لم تكن رؤية استثمار القرآن الكريم في خدمة الفكر والتوجه لدى جماعة الإخوان المتأسلمين بدعا من القول بل توارثوه أبا عن جد عن سلفهم الطالح " ذي الخويصرة وأحفاده " كيف هذا ؟!!
ذي الخويصرة احتج على رسول رب العالمين في قسمة غنائم حنين قائلا " اعدل يا محمد فإنك لم تعدل " فاتخذ من المال وقسمته ذريعة في الطعن بأمانة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بدعوى الإصلاح كما يزعم وقد أجابه النبي عليه السلام بقوله " ويحك من يعدل إن لم أعدل "!!.
[/color][/size] ثم أخبر النبي عليه السلام أنه يخرج من ظئظئ هذا الرجل قوم تحقرون صلاتكم عن صلاتهم وصيامكم عند صيامهم يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كم يمرق السهم من الرمية " ثم دعا عليه السلام إلى قتلهم مخبرا أن في قتلهم أجر عظيم عند الله تعالى .
وأولئك يا سادتي الكرام هم الخوارج الذين رفعوا القرآن بأيديهم علي الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنهم محتجين عليه بأنه حكم الرجال مطالبين بتحكيم القرآن وقد انتدب إليهم علي رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنه حيث جادلهم بالقرآن وأقام عليه الحجة والبيان وهكذا جماعة الإخوان المسلمين يتهمون حكام المسلمين بالجور وعدم العدل بين رعاياهم متهمين إياهم بالاستئثار بالمال دون رعاياهم متخذين من المال فقط وسيلة في تكفير الحكام ولعنهم والطعن في عقائدهم ونواياهم مغفلين ما هو أهم من المال وهي العقيدة وسلامتها من عدمه إذ غايتهم الدنيا والدرهم والدينار بغيتهم إن أعطوا منه رضوا وإن منعوها إذا هم يسخطون أما الدين وأحكامه فهو ذريعة ومطية يدغدغون بها عواطف العامة والبلهاء وبعض البلدان الإسلامية التي تمكنوا من الوصول فيها لمناصب عليا وقيادية خير شاهد حيث لم يقيموا بالقرآن رأسا بل بعضهم أبقى الحكم علمانيا كما كان لئلا يخسر رئاسته ومنصبه وكرسيه .
خوارج العصر من جماعة الإخوان المتأسلمين اتخذوا القرآن وسيلة هامة جدا في الاحتجاج على الحكام فهم يدندنون حول الدعوة بضرورة تحكيم القرآن الكريم وقياداتهم من أبعد الناس عن نصوص القرآن الكريم ولنأخذ سويا بعض الأمثلة من ذلك أن بعضهم يبيح استماع الأغاني ويفتي عبر القنوات الفضائية بجواز ذلك وقد حرم القرآن الكريم استماع اللهو قال سبحانه " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم .." قال ابن مسعود والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء .
من مبادئ فكر الإخوان المتأسلمين تكفير حكام المسلمين والخروج عليهم ممتثلين قول أحد مؤسسي فكرهم حيث يقول : «... لعلك تبينت مما أسلفنا آنفاً أن غاية الجهاد في الإسلام هي قواعد الإسلام في مكانها واستبدالها بها. وهذه مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام - غير منحصر في قطر دون قطر بل مما يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء المعمورة، هذه غايته العليا ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره إلا أنه لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها» المرجع في ظلال القرآن سيد قطب ج3/ص1451 طبعة دار الشروق.
ومن هنا يظهر لنا أوجه الشبه بين خوارج القرون الأولى وخوارج القرون المعاصرة " الإخوان المتأسلمين " في ثلاث مسائل:
أولا : أنهم يركزون على المال والمادة فقط ويجعلونها ذريعة ومعيارا ووسيلة في التهجم على السلطان وانتقاصه والثورة عليه وإيغار صدور رعيته عليه وإن كان من أتقى الخلق وهل هناك أتقى من محمد عليه الصلاة والسلام ؟!! .
ثانيا : الطعن العلني في الحاكم " اعدل يا محمد ..." وهكذا الإخوان المسلمين كفروا وفسقوا جميع حكام المسلمين ورعاياهم دون استثناء وإن شهدوا أن لا إله إلا الله ما لم ينتسبوا إلى فكرهم وحزبيتهم المقيتة وجماعتهم " المؤمنة !! "
ثالثا : إظهار محبة القرآن الكريم والمناداة بتحكيمه لمخادعة العامة وبلهاء الخلق ومخالفته والتحايل على نصوصه وأوامره باطنا .