رؤيا تتحقق في دخول الملك عبدالعزيز الرياض
راشد بن محمد بن عساكر
أجمعت كثيرمن الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لن يبقى من النبوة بعده إلا المبشرات وهي الرؤيا الصالحة التي يراها الرجل الصالح أو تُرى له.
ومن الرؤيا المشتهرة لدى أهالي الرياض قديما هي رؤيا عبدالله بن عبدالرحمن الحوطي عن دخول الملك عبدالعزيز الرياض وتكوين هذه الدولة.
وعبدالله الحوطي توفي في سنة 1339ه وكان مشهوراً بالثقة والعدالة كاتبا لدى الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، والشيخ حمد بن فارس رحمهما الله تعال وغيرهما من المشايخ والعلماء ورأيت من خطه عشرات الوثائق.
ومعبر الرؤيا هو الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب )والمعروف في الرياض بالمصري( وهو من أشهر معبري الرؤيا رحمه الله تعالى.
ومدار الرؤيا ما يأتي: رأى عبدالله الحوطي أنه خرج مع الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ من مسجده المعروف في دخنة مع الباب الشرقي للمسجد وعندما هم يتجهون الى بيت الشيخ عبدالله بن عبداللطيف وهم تحت الساباط إذ يرون رجلا نائما تحته فإذا هو الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود فجلس الشيخ عبدالله مع الإمام تركي، وهما يتحدثان، وأما أنا فأصبت برعدة فجلست الى جدار البيت الذي بجانب الساباط من جهة الجنوب وأسندت ظهري الى الجدار.
ثم إن الإمام تركي قام فاستقبل المشرق ونظر إليه، ثم توجه نحو الجهة الشمالية وجعل ينظر إليها ثم استدار الى الجنوب وجعل ينظر اليها ثم استدار الى جهة القبلة وجعل ينظر إليها ثم ذهب يمشي مع السوق ومعه الشيخ عبدالله. وأما أنا الحوطي فلم أزل مسندا ظهري الى جدار البيت الذي بجانب الساباط الى ان انتهيت من نومي.
وكانت هذه الرؤيا في زمن استيلاء آل رشيد على البلاد النجدية ولجوء الإمام عبدالرحمن بن فيصل وأولاده الى الكويت. وقد قص الحوطي على الشيخ عبدالله بن عبداللطيف الذي أشار بدوره الى ان يقصها على الشيخ محمد ويعبرها، فلما سمعها الشيخ محمد فسرها وذكر بأن أحد أبناء الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي سيخرج من الكويت ويستولي على نجد، كما كان جده تركي مستوليا عليها، ثم يستولي على الأحساء والجهة الشرقية ثم يستولي على حائل وجهة الشمال ثم يستولي على عسير والجهة الجنوبية ثم يستولي على مكة والجهة الحجازية من الغرب وسيكون للشيخ عبدالله بن عبداللطيف صلة قوية بالذي سيستولي على نجد من ذرية الإمام تركي وأما أنت يعني الحوطي فستملك البيت الذي أسندت ظهرك الى جداره أو يملكه أحد أبنائك.
قال الحوطي: فقلت للشيخ محمد إن تأويلك لهذه الرؤيا بعيد جدا لأن آل رشيد قد استولوا على نجد كلها وليس لهم منازع.
وأما الإمام عبدالرحمن وأبناؤه فإنهم قد لجأوا الى الكويت وليس عندهم مال ولا رجال فكيف يستولون على نجد فضلا عن الجهات البعيدة عنها.
فقال الشيخ محمد: إنه لابد أن يقع تأويل هذه الرؤيا.
قال الحوطي: فلما دخل الملك عبدالعزيز بلده الرياض واستولى عليها جاء الشيخ محمد إلي بعد صلاة الفجر في تلك الليلة وقال لي: هذه أول تأويل رؤياك قد وقع وستقع بقيته في المستقبل ان شاء الله وقد وقعت كل هذه الرؤيا باستيلاء الملك عبدالعزيز على جميع الجهات.
وكان للشيخ عبدالله بن عبداللطيف صلة قوية وزوجه إحدى بناته فولدت له الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله.
وأما البيت الذي أسند الحوطي ظهره إلى جداره فقد اشتراه أحد أبناء الحوطي وهو صالح بن عبدالله الحوطي، وذلك بعد أربعين سنة وما زال البيت الى اليوم في يد ذرية صالح عند ابنه عبدالله بن صالح الحوطي.
وقد سمعت رواية هذه القصة بطرق متعددة إلا أن أصحها ما ذكره الشيخ حمود التويجري في كتابة الرؤيا رحمه الله تعالى.
وقد أكد هذه القصة كما عرفها منذ زمن طويل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى حيث قال ما نصه : هذه الرؤيا قد عرفناها من دهر طويل وهي رؤيا حق قد وقعت والحمد لله ونسأل الله أن يغفر للإمام تركي والإمام عبدالرحمن الفيصل والإمام عبدالعزيز ولوالدك ووالده ولجميع المسلمين وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين.
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز 9/4/1414ه.
* باحث ومؤرخ لتاريخ مدينة الرياض