إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع قدرا ، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا :
فالأول : كمن تصدق بجوهرة عظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا .
والثاني : كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم ، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة .
وفي " صحيح البخاري " عن قتادة قال : سألت أنسا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كان يمد مدا ) .
وقال شعبة : حدثنا أبو جمرة ، قال : قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين ، فقال ابن عباس : لأن أقرأ سورة واحدة أعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل ، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، ويعيها قلبك .
وقال إبراهيم : قرأ علقمة على ابن مسعود - وكان حسن الصوت – فقال : رتل فداك أبي وأمي ، فإنه زين القرآن .
وقال ابن مسعود : لا تهذُّوا القرآن هذَّ الشعر ، ولا تنثروه نثر الدقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحركوا به القلوب ، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .
- والهذّ : سرعة القراءة ، والدَّقَل : رديء التمر .
وقال عبد الله أيضا : إذا سمعت الله يقول : ( يأيها الذين آمنوا ) فأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه . " انتهى.
" زاد المعاد " (1/337-340)
🔹كما قال رحمه الله :
وكذلك قراءة سورة بتدبر ومعرفة وتفهم ؛ وجمع القلب عليها ؛ أحب إلى الله تعالى من قراءة ختمة سردا وهذا ، وإن كثر ثواب هذه القراءة . المنار المنيف (1/29).
🔸وقال : الإمام الاجري : ( والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه ، فظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة وأقوال أئمة المسلمين ) اهـ أخلاق أهل القرآن (ص 169).
🔹قلت : ومن استطاع أن يجعل له وردين في يومه أفضل خصوصاً في شهر رمضان بأن يكون ورد حدراً وورد تدبراً بحيث يكون معه قرآن مفسر أو يكون لديه أحد كتب التفسير لعلماء السلف يرجع إليه لبيان ما صعب فهمه وبذلك يجمع بين القرائتين فى هذا الشهر وإن لم يكمل الختم في قراءة التدبر .
ومن قرأ القرآن و إن أسرع إسراعا لا يخل بحروفه أثيب و هو على خير كثير ؛ ولكنّ الله تعالى حث عباده على تدبر القرآن واختاره وفضله جمعٌ من الصحابة والتابعين و غيرهم
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال له : إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال عبد الله بن مسعود : [ هذَّاً كهذّ الشعر إن أقواما يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ] رواه البخاري و مسلم.
والله تعالى أعلم
🔸اللهم وفقنا لتلاوة كتابك كما تحب وترضى وأجعله شاهداً لنا وربيعاً لقلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا
وكتبه / أبو عمرو محمد الكريمي
غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
8/ 9 / 1436هـ