الإسلام دين حضارة وبناء..
دين سلم وسلام..
وعلى هذا الأساس تُبنى حياة البشر وعمارة الإنسان في الأرض.
فبالأمن والسلام والمسالمة يتعايش ويتآلف البشر.
المسلم الحق من أمن الناس من لسانه ويده، لأن الأمن من أعظم نعم الله على الإنسان ومن أهم ما يطلبه وينشده في حياته.
من الحكمة والعقل أن يترجم المسلم القول بالفعل، والنهج بالتطبيق، فسلوكيات الناس والمناخ المحاط بهم يؤثر سلباً أو إيجاباً على طبيعة تفكيرهم.
وفق ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام، مبرهناً هذه الحقيقة: (من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا).
خبر إلقاء القبض على الإرهابيين الجناة الذين تسببوا في قتل الأبرياء المسالمين من أبناء الأحساء في الدالوة، ترك أثره البالغ في نفوس المواطنين، وأثلج صدورهم وشفى غليلهم، وقد تأكد لهم أن دم الأبرياء لن يضيع هدراً، وستنال تلك الفئة الباغية من المفسدين في الأرض عقابهم العادل، فهم من الإسلام والمسلمين براء.
قضية الأمن الفكري في بلادنا، مسألة بالغة التعقيد، لكن الوصول إلى إستراتيجية وطنية، تحافظ على لحمة هذا الوطن والقضاء على كل ألوان التفرقة والصراعات المذهبية والطائفية، وإخماد نار الفتنة بين أبناء هذا الوطن الذي يشكل في تكوينه نسيجاً مجتمعياً، متجانساً ومتوحداً، وإن اختلفت اللهجات والعادات.
علينا ونحن نبحث عن مخرج من مفاسد الإرهاب الفكري وخلخلة المنظومة الأمنية في هذا البلد الآمن، ولكي نجتث الإرهاب والتطرف من جذوره، علينا أن نبدأ من البنية الأساسية لمنظومة التعليم والثقافة المجتمعية، وإعادة برمجة المنظومة الإعلامية التي تواكب، متغيرات العالم الجديد وتأثيرات إرهاصات المد المعرفي والفكري، ومخرجات عولمة الثقافة والإعلام التقني.
هذا الـمَدُّ الذي له نفوذه القوي، وتأثيراته الكاسحة، وبقراءة واقعية، لما نتجت عنه التراكمات والترسبات، التي هيأت المناخ للتطرف الديني والإرهاب الفكري. ندرك حجم الإخفاقات والسلبيات.
من خلال كل الأحداث والجرائم التي ارتكبت، نتيجة الأخطاء والسلبيات، لابد لنا أن نواجه الوضع بواقعية وبحزم للقضاء على كل أنواع التطرف والعنصرية، والتشدّد، وإذا كنا نظن أننا قادرون على السيطرة على كل القنوات والمؤثرات المعرفية الحديثة التي تشكل فكر شباب اليوم، فنحن واهمون، لأن ذلك مستحيل، لكننا نملك حلولاً أفضل، للتصدي لمخاطر مختلف القنوات التي تغذي فكرهم وتؤثر في سلوكياتهم ومعتقداتهم.
ومن الخطأ اعتبار أن ما يحدث غسيل مقنن لأدمغة شبابنا المراهق، وإنما هي عمليات مبرمجة يقصد بها تلويث عقولهم، وتهيئتها للانحراف والتطرف.
قلت مراراً وأكرر، نحن بحاجة لإستراتيجية فكرية تعليمية ثقافية، نحصن بها فكر هؤلاء الشباب، وعلى مؤسساتنا الاجتماعية والثقافية والتعليمية، القيام بدور ايجابي لتنوير عقولهم وتوعيتهم وتنمية الرقابة الذاتية فيهم النابعة عن إيمان وقناعة، وغرس حب الوطن في نفوسهم، كما تحمله «الوطنية» و«المواطنة»، من معانٍ سامية، بما يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها، وحثهم على المساهمة بأيديهم في بناء نهضة الوطن، لا هدم وتخريب مكتسباته، وقتل وإرهاب أبناء وطنهم.
وعلينا ألا نحمل المسؤولية كاملة على مختلف الأجهزة، إذ أن الأسرة لها دور في مراقبة أبنائها ومراقبتهم مراقبة شديدة للاطمئنان على استقامتهم وعدم انحرافهم، كما نهيب بأنديتنا الأدبية وجامعاتنا، أن تقوم بدور وطني في التوعية من خلال برامج تثقيفية وترفيهية، تحصن أبناء الوطن ضد التيارات الفكرية الإرهابية المنحرفة، والعمل على الاستحواذ على اهتماماتهم وتبني مواهبهم ونبوغهم الفكري، واستغلال طاقاتهم الإبداعية بما يخدم الوطن ويسهم في بنائه. وقطع الطريق على كل من يستغلهم ويسخرهم للإرهاب والانحراف.
————–
الكاتب: محمد علي قدس
*******************
نقلاً عن الشرق