" الله جل وعلا رسم لنا الخطة التي نسير عليها عند الحوادث التي تحدث ، فقال سبحانه { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }[النساء :83] .
رسم لنا أننا عندما تحصل هذه الأمور فلا يتدخل فيها العامة ويتدخل فيها حدثاء الأسنان ويتدخل فيها ذوي الأغراض والمنافقون ، وإنما هذه ترد إلى القادة ؛ القادة في العلم والقادة في السياسة ، العلماء يبينون حكمها ويتدارسونه ويوضحونه ، والقادة ينفذون ما يقرره علمائهم في هذه الأزمات ، أما عامة الناس فليس هذا من شأنهم وتدخلهم لا يجر إلا شراً ، أما إذا ردت الأمور إلى نصابها وضبطت بضوابطها فإنها تنحل بإذن الله وتنكشف ، وكم من أزمة حصلت فتولى العلماء النظر فيها ونفذ ولاة الأمر ما توصل إليه العلماء فانكشفت بإذن الله ، لأن هذا هو المنهج الرباني الذي رسمه الله لنا ، أما تدخل من ليس من شأنه أن يتدخل فهذا فساد وهذا يحصل فيه شر وفتنه ، ولهذا قال { أَذَاعُوا بِهِ } يعني نشروه ، إذاعه نشره والإعلان به ، مع أنه هذه أمور لا ينبغي أن تنشر إلى الناس بل هذه أسرار ترفع إلى ذوي الشأن .
{ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ } والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته صلى الله عليه وسلم ، كأن الرسول حي بين أظهرنا ، فالرد إلى الرسول هو الرد إلى القرآن والسنة الذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يحسن الرد إلى القرآن والسنة إلا العلماء ، هم الذين يحسنون الرد إلى الكتاب والسنة ، أما غيرهم من عامة الناس هم لا يحسنون الرد ويتخبطون .
وإذا وصل الأمر إلى أنهم يتنقصون العلماء ويحتقرونهم فهذه مصيبة على الأمة ، لأن العلماء هم القدوة وهم ورثة الأنبياء ، فمن تنقصهم فقد تنقص الأنبياء لأنه تنقص ورثتهم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (( العلماء ورثة الأنبياء )) الله رفعهم { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [المجادلة:11] { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [الزمر :9] الله رفع العلماء رفع قدرهم فلا يجوز لأحد أن يتنقصهم وأن ينال منهم .
ثم لو نظرنا إلى هذا الذي يتكلم في العلماء ماذا فعل هو ؟
ماذا قدم هو ؟!
هذا يريد أن يقلل ثقة الناس في علماءهم ثم تحصل المفسدة ، فهو من المفسدين في الأرض ، هذا من المنافقين ومن المفسدين في الأرض ، من الذين قالوا في غزوة تبوك " ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكذب ألسنة وأجبن عند اللقاء " يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، أصحابه هم العلماء وأتباعهم إلى أن تقوم الساعة ، هم أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم ورثتهم وهم القائمون بالأمر من بعده وهم خلفائه ، ماذا حكم الله عليهم ؟ قال الله جل وعلا { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }
[التوبة :65-66]
يخشى على هذا الذي يتنقص العلماء ويحط من قدرهم أن يكون مع هؤلاء الذين قال الله فيهم { قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } فيخسر الدنيا والآخرة .
فالواجب على المسلم أن يحفظ لسانه وأن يحترم أهل العلم ويحترم ولاة أمور المسلمين ، وأن يدعو لهم بالتوفيق والنصر وأن يكون معهم لا عليهم ولا ضدهم ، المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعض ، أما أن يأتي المفسدون ويفككون المجتمع ويتكلمون في القادة والعلماء ــ ماذا بقي إذاً ، أين يذهبون الناس ؟
لا بقي لهم علماء ، ولا بقي لهم ولاة أمور أين يذهبون ؟
تصير الأمور فوضة وهذا ما يريده الشيطان وأعوانه من المسلمين " .
اهـــــــ
للاستماع للمادة الصوتية قم بالضغط على أحدى الروابط التالية :