الآن وجدت مقال مترجم في صحيفة الغارديان يتوافق كثيرا مع ماكتبتة في الموضوع المقفل ... إليكم المقال :
قال المحلل والكاتب في صحيفة "الغارديان"، مارتن شولوف، إن خريطة الشرق الأوسط يتم إعادة رسمها بشكل غير رسمي مع سيطرة القوات الكردية على مناطق في الشمال السوري أكثر من تنظيم "داعش" في وقت تواجه فيه تركيا ضغوط لمواجهة الحقائق.
ففي وقت مبكر من الحرب الأهلية في سوريا، قبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، بدت خطوط المعركة واضحة. وتحدَت المعارضة المحلية النظام واقتربت من دمشق. ومع ذلك، فإنه سرعان ما أصبح واضحا أن أيَا من الطرفين لا يمكن أن يفوز بذاته، وكلاهما جرَ حلفاءه لتحقيق مكاسب على الأرض.
وكانت تداعيات هذا عميقة. فبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب، بدا الوضع في سوريا أبعد من يسيطر عليه أحد. وبرزت قوتان، من غير الجهات الحكومية، كطرفين مؤثرين.
فمن جانب، ظهر الأكراد، وهي مجموعة عرقية غُيب عنها الوطن عندما تم تقسيم الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى. ومن جانب آخر، تنظيم الدولة "داعش"، وهي قوة اجتياح من الجهاديين العالميين، الذين أنشأوا لهم وطنا على أنقاض الدول البوليسية في العراق وسوريا. تمدد داعش في جميع أنحاء البلدين كشف هشاشة الحكام الشموليين.
فيما اندفع أصحاب المصالح الآخرين، مثل تركيا والولايات المتحدة –وقد كانا يفضلان حتى الآن تحقيق مراميهما عبر وكلاء- إلى أتون الصراع بشكل أعمق، ولكن لأسباب مختلفة وغالبا ما تكون متناقضة،
وكانت النتيجة مجموعة مذهلة من التحولات في التحالفات والأولويات، وإن أيا منهما لم يساعد على ضمان بقاء دول ما بعد العثمانية في العراق وسوريا وحتى لبنان على قيد للحياة.
بالنسبة لأنقرة، وهو العدو الرئيس للأكراد، التي كافحت التمرد في جنوب شرق تركيا على مدى السنوات 40 الماضية. وبالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها في الرياض والخليج، فإن "داعش" هي العدو، بينما يمثل الأكراد الحليف الرئيس، وهم القوات البرية الوحيدة الفعالة في شمالي سوريا والعراق، حيث تحتدم المعركة ضد داعش.
ويأتي قرار تركيا للانضمام مباشرة في النزاع على خلفية تفجير انتحاري الأسبوع الماضي قُتل فيه 32 شخصا في مدينة "سروج" جنوبى البلاد، واتُهمت داعش بالتفجير.
ولكن هناك سبب آخر -وربما أكثر إلحاحا-، وهو هجوم الميليشيات الكردية لحزب العمال الكردستاني، في وقت لاحق، وأسفر عن مقتل اثنين من رجال الشرطة التركية.
وترى أنقرة أن حزب العمال الكردستاني يمثل تهديدا أكبر لسيادتها من "داعش" حتى وإن غيرت سياستها وقد سمحت للولايات المتحدة باستخدام قاعدتها "انجرليك" الجوية لتوجيه ضربات جوية ضد "داعش" داخل سوريا.
وقد قاومت هذه الخطوة على مدى السنوات الثلاث الماضية بالإصرار أولا على إقامة ملاذ آمن في شمال سوريا، يحمي المدنيين السوريين الذين فروا من المعارك، فضلا عن مقاتلي المعارضة. ولكنَ الولايات المتحدة رفضت هذه الفكرة، خوفا من أن يتم جرها إلى حرب استنزاف.
ومع عرض فكرة نوع من الملاذ الآمن على الطاولة، فيما يبدو، فإن الأكراد، وليس داعش، هم الذين يسيطرون على معظم شمال البلاد. إذ يمتدَ نفوذ وحدات YPG السورية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني في تركيا من شمال شرق حلب إلى الحدود العراقية. كما إنهم يسيطرون على مدينة "عرفين" في شمال غرب سوريا. في حين تسيطر "داعش" على بعض مناطق الأكراد الحدودية في شمال سوريا، وهنا يريد الأتراك فرض ملاذ آمن لحرمان الأكراد في الشمال الشرقي من ربط مناطقهم بالشمال الغربي.
تحرك الأتراك في الأسبوع الماضي "ليس ضد داعش"، كما نقل الكاتب عن مسؤول كردي رفيع المستوى في أربيل، مستدركا: "وإنما ضدنا". ومع انهيار سوريا، بنى أكراد سوريا بهدوء قوس نفوذ ترى فيه تركيا مشروعا كرديا أوسع لدولة ذات سيادة تمتد من شمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا إلى أجزاء من غرب إيران، وهو ما عليه الآن كردستان العراق.
وكان هذا بمثابة جرس إنذار بما لم يسبق له مثيل في أنقرة، والتي لا ترغب في جيب كردي يمتد عبر حدودها، والتي يمكن أن يتصل جغرافيا بكردستان في شمال العراق.
وقد أدى خوف تركيا من طموح الأكراد إلى تجاهل غضبها إزاء ما تعتبره مراوغة أمريكية في التحرك ضد بشار الأسد. ولم تفعل شيئا يذكر لإقناع واشنطن، ومع ذلك فإنها تبدو في مواجهة داعش.
كان نهج تركيا تجاه تنظيم "داعش" حتى وقت قريب يميل إلى الاحتواء بدلا من مواجهتها. وقد مارست الولايات المتحدة ضغوطا على تركيا، مع تنامي زخم داعش، لإغلاق حدودها ووقف التعامل مع مسؤولي داعش، مثل شراء النفط المهرب، والذي يشكل عماد اقتصاد تنظيم الدولة.
طيلة السنوات الأربع الماضية، حاول جميع أصحاب المصلحة في الحرب السورية، ثم الحرب ضد داعش في العراق وسوريا، تجنب نتيجة واحدة، وهي انهيار الحدود الموروثة التي كانت تربط وسط المنطقة لفترة طويلة من الماضي القرن.
ويبدو واقع التقسيم الفعلي راسخا في العراق، حيث الأكراد في الشمال والسنة في الأنبار وفقدان الحكومة المركزية السيطرة. والآن، مع صعود الأكراد في سوريا، فإن الآمال في إعادة تجميع أجزاء البلد وإحكام السيطرة عليه من العاصمة دمشق، تتبخر أيضا.