على الرغم من أن وجود نهاية فعلية للصراع في سوريا يبدو كأمر ميؤوس منه في المدى القريب، إلا أنه ما زال من الممكن قراءة السيناريوهات المحتملة لنهاية الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات هناك.
ووفقاً لتقرير جديد صادر عن
مؤسسة " راند " الأمريكية للأبحاث والتطوير، هناك أربعة سيناريوهات محتملة يمكن أن تنهي هذا الصراع، حيث إنه، وفي كانون الأول عام 2013، جمعت
مؤسسة راند ورشة عمل ضمت خبراء في مجال الاستخبارات والسياسة في الولايات المتحدة، باحثين في المؤسسات الفكرية المختلفة، وباحثي
راند نفسها.
وأوعزت المؤسسة إلى ورشة العمل هذه طالبةً منها التوصل إلى
أربع نهايات محتملة
للحرب في سوريا، على أن تكون كل من هذه النهايات ممكنة الحدوث على المدى القريب، وتحديداً بين عامي 2014 و2015.
وفي تشرين الأول، قامت
مؤسسة راند بإعادة صياغة ورقة البحث التي صدرت عن ورشة العمل هذه، بحيث تتناسب نتائجها مع الحقائق الجديدة على الأرض في سوريا.
وهنا السيناريوهات الأربعة التي توقعتها المؤسسة لنهاية الصراع السوري:
1- صراع طويل الأمد بين دويلات
وفي هذه النتيجة، تتصلب خطوط المعركة الحالية في سوريا وتنشأ عدة دويلات تعمل بشكل شبه ذاتي في جميع أنحاء البلاد. وقد تشمل هذه الدويلات الجديدة، دولة علوية يديرها نظام الأسد وتمتد من دمشق إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط في الغرب، ودولة كردية في أقصى شمال شرق البلاد، ودولة إسلامية معتدلة تسيطر على المنطقة الواقعة بين ضواحي دمشق والحدود الإسرائيلية، وإمارة داعش الممتدة من حلب إلى الحدود العراقية.
وفي هذه الحالة، من المرجح أن تستمر إيران وروسيا بتمويل الأسد، في حين أن طهران سوف تقوم أيضاً ببناء علاقات رعاية مع الأكراد والمتمردين السنة غير الجهاديين. كما إن حزب الله سوف يستمر على الأرجح بالقتال في سوريا، مما سوف يؤدي إلى مستويات تصعيد غير مسبوقة بما يتعلق بالطائفية.
وتنظيم القاعدة وداعش سوف يكونان أكبر الفائزين في هذا السيناريو، لأنهما سيحصلان على الحكم وبالتالي حرية مواصلة عملياتهما وتخطيط هجماتهما الإرهابية. كما إن المزيد من القتال الطائفي من المرجح أيضاً أن ينتشر في الأردن ولبنان والعراق.
2- انتصار الأسد
وفي هذا السيناريو لن يكون “النصر” نقياً تماماً من أي شوائب بالنسبة لنظام الأسد. وبدلاً من ذلك، فإن الأسد وقوات نظامه سوف يعملون على طحن الفصائل المتمردة ببطء، من خلال استخدام القوة الغاشمة واستغلال الانقسامات الداخلية في صفوف هذه الفصائل. ومن المرجح أن الجماعات المتمردة سوف تستمر في العمل على طول الحدود التركية، وفي مرتفعات الجولان، وفي ريف شرق سوريا، وفي جيوب المقاومة في حلب ودمشق.
وسيشجع هذا الفوز الجزئي نظام الأسد على اتخاذ موقف أكثر عدوانية تجاه دول الخليج التي ساعدت المتشددين المناهضين له أو التي لحكوماتها نكهة طائفية سنية خاصة، مثل البحرين والكويت. ومع ذلك، وعلى المدى الطويل، فإن سوريا قد تثبت أنها استنزاف مالي كبير بالنسبة لإيران، ومن المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة عندها بجذب الأسد بعيداً عن طهران من خلال تزويده بمساعدات اقتصادية.
وفي الوقت نفسه، سوف تستمر داعش في العمل في العراق، وسوف يفقد حزب الله أي دعم له في العالم العربي وسيعتبر مجرد أداة بيد الإيرانيين. كما إنه من المرجح أن تقوم دول الخليج بإلقاء اللوم في انتصار الأسد على الولايات المتحدة، مستشهدةً بسنوات أوباما من التردد السياسي.
3- انهيار النظام
إن انهيار الأسد سوف يستغرق وقتاً طويلاً حيث سينطوي على فقدان عدد كبير من جنود النظام ببطء وعلى مدى أشهر. وإن هذه النتيجة لن تأتي إلا عن طريق حصول المتمردين على أسلحة أكثر تطوراً، مثل الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات.
وإن سقوط النظام سوف يؤدي إلى ظهور العديد من الإقطاعيات المتنافسة في البلاد، بدءاً من القومية العلمانية إلى جيوب داعش. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى مستوى ثابت من العنف بين مختلف الفصائل المتمردة، مع بروز داعش باعتبارها أقوى قوة في المنطقة.
وهذه أيضاً هي أسوأ نتيجة ممكنة بالنسبة لإيران وحزب الله. حيث إن النفوذ الإيراني في المنطقة سوف يتراجع مع فقدان وكيل موثوق به، كما أن حزب الله سوف يضعف على الأرجح ويتعرض للهجوم من عدد من الفصائل في لبنان. وفي الوقت نفسه، فإن داعش سوف تخطط لمؤامراتها الإرهابية من ملاذها الآمن في سوريا، في حين ربما تقوم بتنفيذ التطهير العرقي ضد الأقلية العلوية في سوريا أيضاً.
4- تسوية تفاوضية
وهذه هي أقل السيناريوهات قابليةً للحدوث. إن هذه النتيجة تعتمد على استئناف محادثات السلام المتوقفة حالياً، وإنشاء حكومة شاملة وغير طائفية في سوريا تتألف من أعضاء نظام الأسد وأعضاء من مختلف الفصائل المتمردة.
وفي جميع الاحتمالات، فإن التسوية سوف تنص على إيجاد ممر آمن لخروج الأسد وعائلته من سوريا، وهو ما سيتطلب وجود دولة مضيفة تقدم له حق اللجوء. كما إن هذه التسوية سوف تعني خلق حكومة وطنية جديدة كلياً مع جيش شامل يشارك فيه السنة على أعلى المستويات. وسيكون من شأن هذا الجيش لاحقاً أن ينقلب ضد داعش وجبهة النصرة.
وسيكون على كل من الولايات المتحدة وإيران على الأرجح أن يعملا جنباً إلى جنب لنشر مدربين عسكريين لإنشاء جيش وطني جديد. ومن المرجح أن دول الخليج سوف تدعم هذه النتيجة، ولكنها قد تواجه مشكلة في تضييق الخناق على الجهات المانحة التي تعمل على أراضيها من آجل دعم الجماعات الجهادية العنيفة العاملة في سوريا.