قالها ويقولها وسيقولها كل معتوه لا يعرف الحق والحقيقة ولو اخترقت جدران الحجاب الحاجز في صدره المهزوز بالترهل في غمط الحق ليزرات الألق، أو من يرخي أذنه كلما تربى في صحراء الجفاف النفسي ليسفَّ الرمال على الآمال!
ثم قالها ويقولها وسيقولها كل من يخشى على خمَّارة مديره إذ لاسُقاة، أو حانة شركته إذ لارُعَاة.
وكأنما يريدون دستورا يفصِّلون فيه حماية الدين والوطن والعرض بالمقاس، ويحبذون لو صدَّق على دستورهم العم سام وقبلوا أن يكون تمثال الحرية ترويسة في أعلى الدستور!
فهم يطالبون محلات الغير بأن تحتشم، وترعى النظام، وإن لم تفعل فعليها اللعنة والوزر وحوشي الكلام.
بينما هم في رقاق الملابس محتشمون، وفي زُقاق الكَعْكَعَةِ والتسطيلِ وطنيون، وفي ممالأة القاتل والعلماني ونشر عهر السادي واقعيون!
إنكَ لو جمعت في كل ساعة مئات المقاطع من قنواتهم لما خفيت عن عين المشاهد لقطات رقطاء، وغرام فاحش، ومروءة ميتة، وهوس عفن، ثم يتبجح ضميرهم الآثم ومنطقهم الأرعن، للحديث عن قنوات يلتقي فيها ضيفان للحديث عن حماية الامة ومقدراتها من مجوسي سفاح، وطائفي متوحش، ويهودي لعين، وصليبي حاقد، فعلام يغضبون؟! يا للعجب!!
أو ربما قلَّبوا النظر في هذه القنوات الهادفة فوجدوا براءة في جلسة متعة ومفاكهة، أو نسمات من أنشودة مصورة عن سبَحات الكون وتوبة الوجدان، ثم على مثلها يتكلمون، فيا للعجب!!
أو لعلهم بعد أن أنفقوا المليارات على نغمات السح الدح مبو، وطوابير مسلسلات سفاح الغرام، ومومياءات السخرية بكل ناطق للحق مخرس لقاطني أحراش الظلام، وبعد أن ظنوا أن غيرهم بلعَ الطُّعم، إذ بقنوات هادئة هادفة وبدرهم يسقطون صفقة قنطار الرذيلة، وببرنامج صادق في مشهد يزخرفه محراب خلفه، يشد الملايين بالوجدان، ثم يحركهم في الميدان، فتستجيب الضمائر، وتعلو إلى عنان صفائها، تهز مسارح فجورهم، ثم يَنفضُّ السامر عنهم، إذ الناس لم تقبل أن تجعلهم قِبلة في الفكر أو السياسة!!
ولأجل هذا يتمللون ويُعذَّبون، فيا للعجب!!
وقد يكون بلغهم بعد أن قضَّ مضجعهم أن اللمعان السياسي للإسلامي، والمنافسة والمناكفة وتمرير مايُشرَّع وما لا يجوز تشريعه، إنما كان موجِّهه تلك القنوات الهادفة المحدودة المال، القليلة الرجال، الضعيفة الوسائل، ولكنها جيشت العقول بالبرهان، وصفعت بقناعاتها واختياراتها مشروعات الضعة والدجل والانتهازية والتبعية والعري والخسة، ولذا يتباكون، فيا للعجب!!
ومن الطبيعي أن يتخوف الصعلوك من المارد، ولذا تراهم يتهوكون في أحلاسهم حتى على مجرد (هاشتاق) خشية أن تتآكل نسبهم المالية المتخومة بالحرام، ويكاد يجنُّ جنونهم لو طار معلن وخشي ربه!!، فيا للعجب!!
وإذا مضى كل ما مضى في تعب من غير أَرَب، لوَّحوا ثم صرَّحوا: من أنتم؟!!
من أنتم جميعاً، ممن اجتمعتم في المساجد تصورون، أو في الحدائق تحاورون، أو المنازل تنصحون؟ كلكم سواء.
من أنتم جميعاً، تعظون بالكلام، أو تنشرون الأفلام، تظهرون المرأة، أو تمنعون المرأة، ترفضون الموسيقى، أو تقبلون الموسيقى، تخرجون بالثياب، أو تلبسون البنطال..
كلكم واحد، وصوت واحد، وعقل واحد، وموجِّه واحد!
طالما اتخذتم الدين شعاراً، والبرامج الهادفة وسيلة!
كلكم يحمل خطاب الكراهية، والعنف، والتبعية للأحزاب!!
نعم كلكم..
لماذا لا تتكلمون في كذا، وتحاربون كذا، وتوالون كذا، وتعادون كذا؟!
نحن نعرف ما وراء الباطن عندكم، ولذا ندعوا لمحاسبتكم، وتجفيف منابع من يدعمكم!!
ونتمنى أن يقف جرس الإنذار الشيطاني الصارخ في آذاننا لو سمعنا بمنعكم!!
وبعد؛ فيا هؤلاء:
انقلوا عن القنوات الهادفة أنها تقول: ولَّى زمن اللعب بالحقائق، وانفضوا عن قلوبكم غبار الكبرياء، وازهدوا في التغيير كما تريدون والتحريش لمن تريدون.
العالم اليوم أكبر من عقولكم، والفضاء أوسع من قراراتكم، والأموال أكثر من مضايقاتكم، والتحالفات أصدق من أمنياتكم، والأهداف أرحم من مخططاتكم!!