لننظر إلى أعضاء
رسول الله صلى
الله عليه وسلم الطبيعية والتى أشركنا
الله فيها معشر البشرية كلنا ، وسنأخذ حقيقة واحدة: فى هذه الأيام منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الإقليمية وكل الإذاعات والمنشورات تُحذر من اللعاب والريق لأنه يسبب أمراضاً كثيرة ويحذرون من التقبيل ومن استخدام الريق لأنه الموضع الأساسى للداء ، لكن تعالوا ننظر إلى ريق
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
ففى مرات لا تُعد ولا تحصى فى كتب السيرة يأتيه وفد من العرب ويخبرونه أن لهم بئرا مالح ماؤه وحياتهم على الآبار ، فيطلب صلى
الله عليه وسلم إناءاً به ماء فيتناول منه قليلاً ويديره فى فمه ثم يمجُّه فى الإناء ثانية ، ويقول لهم أن اسكبوه فى البئر ، فيفعلون ، فيتحول ماء البئر بإذن
الله إلى ماءٍ عذب فرات - هذه الروايات عددها أكثر من ثمانين مرة فى كتب السيرة الصحاح - إذاً كيف حوَّل ريقه الماء الملح الأجاج إلى ماء عذب؟ إذاً هل هو مثلنا؟ لا، بل كرَّمه الله
وأخرى .. ذهب
رسول الله ليفتح خيبر وحاصر الجيش اليهود ، ومن إعجاز القرآن أن
الله أخبر عن اليهود فى أنهم كما كانوا فى عهد حضرة النبى كذلك هم الآن:
{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ} الحشر14
إما أن يبنوا قرى وحولها أسوار حصينة أو يبنوا جدراناً ، وأنتم تعلمون أن اليهود مكذبين ويريدون أن يُكذبوا القرآن، ومع ذلك فإنهم يبنون قرى محصنة ويبنون جدران فلماذا لا يمتنعون عن ذلك؟ حتى نعرف:
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً} النساء87
فحاصر النبى أهل خيبر والذين أقاموا سوراً له باب واحد ، فحاربهم المسلمون طوال النهار ولم يستطيعوا أن يدخلوا ، فعقد النبى صلى
الله عليه وسلم اجتماعاً مع قادة المهاجرين والأنصار بعد المغرب وقال لهم:
{لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللّهِ ، كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا- وفى رواية أبى هريرة : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَحْبَبْتُ الإِمَارَةَ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ: فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا- فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ ، قَالَ: فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللّهِ فِي عَيْنَيْهِ ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ}{1}
ففتح الله على يديه
فأين القطرة أو المرهم الموجودة فى الكون كله والتى يمكن أن تشفى من الرمد فى الحال؟ هل توجد؟ بالطبع لا ، ولكنه ريق النبى صلى
الله عليه وسلم ، وهذا الكلام ليس بعد النبوة فقط بل منذ ولادته ، فاليهود كانوا يعلمون كل شئ عن
رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقد عرَّفهم سيدنا موسى عنه كل شئ ، حتى قال
الله فيهم:
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} البقرة146
وكثير منهم سكن مكة عند ميعاد ظهوره ومنهم من سكن المدينة لأنهم يعرفون أنها مهاجره ، وممن سكنوا مكة من اليهود رجلٌ سكن عند جبل عرفات - وكان طبيباً – وكان حضرة النبى بعد أسبوع من ولادته قد أصيب برمد فأخذه جده عبد المطلب وذهب لهذا الراهب ليعالجه فعندما رآه عرفه ، وقال لجده هذا شفاءه معه ، فخذ من ريقه وضع فى عينه يُشفى فى الحال ، فأخذ من ريقه ووضع فى عينه فشفى فى الحال ، متى كان هذا؟ كان وهو فى سن سبع سنوات كيف ذلك؟ خصوصية لرسول
الله صلى
الله عليه وسلم
فهو صلى
الله عليه وسلم حتى فى الصفات البشرية فريدٌ وحيدٌ لا مثيل له ، فريقه كان يحول الماء الملح إلى عذب وريقه يشفى العين المصابة بالرمد من مرة واحدة لاأكثر، إنه ريقه الشريف صلى
الله عليه وسلم ، فهذه الخاصية مع من قال له
الله فيهم:
{وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} الصافات175
أى أنت معك نور السريرة والبصيرة وكما أنك تنوِّر الأبصار فأنت تنور السرائر بنور الواحد المتعال عز وجل ، فالناس صنعت لعيونها قطرات ومراهم ولكن السرائر أو البصائر ليس لها علاج إلا عنده صلى
الله عليه وسلم ، من الذى معه هذه البصيرة غير
رسول الله فى الكون شرقا وغرباً أو قبلاً وبعداً؟ لا يوجد إلا
رسول الله من أعطاه
الله هذه الخصوصية:
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يوسف108
وللريق الشريف آثار أخرى ، ففى موضع آخر ذهبت ابنة يتيمة ومعها ثلاثة أخوات لها إلى النبى صلى
الله عليه وسلم فأعطاها قطعة لحم كانت فى فمه وقد لاكها بأسنانه الشريفة ، وقال لها: كليها أنت وأخواتك ، فصرن الثلاثة يُعرفن بأنهن أنقى النساء رائحة فم إلى أن لقين
الله لم يستخدمن معجون أسنان ولا فرشاة ولكن
الله جعل أفواههن كذلك ببركة ريقه الشريف صلى
الله عليه وسلم ، فانظروا ماذا يفعل ريق
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
وواقعة أخرى لرجل من أصحابه صلى
الله عليه وسلم يدعى عتبة بن فرْقَد السُّلَمِى وكان له أربعة نسوة يجتهدن كلهن لتنال رضاه فتأتى بأفخر العطور وتتطيب بها ، واترككم للحديث العجيب من إحداهن وهى أُمُّ عاصم رضي
الله عنهم :
{كُنا عند عُتبة أربع نِسْوَةٍ ما منا امرأةٌ إلاَّ وهي تَجتهدُ في الطِّيب لتكونَ أطيبَ من صاحِبَتِها ، وما يَمَسُّ عُتبةُ الطّيب إلاَّ أن يَمَسَّ دُهناً يمسحُ بهِ لحيتَهُ ، ولَهُو أطيبُ ريحاً منَّا ، وكان إذا خرجَ إلى الناسِ قالوا: ما شَمِمنا ريحاً أطيبَ من ريحِ عُتبة ، فقلتُ له يوماً: إنا لنجتهدُ في الطِّيبِ ، ولأنتَ أطيبُ ريحاً مِنا فمِمَّ ذاك؟ فقال: أخذني الشَرى (حبوب وبثور) على عهدِ رسول الله ، فشكوتُ ذلكَ إليه فأمرني أن أتجرد فتجردْتُ وقعدتُ بـين يديه وألقيتُ ثَوبـي على فَرْجِي فنفثَ في يد ثم مسح يَدَهُ على ظَهْري وبَطني فَعَبِقَ بـي هذا الطِّيبُ من يومئِذٍ}{2}
بل أكثر من هذا من غرائب ريق الحبيب ، فقد كانت هناك امرأة سليطة اللسان فى المدينة ، ذهبت لرسول
الله صلى
الله عليه وسلم مرة وكان يأكل لحما مجفَّفاً فأعطاها مما أمامه فأصرَّت أن تأخذ مما فى فمه ، فأعطاها قطعة كان قد لاكها بفمه وأعطاها لها فأكلتها فانقطع عنها سبابها وشتائمها وصارت لا يُسمع منها إلا القول الحسن ببركة ريق
رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى أن توفاها الله
والسيدة فاطمة كانت تخرج لقضاء حاجاتها وتترك سيدنا الحسن وهو رضيع وبعده الحسين ، وعندما كانت تتأخر ويبكى أحدهما كان صلى
الله عليه وسلم إذا لم يجد له طعاماً صلى
الله عليه وسلم يُخرج له لسانه فيرضع فيه فيشبع بإذن الله{3}
وتفل فى فم سيدنا عبدالله بن عباس وهو صغير ودعا له ففقَّهه
الله فى الدين وعلَّمه التأويل وصار كما نعلم، وقد أخبرسيدنا عمر رضي
الله عنه بهذه الواقعة
عجائبٌ لا عدَّ لها ولا حد حتى نعرف أن
رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى فى البشرية كان له خصوصية إلهية وهذا ليس بعجيب على القدرة الربانية التى خصته بهذه الأوصاف الخصوصية إكراماً له صلوات
الله وسلامه عليه