" لا !! "
صَرخَ قلبهُ .. وَهُو ينزِلُ مُنتَفِضًا مِن سيارتهِ وعينيهِ تودِعها
ويديهِ تتلقَف اقرب عَمُودٍ مِن العِمارة المُقابلة ..
تسلق للدورِ الثاني وهو يرى سيارتهُ تتقاذفها المياهُ كـ كُرةٍ تائهة !!
أغلقَ عينيهِ ليفتحهُما فجأةً وهو يُديرُ واجِهة نظرهِ بِسُرعةٍ ..
حينَ سماعهُ لـ صوتِ طفلٍ يصرُخ بِـ قُوة .. وهو يسقُط مِن بين يديَّ والِدتهُ
الى .. المياه !!
وَصرخة أُمِهِ تضيعُ بين الكُونِ الواسِع .. وهي ترمي بِنفسها بـ انهيار وَ بلا شُعور ..
وراء طفلها الذي كانت صرخاتهُ هستيريةٍ قوية ..
وَ .. وَقف لا يَجِدُ من نفسهِ أي فعلٍ يستطيعهُ تجاههُما !!
*
" احمِل السيارة ، بِسُرعة ! "
كانت حامِلة السيارات كبيرة جِدًا ، وَمجلُوبة مِن الخارج ..
لِتفصل السيارات المُتلاحمة المُتراكبة بشكل دماري على بعضِها !
بدؤوا في الحَمل ، والقلُوب أشتات !
هَل يا تُرى .. سَيجِدُونَ جُثَث بين هذهِ الحدائِد ؟!!
حُملت سيارة أخرى وَ ..
تَوَسعت الأعيُن .. وَانفطَرت القلُوب ..
طِفلٌ مُحبَسٌ بين تِلك الحدائِد !!
جُثةً صغيرة .. !! كـَ [ الخِرقَة ] وَ . . لا حَولَ وَلا قُوة إلا بالله !
*
فُجِعتُ .. ، فـ التفتُ بِسُرعةٍ لحافلتي الحبيبة ..
لم أجِدُها .. فـ اهتزَزتُ وأطيافُ عائلتي ترمُقُ بفِكرِي ..
حثثتُ مُسرعًا إلى البيت .. تلفتُ قلقـًا وَجِلًا ..
فـ هُلعتُ وأنا أرى فلذاتُ أكبادِي تتقاذفهُم المِياهُ بين جُدرانِ الغُرف
حِينها وبتِلك اللحظَة وَكأن رجُلًا قويًا يستيقِظُ بداخلي .. ربطتُ ثوبي ..
وأمسكتُ اثنين من أبنائي حملتهُم على ظهري ..
وركضتُ الى السطح .. وضعتهُما .. ورجِعتُ ركضًا للأسفل
احمِلُ اثنين آخران .. وهكذا .. ومن ثُم أنقذتُ زوجتي ..
وتنفستُ بارتياحٍ وأنا أقِفُ على السطح ، وقلبي يتوجعُ من المنظَرِ أمامي ..
والسيُول تتقاذفُ السيارات تذكرتُ حافلتي "تحويشة العُمر"
فنزلتُ من البيتِ بِسُرعة .. لأبحث بين الحُطام !!!
وَآخيرًا .. وجدتُها .. وبعد ان محوتُ الطينَ مِن عليها تأكدتُ بأنها هي !
وَ بكيتُ ..
بِـ حرارة ولأولِ مرة ابكي .. فَقد فقدتُ مصدر رزقِيَّ الوَحيد أنا وأبنائي !!!!
*
" آه "السَيلَّ ! السَيل .. السَيل .. !!!
حملتُ أبنائي وقلبِي يَرجُف ..
وأمسكت بِهم زوجتي معي ..
وركضنا للسطح .. وجدتُ المياه المُخيفة قد هاجت إلى السَطح !
بدُونِ تَردُد .. أمسكتُ بـ الحبل ..وَأخذتُ بربط أبنائي الأربعة وزوجتي معي ..
وأنا أقولُ : " نعش معًا او نمت سويًا " !
ثُم أغلقتُ عينَيَّ وفتحتهُما على منظر تسلسُل أمامِي 38 جُثة تلعبُ بها المياهُ ..!
فَـ .. لممتُ أبنائي بـ قوة إلى حُضني !
*
عَريسٌ .. يذهب لِـ يتفقد شقة العُمر ..
وأفكارَهُ تذهبُ بهِ إلى عالمٍ جميل ..
دخل الشِقة وَبنفس اللحظةِ يُفاجئهُ السيل !
وَبدلَ أن يَهرُب أخذ يركُضُ يحاول إنقاذ ما يُمكِنُ إنقاذهُ
مِن أثاثِ بيت العُمر ! وَللأسَف داهمهُ السيل .. بـ قُوة وحينَ رؤيَتِهِ لذلِك
أخذ يُجري اتصالهُ على جميعَ إخوَتهِ .. ولم يَرُد عليهِ أحد ! وَ هُنآ ..
علِم بأنـهُ لا مفَر مِن الموت فـ السيلُ يُحاصرهُ
وقد أنقض عليهِ بـ شقتهُ !
فـ أمسك بهاتِفهِ .. وكـ آخرِ شيءٌ في حياتهِ
أرسل لـ زوجتهِ " هذا آخِرُ اتصالٍ بيننا ! "
*
كَان يُنقِذُ أُناسَا كُثر .. رُبما 13 شخصًا
أو حتى إلى 18 شَخصًا ..
وبعد آخِر من أمامه .. تنهد وهو يحمِلُ نفسه
ويقِفُ .. وَ .. انزلقت قدم هذا الباكستانيَّ الشهم ..
فـ سقط غارقـًا في المَاء !!و
َ .. انتقلت الرُوحُ إلى بارئِها ...
*
" هيا معًا " " هيا "
شمرتُ عن ساعِدي مع أخي .. وتمحوَرت قلُوبُنا
لإنقاذ تِلك الأرواح البريئـة !!
أخذتُ أساعِد واحمل .. إلى أن توقفتُ مِن التعب ..
رفعتُ نفسي بـ قوةٍ .. لـ اخرُج .. فخرجت
ثُم التفتُ .. لـ أرى .. " الفاجِعة " أخــــــي !!!
وهو يحمِلُ طِفل .. لإنقاذِهِ .. خارت قُواه .. فَـ .. سقط لِـ حتفه !!
وَ .. || بَكيت !!
*
.
اللهُم إرحم جِدة وآهلهآ .. يا رب
وإرحم من مآت وعَوِض خيرًا من لم يمُت