رغم الموقف الإعلامي الذي يتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ لا يخلو خطاب له من هجوم عليها، إلا أنه يمنع نشر أي صورة تهين دولة الاحتلال كصور حرق العلم أو المجسمات التي تجسد شخصيات سياسية إسرائيلية.
وقالت مصادر مطلعة لموقع 24 إن "الرئيس أردوغان إبان توليه لمنصب رئيس الوزراء، أصدر تعميماً تحت طائلة المساءلة وزع على وسائل الإعلام التابعة لحكومته خصوصاً وكالة الأناضول وقنوات trt، بمنع نشر أي صور تهين العلم الإسرائيلي".
وأثار هذا القرار استغراب العديد من صحفيي الوكالة (الفلسطينيين والأردنيين) الذين يعملون في أنقرة وأسطنبول، خصوصاً وأن الرئيس أردوغان معروف بمواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني ضد إسرائيل.
ممثل الدقيقة الواحدة
ويصف محللون ومعارضون لأردوغان بأنه ممثل "الدقيقة الواحدة"، في إشارة إلى موقف أردوغان في مؤتمر دافوس الاقتصادي عندما تصادم مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، وخرج غاضباً احتجاجاً على عدم إعطائه الوقت الكافي للحديث لا أكثر، وبسبب هذه التمثيلية القصيرة اكتسح شعبية ساحقة بين العرب والمسلمين.
ويقول صحفي يعمل في فرع الوكالة باسطنبول إنه "اكتشف هذا الأمر خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الصيف الماضي، عندما منعه مدير التصوير من نشر صورة تظهر قيام متظاهرين في إحدى الدول العربية بحرق العلم الإسرائيلي، ليكتشف لاحقاً وجود تعميم بعدم نشر ما يسيء لإسرائيل".
نفاق أردوغان
ويرى المحلل السياسي رامي سعادة أن "أردوغان المنافق انقلب على العرب بعد أن كسب ثقتهم بشكل خبيث خلال الثورات العربية، واتضحت صورته الحقيقيه بأنه جندي مخلص للوبي الصهيوني، خدع الشعوب العربية بأنه ضد الكيان الصهيوني وبدا متحدياً لاسرائيل في كلمات وخطابات إعلامية رنانة، لم يتحقق منها شي على أرض الواقع، بل إن تنسيق التعاون بين تركيا وإسرائيل في قمة أوجه" .
ويصف سعادة انخداع الشعوب العربية بـ"أمير المجرمين" واستقباله بالورود في الدول التي زارها بعد الربيع العربي كاستقبال "نابليون بونابرت وجعله إماماً للمسلمين".
دعم اللوبي اليهودي
ويقول الباحث المشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، حمد جاسم محمد، في دراسة له نشرتها وسائل إعلام إن "العلاقات الإسرائيلية مع تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية بدأت منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، عندما كان أردوغان مسؤول فرع حزب الرفاه في إسطنبول الذي كان يترأسه نجم الدين أربكان، حيث تعرف أردوغان على السفير الأميركي في أنقرة آنذاك، مورتون إبراموفيتس، الذي قام بربط أردوغان بشخصية أمريكية مهمة جداً لإسرائيل ألا وهو بول ولفوفيتز، الذي شغل منصب وزير الدفاع الأمريكي فيما بعد، وعندما بدأ الأمريكيون بالتفكير في دعم الإسلام الليبرالي في المنطقة لم يكن أمامهم إلا أن يدعموا الإسلاميين في تركيا لأن العلمانيين لا يمكن أن يكونوا مثالاً للدول الإسلامية في المشروع الأمريكي الجديد للشرق الأوسط، الذي بدأت ملامحه تظهر بعد الربيع العربي في 2001".
ويضيف الباحث "لهذا السبب يمكن أن نقول إن أردوغان ومنذ أن بدأ حياته السياسية كان مدعوماً من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك قام المؤتمر اليهودي الأمريكي في 2004، وهو من أهم المحافل اليهودية في أمريكا وبخطوة منقطعة النظير بمنح أردوغان وسام الشجاعة، وهذا الوسام فقط منح لعشرة أشخاص منذ تأسيس المؤتمر، وكان أردوغان أول شخص غير يهودي يمنح هذا الوسام".
وقال المسؤول عن المؤتمر اليهودي أثناء تقديم الوسام إلى أردوغان إن "هذا الوسام ليس فقط تقديراً للخدمات التي قام بها أردوغان لأمريكا بل أيضاً يعد تقديراً للخدمات التي قام بها لدولة إسرائيل، وموقفه الطيب حيال المجتمع اليهودي في العالم".