالقها أن تحتضن رفاتهم.
العلاقة بين مكة وأحبابها ليست كالعادة بين مدينة سياحية أخرى على وجه الأرض مع زوارها ومحبي السياحة في رياضها فمكة ببيتها الحرام علاقة حب خاصة تتجاوز اللحظات الوقتية لتعبر عن إيمان عميق من الصعب أن يوصف لغير المؤمنين كم يشير الدكتور حمد ال الذي يلفت إلى أهمية الإيمان لتجاوز محن نفسية كهذه.
من جهته يقول الدكتور محمد العامري في لفتة له بعنوان :سقطت في الحرم رافعة فرفعت بسقوطها أقنعة المرجفين والحاقدين والمنافقين فسقطوا كالعادة همزا ولمزا" لافتا بالقول إلى هذا المعنى الذكي "هكذا دائماً تسقط شجرة .. فيسمع الكل لها دوي السقوط وتنمو غابة كاملة .. ولكن لا يسمع لها أي ضجيج، كذلك تسقط رافعة ... فيسمع الكل دوي ضجيج الهمازين والشامتين والحاقدين"
ويضيف الأديب العامري إلى ذلك القول "يُجدد الحرمان وتصان وتطور المشاعر المقدسة في مشاريع عملاقة وعمل مستمر لا ينقطع وبميزانيات مفتوحة، ولكن لا يسمع لهؤلاء الشامتين والمنافقين والحاقدين دعوة للقائمين على هذه الجهود ولا كلمة شكر إنهم لا يلتفتون إلى نموك وتقدمك ونجاحك وازدهارك ولكنهم ينجذبون دوماً إلى سقطة واحدة لك فجرب أن تسقط مرة واحدة وستجدهم، وتجد صدى لأصواتهم" هكذا يقول العامري وكثير من السعوديين حين يشاهدون من تفرغ لمشروع الهدم في المنطقة ينتقد سقوط برج للبناء فمثل هؤلاء لا ينتظرون إلا السقوط في زمن سقوط أحلامهم.
حين تهم بالصعود ستتعثر مرة وقد تسقط أخرى لكنك في رحلة الصعود لن تكترث كثيرا بالساقطين الذين يريدون لك السقوط لتكونوا سواء.