﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
الحمد لله الواحد الأحد، الفاطر الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا
محمد صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا ً.
أما بعد :
قد يعجز اللسان عن وصف ما يكنه الفؤاد ويحتار في البوح بكل ما هو مفيد إلا أن قلمي أبى أن ينهي حيرته إلا بسكب بعضا من قطراته على هذه الأوراق لتنهال أناملي بتسطيرها، فهذه رسالة من زوج إلى زوجته يرفعها لكن معاشر النساء عامة ويخص بها الزوجات.
حديث الروح للأرواح يسري
وتدركه القلوب بلا عناء
فالمنى كل المنى أن تتقبلن هذه الرسالة بقلب واعي، وأذن صاغية لتكسبن أكفاً داعية، ونفوسا راضية﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].
زوجتي... إن السكن الحقيقي للرجل هو الزوجة الصالحة ولابد لهذا السكن أن يكون دافئا حنونا لا يشح بالكلمة الطيبة ولا اللمسة الحانية التي تجلي النظر إلى حياة ملؤها الأمل والطمأنينة تعيش فوق غمام السعادة والهناء، فتفتح للزوج نافذة القلب فلا صدّ ولا هجر ولا ترفع، وتفتح نافذة الأذن معلنةً سمعنا وأطعنا، وتفتح نافذة النظر فترعاه وتحنو عليه وتتفقد مواضع نظره قال صلى الله عليه وسلم ( خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة ) وفي جعبتي الكثير مما أتمنى أن أقوله ولكن إليكن مختصر هذه الوصايا:
الأساس المتين:
عزيزتي أوصيك بوصية الله لعباده ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ فتقوى الله هو سر سعادتك وفلاحك في الدارين لأن من اتقى الله وقاه ومن سار على نهجه نجاه ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2] وهي وصية الله للأولين والآخرين فاتقي الله يا أخيتي في أمورك كلها ليلبسك تاج محبته وراقبيه في السراء والضراء وأخلصي له عملك لتستريحي حينئذ من الهموم و الغموم و الأنكاد والحسرات. لأنك عندها تكوني قد صرفت اهتمامك كله إليه وجعلته وحده همك فصرف عنك اهتمامك بحوائجك ومصالح دنياك ففرغ قلبك منها، فيطيب عيشك وينعم قلبك ويعظم سرورك وفرحك .
ومن يتق الله يحمد في عواقبهِ
ويكفِه شر من عزّوا ومن هانوا
وإن ضيعت حقوقربكِ فأنتِ لما سواها أضيع ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67] إذاً كوني مع الله يكن معك، ولنيخيب مسعاكِ إن شاء الله.
إضاءة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من التمس رضا الله بسخطِ الناس رضي اللهُ عنه وأرضى عنهُ الناس , ومن التمس رضا الناس بسخطِ الله سخِط الله عليه وأسخط عليه الناس).
سحر الكلمة:
بعضا من النساء - هداهن الله - عندما تتحدث إلى إحدى صديقاتها أو قريباتها يقطر من كلامها عسلا، إلا أنها تبخل بذلك على زوجها، وإذا سمع منها كلمة جميلة فكأنها مغصوبة عليها. فكوني لزوجك حورية في البيت عذبة الكلام طيبة الرائحة لا يمل من مجالستك، استقبليه عند عودته إلى البيت مرحبة به بأجمل عبارات الشوق وكأنه قد فارقك سنوات وليس لساعات !! اجعلي الشوق يحدوا بك لتبوحي عن مكنون نفسك بكلمات تقدمها ابتسامة صادقة لتلامس قلبه قبل أذنه فالأذن تعشق قبل العين أحياناً، كما أن لها حاجة فطرية للاستمتاع كباقي أعضاء الجسد ولا يمتعها إلا صوت من تحبه وهو يحدثه في كل مناحي الحياة، وتزداد المتعة حينما يكون الكلام غزلاً وتحبباً. وتسلحي بروح المرح والفكاهة من غير إسفاف ولا مبالغة، فإذا مر عليك الخطب ابتسميله، لأن الحزن والعبوس يهلكان النفس والجسد ويشوشان على التفكير. فأنت بلا ابتسامة كمنزل جميل بلا مصابيح، وتيقني أن الابتسامة هي السهم النافذ الذي يشق لك قلب زوجك شقاً.
إضاءة:قال الله جلّ شأنه ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم:24-25].
الحب:
في هذه الكلمة تكمن كل أسرار السعادة الزوجية.... فهو أقوى سلاح فعال تملكه المرأة.. وألذ شراب تعشقه القلوب البشرية، فتظل تشرب منه دون أن تفتر، لأن له سكرة عجيبة كلما شرب منه شارب ذاب في سكرته وخضع لساقيه أكثر..
فإذا أردتي أن تسلبي قلب زوجك وعقله وتفكيره وتكوني بصمة قوية في حياته فأسقيه من داخل قلبك شراب الحب لتملكي مفاتيح قلبه. فكلمة السر فيها على شفتيك ومفتاحها بيديك.
الحب في قلبك عطر في زجاجة ومتى ما رفعتِ الغطاء وتركت شذاهُ يفوح في حياتكما فستملكين كل مفاتيح قلبه. فإياك ثم إياك أن تحبسي العطر في الزجاجة.... برقتك معه، بعذوبة حديثك، ببشاشتك ودوام ابتسامتك، بحركاتك الأنثوية الجذابة الفاتنة، بحنانك وعطفك ورفقك به، بإظهارك لكل مشاعر الحب.
نعم بالحب لا بالحرب تستجيب القلوب الرقيقة وتنصاع وتذوب ولو كانت جلمود صخر....
إنك إن وجدت ما تحبين في زوجك فلن تحتاجي إلى تغييره والتأثير عليه فهو الحبيب وأنت المحبة ولا غبار يلوث حياتكما... لكن إن وجدت في زوجك مالا تحبينه، فبالحب ستغرسين كل ما تحبين فيه وبكل قوة ستؤثرين عليه.
إضاءة: عاملي زوجك كأنه أحب حبيب إلى قلبك، وسيكون يوماً ما أحب حبيب إلى قلبك فعلاً.
إنني بشر:
يقول الله جل شأنه ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21] فأنا من جنسك أي أنني من البشر فيعتريني ما يعتريهم فلا تعاملينني على أنني من جنس الملائكة المنزهون من الخطأ فإذا ما رأيتي مني خطأ أو تقصير قامة قيامتك الكبرى شجباً واستنكاراً وذماً مما يولد تنافر القلوب، لأن الخلافات قد تنشأ في أي لحظة ولأي سبب، وذلك لاختلاف رغبات كل من الزوجين، فعليك أن تتقبلي هذه الاختلافات على أنها أمر طبيعي.
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
وإياك أن تجعلي النقد ديدنك لأن كثرته تنفر القلوب، ولا تجعلي من الأخطاء والهفوات وسوء التصرفات خزانة في صدرك، وتستمري على جمع هذه الأخطاء والهنات والكلمات المؤلمة خطأ خطأ وكلمة كلمة، حتى إذا وقع خلاف ما فتحت تلك الخزانة وأخرجتي ما بداخلها من ذكريات الآلام مما يزيد حجم المشكلة ويوسع رقعة الخلاف، لأنه لا يمكن لك أن تسعدي طالما أنك تحتفظين بهذه الذكريات المؤلمة، فلا تكتمي في قلبك ما تكرهينه في زوجك حتى يتراكم ثم تنفجري بعده، بل اجعلي من خزانتك مستودع للذكريات السعيدة والأيام الجميلة والليالي الرائعة، وإياك أن تجعلي من الأمور التافهة قضايا شائكة، فالحر من راعى وداد لحظة!! وتيقني أنه لا يخلو بيت من البيوت من المشاكل ولعل في بيت النبوة ما يسكن فؤادك، فالحياة الزوجية كالسفينة في البحر تعتريها أمواج هادرة وتحتاج إلى رُبان قوي ماهر يعرف قيادتها، وإن حصل خلاف فحاولي الصمت لحظة بدلاً من الاسترسال في الجدال فقد يكون في الصمت اعتراف المخطئ بخطئه وإنهاء للمشكلة قبل تطورها، وإن استطعت أن تحولي الصمت إلى ابتسامة تكوني قد بلغت غاية الأمل، وحاولي علاج أي مشكلة بالنقاش الهادئ والحوار البنّاء لأن في خفض الصوت أبلغ الأثر في تهدئة النفوس والأجواء تقول ابنة سعيد بن المسيب (ما كنا نكلم أزواجنا إلا كما تكلمون أمراءكم ). وتأكدي أن لكل مشكلة علاج، فلا تيأسي من علاج أي مشكلة إذا كنت تتطلعين إلى حياة زوجية سعيدة لأنها - أي المشكلة - إن تركت من غير علاج تراكمت بعضها فوق بعض حتى أصبحت كالطود العظيم وجثمت فوق الصدر وأصبح من العسير علاجها، إلا أنه يجب عليك أن تتحيني الأوقات المناسبة للمصارحة والشفافية حتى وإن كنتِ على يقين أنك لن تجدي نتيجة فالحديث بحد ذاته تنفيس، وليحاول كل منكما أن يتنازل عن بعض حقه، وتذكروا وصية الله لكم ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237].
إضاءة: بالرغم من نقاط الاتفاق التي تجمع بين الزوجين ينبغي تقدير ما ينفرد به كل منهما من نقاط الاختلاف، فلا يمكن لاثنين يجتمعان في خلية زوجية أن يكونا متطابقين تماماً تطابق نصفي الكرة فلابد أن يكون لكل منهما إنفراداً بشخصية مميزة وذاتية محددة، تجعله بعيداً عن التماثل مع صاحبه.
لحظة!!
قال صلى الله عليه وسلم ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول ما تركت فلاناً حتى فعل كذا... فيقول ما فعلت شيئاً ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركت فلاناً حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول : نعم أنت نعم أنت) رواه مسلم فاحذري أيتها الزوجة أن يوسوس لك جندي من سرايا إبليس فيوقع بينك وبين زوجك، وإذا احتدم الخلاف بينكما فتذكري هذا الحديث وكوني أنت البادئة بالإصلاح ولكي الخير والثواب من الله ولكي الحب في قلب زوجك قال صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم بنسائكم في الجنة ؟ قلنا بلى يا رسول الله قال : ودود ولود إذا غضبت أو أُسيء إليها أو غضب زوجها قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض – أي لا ترى عيني النوم – حتى ترضى ) رواه الطبراني ألا تحبين أن تكوني من نساء الجنة ؟ وتأكدي إنك في تصرفك هذا تكبرين في قلب زوجك ونظره وعندها سيقدر لك موقفك ويحرص على إسعادك.
خذي العفو مني تستديمي مودتي
ولا تنطقي في ثورتي حين أغضبُ
إضاءة: قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحدا ولا تعتزل فراشه ولا تضربه فإن كان هو أظلم فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبِل الله عُذرها وأفلج - أي أظهر - حجتها وإن هو لم يرض فقد أبلغت عند الله عذرها ) أخرجه الحاكم.
حسن الخلق:
لقد أودع الباري جلّ شأنه في مدارك العقول ومشاعر الوجدان الفطرية ما تدرك به فضائل الأخلاق ورذائلها وهو ما يعرف بالضمير، وهذا هو الذي يشعر الناس بقبح العمل والنفور منه، أو حسن العمل والراحة إليه. فحباه بالأخلاق الحسنة التي تعد الروض الذي يستظل بأشجاره , ويتغذى بثماره، ويتعطر بشذا أزهاره، وهي أصل من أصول الدين ومرآة لصاحبه، فمن لا دين له لا خلق له قال صلى الله عليه وسلم (ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) وقال عبد الله بن المبارك : الخلق : هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى. وقد جبل الله الإنسان على الألفة والمعاشرة ولا يألف الإنسان إلا إذا اجتمعت روحه بمن يحب وتآلف قلبه معه فتولد القدوة عندها تعلمين أنك ستُحبين وتُحِبين لذا عليك بالتحلي بالأخلاق الفاضلة والطباع الجميلة لتجلبي من قلوب الناس المحبة وقد جاء ميزان تلك المحبة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( جُبلت النفوس على حب من أحسن إليها، وبُغض من أساء إليها )، ولتزداد محبتك أحب الخير للناس ولا تسمحي لكلمة نابية تخرج من فمك، وتقبُّلي الميسور من أخلاق الناس، وارضي بظاهر أحوالهم، ولا تتقصّي سرائرهم أو تتبعي دخائلهم، واقبلي أعذارهم وغضي عن هفواتهم، وأحسني فيهم النية. إذا وقعت هفوة أو حصلت زلة من أحد فليس من الأدب و الخلق الحسن المسارعة إلى هتكها والتعجل في كشفها فضلاً عن التحدث بها وإفشائها. واجعلي قلبك سليما خالياً من الضغائن، مُطهراً من الحسد، ومنقى من الحقد، وسليماً من البغضاء و الشحناء. يقول المارودي : إذ حسنت أخلاق الإنسان كثر مصافوه، وقل معادوه، فتسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت عليه القلوب الغضاب.
والمرء بالأخلاق يسمو ذكره
و بها يفضل في الورى ويوقر
فلا تترك الشيطان يزرع حقول الحقد والحسد والبغضاء بينك وبين أقرانك فإن: (الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم).
إضاءة:يقول ابن القيم : أصول الخطايا كلها ثلاثة :
1- الكبر : وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره .
2- والحرص : وهو الذي أخرج آدم من الجنة .
3- والحسد : وهو الذي جرأ أحد ابني آدم على أخيه .
فمن وقِي شر هذه الثلاثة فقد وقِي الشر، فالكُفر من الكبر، والمعاصي من الحِرص، والبغي والظلم من الحسد .
الكنز:
الإنسان مذبذب في حياته بين السعادة والشقاء، فما من سعيد إلا وتمر به مراحل شقاء، وما من شقي إلا وتمر به مراحل سعادة، وبطبع الإنسان أنه ملول ويحب التغير والتحول من حال لآخر فالسعادة الحقيقية التي يبحث عنها الفرد في حياته تنبعث من داخله إذا رغب ذلك، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) ولا يعني ذلك أن الإنسان لا يسعى للأفضل وإنما المقصود ألا يتطلع الإنسان إلى ماليس في استطاعته فيعذب نفسه ويتعب قلبه من غير جدوى وليحمد الله على كل ماحصل في حياته.
إن الغنى هو الغنى بنفسه
ولو أنه عارِ المناكب حافِ
ما كل ما فوق البسيطة كافياً
وإذا قنعت فبعض شيء كافِ
إضاءة:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالقناعة فإن القناعة مال لا ينفذ ) رواه الطبراني.
ثروة مهدرة:
يمثل الوقت بالنسبة لنا ثروة كبيرة قد وُزَّعت بين الناس بالتساوي.. فالكل متساوٍ فيها والسابق من استثمر وقته، ونظم شئون حياته.. وأنت أيتها الزوجة تمر عليك الساعات الطوال وأنت في منزلك فاقضيها فيما يعود عليك بالنفع والفائدة لأن كل برهة تمر عليك لن تعود ثانية وتذكري أن مما يسأل عنه العبد يوم القيامة ( عمره فيم أفناه ) لذا تَوَقَّف عن تضييع الوقت فيما لا يجلب لك فائدة وابدأ بإدارته واستثماره؛ وسيكون ذلك بلا شك أفضل استثمار قُمْتَ به لنفسك.. و ستكون النتائج مذهلة.. واعلمي أنك إن لم تشغل نفسك بما ينفعك ؛ شغلتك هي بما يضرك... يقول صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس : الصحة والفراغ ) فالفراغ نعمة كبيرة يغفل عنها كثير من عباد الله. وأنت لديك عدة بدائل يمكنك من خلالها أن تستفيد من وقتك.
إضاءة: قال حكيم : (من أمضى يومًا من عمره في غير حَقٍّ قضاه، أو فَرْض أدَّاه، أو مجد أَثَّله - ورَّثَه -، أو حَمْدٍ حَصَّله، أو خير أسَّسَه، أو علم اقتبَسَه، فقد عَقَّ يومَه وظَلَم نَفْسَه).
وصية أعرابية:
نصحت أم إياس ابنتها عند الزواج بعشر وصايا فقالت : أيّ بنية اعلمي لو أن امرأةً استغنت عن الزواج لِغِنى أهلِها لكنتِ أغنى الناس، ولكن النساء للرجال خُلِقن ولهن خُلِق الرجال. يا بنيتي : احفظي عني عشرَ خِصال تكَن لك ذُخراُ. أما الأولى والثانية فالمُعاشرة له بالرِضا، والقناعة وحُسنُ السمع له والطاعة، وأما الثالثة والرابعة فالتفقد لِموضع أنفِهِ وموضِع عينيه، فلا تقع عيناهُ منكِ على قبيح ولا يشُمُ منكِ إلا أطيب الرّيح، وأما الخامسة والسادسة فالهدوء عند منامِه، والتفقدُ لِموضعَ طعامه، فإن مرارة الجوعِ مُلهِبه، وتنغيصُ النومِ مُغضِبه. وأما السابعة والثامنة فالاحتفاظ بمالهِ والإرعاءُ على حشمهِ وعِياله. وأما التاسعة والعاشرة فإياكِ أن تعصي له أمراً أو تُفشي له سِراً، فإنكِ إن عصيتِ أمره أوغَرتِ صدره، وإن أفشيتِ سِره لم تأمني غدره، وأعِظُكِ بعد ذلك من الفرحِ إن كان ترِحاً أو من الترحِ " الحُزن " إن كان فرِحاً .
وفي الختام... أيتها الزوجات الفضليات قد سطرت لكم ماجاد به الفؤاد وأقول لكم: يا من تحملتم أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة أبت من حملها الأرض و السماوات يا من أعطاكم الله الأولاد زينة، وابتلاكم بهم بالفتنة، وحذركم منهم بالعداوة، اتقوا الله في فلذات أكبادكم.. ومنشأ أصلابكم.. وامتداد أنسابكم.. اتقوا الله فيهم، ربوهم على الطاعة وعلموهم العبادة، وكونوا سلفهم إلى الجنة ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21].
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
بقلم :
الأستاذ مصلح بن
محمد المزيني
منقول
رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/social/0/28067/