تعتبر المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. ومع ذلك قد تكون مهددة نتيجة لاستهلاك النفط المحلي. وتتوقع العديد من الدراسات التي أجريت مؤخراً أن المملكة العربية السعودية سوف تصبح من الدول المستوردة للنفط بحلول عام 2030 أو 2038. عملت الدول الأخرى المصدرة للطاقة الإقليمية مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت وإيران على السيطرة على الاستهلاك المحلي من أجل معالجة التكاليف المرتفعة جدا والتشوهات الاقتصادية ونقاط الضعف المحتملة لارتفاع معدلات استخدام الطاقة الداخلية. تقدم الجهود الحالية التي تبذلها المملكة العربية السعودية للحد من الاستهلاك المحلي اختباراً ممتازاً لجيرانها، وكذلك الدول النفطية والدول المصدرة للغاز.
وقد زاد الطلب على الطاقة في المملكة العربية السعودية سنويا بمعدل 7.5 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.
ويفسر النمو السكاني والاقتصادي بعض الزيادة. وحتى مع انخفاض أو زيادة أسعار النفط فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.6 في المائة في عام 2014.
ومع ذلك فإن المملكة العربية السعودية لم تستخدم الطاقة بكفاءة. (كما هو موضح فإن إجمالي استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تعد نسبة المملكة العربية السعودية 4.1 منذ أن حددتها الولايات المتحدة في 2013) كما أنه لها أربعة أضعاف نظيره في البلاد ذات الكفاءة في استخدام الطاقة، مثل بريطانيا وألمانيا ونسبة استهلاك الطاقة للفرد الواحد عالية جداً.
تستهلك المملكة العربية السعودية أكبر كمية من النفط في العالم لتوليد الكهرباء: وفقاً للشركة السعودية للكهرباء فإن 58 في المائة من إجمالي إمدادات الكهرباء في البلاد تأتي من النفط مع توليد الغاز المصاحب ما يقرب من 42 في المائة من إجمالي الكهرباء في البلاد عام 2013 إن ارتفاع استهلاك النفط المحلي أسرع من الإنتاج والصادرات منذ عام 1991.
وكخطوات جدية لمعالجة هذه المشكلة فقد أنشأت المملكة العربية السعودية مركز ( سي إي إي سي ) في عام 2011. إن المستهلكين السعوديين الرئيسيين للطاقة من مستخدمي السكن وقطاع الخدمات وقطاع النقل لذلك قام ( سي إي إي سي ) بانشاء الحد الأدنى من مستوى أداء الطاقة لتنظيم التبريد وإضاءة الاستهلاك وخلق مستوى الاقتصاد في استهلاك الوقود للمركبات وخلق قانون بناء كفاءة الطاقة.
كما بدأت الحكومة السعودية أيضاً في استخدام العدادات الذكية للسيطرة على استخدام الطاقة الذروة في القطاعات الصناعية والخدمية وأيضاً في صياغة قوانين حالية في كفاءة استخدام الطاقة مع آليات إنفاذ قوية.
ومن المتوقع أن يكون هناك طلب سعودي لزيادة نحو 50 جيجا وات في 2013 إلى 120 جيجا وات في 2032.
وقد انتهت الحكومة من وضع خطة مشتريات الطاقة المتجددة والتي تهدف إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة بنسبة 20 جيجا وات في عام 2020 و40 جيجا وات في عام 2025 و54 جيجا وات في 2032.
وستقرر الحكومة أيضا ما إذا كان هناك إمكانية لوضع تعريفة التغذية الأمر الذي يتطلب قيام المستهلكين بدفع ثمن الطاقة المتجددة عن طريق فاتورة الكهرباء في وقت لاحق هذا العام.
ومع ذلك فإن هناك عقبات كبيرة في الحد من استخدام الطاقة المحلية. ولا تزال مناقشة إصلاح الأسعار من المحرمات في البلاد وعلى الرغم من المواقف التي تعرضت لها إلا أنها تبدو أكثر قبولا مما كانت عليه في الماضي.
تنفق السعودية على دعم الوقود أكثر من أي بلد آخر في العالم باستثناء إيران.
تحافظ هذه الإعانات على انخفاض أسعار الكهرباء والبنزين والتي تميل إلى تقويض جانب طلب حوافز من الحكومة بسبب كفاء استخدام الطاقة.
تنظم هذه اللوائح أعلى معايير كفاءة الطاقة للمنتجات الجديدة. ومع ذلك لا تنطبق هذه المعايير على المخزون القائم.
ونتيجة لذلك فإنه من المرجح أن ترتفع تكلفة المنتجات الموفرة للطاقة.
إن ارتفاع التكاليف إلى جانب الكهرباء والبنزين المدعم يقوم بمنع المستهلكين من استبدال المنتجات الغير مكلفة مثل السيارات والأجهزة المنزلية بالبدائل الموفرة للطاقة الأكثر تكلفة.
وكذلك فإن هناك عدد قليل من الحوافز للشركات وأصحاب المباني للاستثمار في المنتجات الموفرة للطاقة.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لكن العديد من الشركات بطيئة في التكيف مع الأنظمة الجديدة وقد تكون غير قادرة على تلبية أهداف الحكومة والجدول الزمني لمعايير كفاءة الطاقة.
إن الفشل في تنفيذ اصلاح التسعيرة ستردع المستخدمين المقيمين من اعتماد العدادت الذكية على الرغم من أن هذا القطاع يمثل ما يقرب من 50 في المائة من إجمالي استهلاك الكهرباء.
وبالرغم من أن السعودية تؤسس تعريفة التغذية، فإن الحكومة لن تكون قادرة على تمرير كل تكاليف الطاقة المتجددة إلى المستهلكين كمبلغ إضافي ومثل هذه الرسوم لن تكون كافية لدعم خطط الحكومة بمبلغ 190 مليار دولار من الاستثمارات التي من المتوقع تنفيذها 2032 وبدلاً من تحقيق الأهداف الرسمية للطاقة المتجددة سوف يتطلب استثمار حكومي كبير.
ومع ذلك ففي عام 2014 وقعت الرياض في دائرة العجز لأول مرة منذ عام 2011 واعتمدت منذ ذلك الحين على عمليات السحب الضخمة من صندوق الثروة.
يعتمد الاقتصاد السعودي على صادرات النفط في أكثر من 80 في المائة من عائدات الحكومة.
ومع تراجع أسعار النفط الآن لتصل إلى أقل من أسعار النفط المالية لعام 2014 ويبدوا أنه من غير المرجح زيادة الانفاق لتلبية أهداف الطاقة المتجددة .
وإنه لمن المرجح في ظل الظروف المالية الأكثر إحكاماً والإنفاق على الرعاية الإجتماعية والتعليم والالتزامات العسكرية أن تكون الأولوية للطاقة المتجددة.
لقد أثارت الإضطرابات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط سياسة سعودية أكثر حزماً. إن حسابات الإنفاق السعودي على مجال الدفاع تبلغ 30 في المائة من ميزانيتها الإجمالية وستزيد هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك لا يزال التعليم أيضاً له أولوية عالية نظراً لارتفاع بطالة الشباب البالغين والتي تصل إلى نسبة 40 في المائة.
ومع ذلك ينبغي النظر إلى أن فكرة تنويع مصادر الدخل أيضاً عنصراً أساسياً في سياسة الدفاع ضد عدم استقرار أسعار النفط.
إن التنمية المحلية الناجحة للطاقة المتجددة وخلف فرص عمل ترتبط بهذه المبادرات سيكون لها تأثيرات ايجابية على الاقتصاد السعودي والاستقرار السياسي.
ويجب أن تظل معالجة تصاعد الطلبات المحلية للطاقة على رأس جدول أعمال الملك السعودي الجديد وكذلك الحكومات الأخرى.
ان استمرار الزيادات الغير مقيدة في الاستهلاك الداخلي يمكن أن يترك تصور أن المملكة العربية السعودية مستورداً صافياً للنفط في المستقبل.
ومن الواضح أن هذا له تأثير كبير على أسواق الطاقة العالمية والدول المستوردة للنفط.
وينبغي أن تزداد المخاوف بصورة خاصة في آسيا، حيث إن عدداً من البلاد، بما في ذلك الفلبين وكوريا واليابان وتايوان، يعتمدون بشكل كبير على صادرات النفط في الخليج.
ومع توقع انخفاض الاعتماد على الولايات المتحدة إلى أكثر من 20 في المئة بين عامي 2010 و 2020 يتعين على الحكومات في آسيا أن تنظر في استراتيجيات للتحوط ضد تعطل الامدادات القادمة الناتجة عن استهلاك الطاقة غير المقيد في الداخل في المملكة العربية السعودية وغيرها من المصدرين الرئيسيين للنفط الخليج.