كشفت تقديرات رسمية أن ارتفاع سعر الفائدة بين المصارف السعودية من المحتمل أن يكون له آثار سلبية على الناتج المحلي الإجمالي والناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وذلك في ورقة عمل حملت عنوان «أثر ارتفاع سعر الفائدة على الاقتصاد السعودي»، أعدها الباحث قبلان القحطاني، من إدارة السياسة النقدية والاستقرار المالي في مؤسسة النقد العربي السعودي، لشهر مايو (أيار) الماضي. ADVERTISING وأوضحت الورقة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أنه في حال ارتفع سعر الفائدة ينخفض الاستهلاك والاستثمار (أي ارتفاع تكلفة الاقتراض لتمويل الاستهلاك والاستثمار) وبالتالي يصبح الوضع أقل جذبا للأسر والشركات للحصول على قروض، كما أفادت الورقة بأن «ارتفاع سعر الفائدة في الدول التي يهيمن فيها القطاع الخاص يؤدي إلى انخفاض في الطلب الكلي، ومن ثم في الإنتاج». يضاف لذلك، ما تظهره الورقة العلمية من أن آثار سعر الفائدة المرتفع من خلال الائتمان المصرفي هامة وتتوافق مع النظرية الاقتصادية بكونها سلبية، ويأتي ذلك متماشيا مع النظرية الاقتصادية، حيث يزيد ارتفاع سعر الفائدة تكلفة رأس المال، مما يقلص في نهاية المطاف من القروض المصرفية. وهنا يقول الباحث القحطاني «قد يؤدي ارتفاع سعر الفائدة بين المصارف السعودية إلى آثار سلبية على كل من الائتمان المصرفي لقطاع البناء والتشييد، وقطاع النقل والاتصالات، وقطاع التصنيع والإنتاج، والائتمان المصرفي لقطاعات متنوعة»، مع الإشارة لكون الائتمان المصرفي يشكل للقطاعات المتنوعة في المتوسط ما نسبته 73 في المائة من القروض الاستهلاكية. وقد بحثت هذه الورقة العلمية أثر ارتفاع سعر الفائدة على الاقتصاد السعودي باستخدام بيانات ربع سنوية للفترة من يناير (كانون الثاني) لعام 2005 وحتى أبريل (نيسان) لعام 2013. وذلك باستخدام مواصفات مختلفة لمتجه الانحدار الذاتي لرصد الأثر على معظم قطاعات الاقتصاد السعودي، حيث تبين أن أثر ارتفاع سعر الفائدة سلبي على الناتج المحلي الإجمالي، والناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، والائتمان لجميع القطاعات أيضا. يأتي ذلك في حين تزيد التطورات الاقتصادية العالمية الأخيرة من أهمية البحث عن سياسات محلية للاقتصاد الكلي تدار بشكل جيد ومن شأنها أن تساعد في تخفيف تداعيات السياسات المعتمدة أو التي ستعتمدها اقتصادات مختلفة؛ وتحديدا الدول المتقدمة. وأحد التطورات المهمة هو سياسة البنك الاحتياطي الأميركي في تقليص مشترياته من الأوراق المالية وتوقع ارتفاع أسعار فائدة البنك الاحتياطي الأميركي، ونظرا لارتباط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأميركي، فإن الخيارات أمام واضعي السياسة النقدية السعودية تبقى محدودة. وبحسب ما تشير ورقة العمل، فلقد لوحظ مع مرور الوقت أن أسعار الفائدة المحلية كانت تتغير فورا بعد تغيير البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، مع الإشارة إلى أن المؤثرات الرئيسية على أسعار الفائدة المحلية السعودية، المتمثلة بسعر الفائدة بين المصارف السعودية (SIBOR)، هي سعر فائدة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والطلب المحلي على الائتمان، وسعر الفائدة بين بنوك لندن (LIBOR)، ويعد المتغيران الأولان الأكثر تأثيرا على سعر الفائدة بين المصارف السعودية، لأن المصارف السعودية لا تعتمد على أسواق ما بين المصارف الدولية للحصول على تمويل بالعملة الصعبة. ويوضح الباحث القحطاني أن «سعر الفائدة بين المصارف السعودية هو السعر الأساسي للفائدة بين المصارف والمعيار القياسي لسعر فائدة الإقراض الاستهلاكي والتجاري في السعودية، وهو يتأثر بسعر الفائدة الذي تحدده مؤسسة النقد العربي السعودي وهو سعر الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس، ويحدد سعر الفائدة هذا بالرجوع إلى سعر الفائدة المستهدف للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي». وأرجع ذلك «لارتباط الريال السعودي بالدولار الأميركي»، مضيفا: «إذا لم يتبع سعر الفائدة الذي تحدده مؤسسة النقد العربي السعودي سعر فائدة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشكل وثيق، سوف ينشأ ضغط محتمل على الارتباط نتيجة للتدفقات الرأسمالية الواردة أو الخارجة». وأفاد القحطاني بأن العامل المهم الآخر الذي قد يؤثر على حركة سعر الفائدة بين المصارف السعودية يتمثل في «الطلب المحلي على الائتمان الذي يظهر أثره غالبا على المدى القصير». تجدر الإشارة إلى أن عضوة بارزة في اللجنة صانعة السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي كشفت يوم الجمعة الماضي بأن الاقتصاد الأميركي ينمو الآن بقوة تجعله قادرا على استيعاب زيادة قدرها 0.25 في المائة في أسعار الفائدة، بحسب ما نقلت وكالة رويترز، وتوقعت لوريتا ميستر، وهي رئيسة البنك الاحتياطي الاتحادي في كليفلاند أن «يصل سعر فائدة الأموال الاتحادية القياسي إلى 3.75 في المائة في الأجل الطويل من مستواه الحالي القريب من الصفر». في حين أشار مسؤولو مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، قبل أيام، إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة ينمو بخطى معتدلة بعد أداء ضعيف في الشتاء، ورجحوا أن يكون قويا بما يدعم بشكل كافٍ زيادة لأسعار الفائدة بحلول نهاية العام. وبحسب أحدث بيان للبنك والتوقعات الجديدة لصناع السياسات فإن الاقتصاد الأميركي يتجه إلى تحقيق نمو في حدود 1.8 إلى 2 في المائة هذا العام بعد انكماشه في الربع الأول من العام. وأبقى صناع السياسات بالمجلس على سعر الفائدة الحالي القريب من الصفر دون تغيير.