ترجمة وجدي أنور مردان عملاق اسيوي مسلم. ابو النهضة العلمية والثقافية والاجتماعية والصناعية والاقتصادية الماليزية. متواضع تواضع العلماء، صارم في الحق كحد السيف وطني حد النخاع. رفع بلاده وأمته من القاع الى القمة. يعمل 16 ساعة في اليوم. درس التاريخ واستقى منه دروسا جمة. درس الطب فاصبح طبيبا يداوي الناس وطبيبا يداوي أمراض مجتمعه. درس القرآن الكريم والشريعة بتدبر. انتقل من الشك والارتباك الى مؤمن عميق الايمان. لم يقوده الاسلام الى العلم وانما قاده العلم الى حقيقة الاسلام الحنيف واصبح مدافعا عنه عن دراية وحكمة. سيرته سيرة العظماء الذين سيخلدهم التاريخ وسيبقى رمزا حيا في ذاكرة الشعوب المحبة للسلام. محب للعدل والصدق. مناضل عنيد ضد الفساد والاجرام والحروب وضد الاستعمار وقيمه البالية. بابتسامته الودودة يدخل الى قلبك ولا يسعك الا ان تحترمه وتبجله، ملابسه بسيطة يمشي بين ابنا شعبه بثقة القائد العادل الذي لا يهاب الموت أو من متعطش للدماء لينال منه. تعرف على كل صغيرة وكبيرة في مجتمعه، شخص الخلل والمرض ووصف الدواء وبدأ العلاج وكانت النتيجة النهضة العملاقة لشعب كان ينام على الاشجار ويعيش على صيد الاسماك وزراعة الرز. إنه مهاتير محمد أسكندر، أطول رؤساء الوزارة في ماليزيا حكماً (من 1981 إلى 2003) وأبعدهم أثراً. حول ماليزيا من دولة زراعية هشة متخلفة، إلى دولة صناعية متقدمة رفع صادرات بلاده من 5 مليارات دولار عندما تسلم الحكم إلى أكثر من 520 مليار دولار سنوياً عام 2003، يمثل ناتج قطاعي الصناعة والخدمات فيها 90 في المئة من ناتجها الإجمالي. وصل في عهده مواطن الماليزي الى الفضاء ثم صعدوا الى قمة جبل إفرست وقاموا باستكشافات في المحيط المنجمد الجنوبي ( أنتارتيكا) أسس أكثر من ثلاثين جامعة في بلد متعدد الاعراق والقوميات والاديان واللغات ( 140) لغة ولكنه جعل اللغة الملاوية ( الباهاسا) اللغة الرسمية لماليزيا مع الحقوق الكاملة للقوميات الاخرى في الدراسة بلغاتهم القومية في مدارسهم الخاصة كالصينية والهندية. ولد الدكتور تون مهاتير محمد في 20 كانون الأول/ديسمبر 1925 بمدينة ألور سيتار، عاصمة ولاية قدح Kedah، بماليزيا؛ وتلقى فيها تعليمه الابتدائي والثانوي. ، باع الموز ( وساتي- كباب ماليزي) في الشوارع ليساعد عائلته الكبيرة .وفي عام 1947دخل كلية الملك إدوارد السابع الطبية في سنغافورة التي كانت جزءَ من ماليزيا، والتحق بعد تخرجه بالخدمة في القطاع الحكومي الماليزي بصفة ضابط طبيب. وفي عام 1957، ترك الخدمة فيه ليؤسس عيادته الطبية الخاصة في مسقط رأسه والتي مازالت مفتوحة الى الآن… بدأ بنشاطاته السياسية منذ نعومة أظفاره ، كتب المقالات باسم مستعار مهاجما المحتلين اليابانيين لبلاده وأصدر ملصقات مع زملائه ضد المستعمرين الانكليز لماليزيا. مسكون بهاجس تخلف الملاويين وعجزهم. أصبح عضواً في حزب “منظمة الملايو الوطنية المتحدة” (المعروف اختصاراً باسم UMNO) منذ تأسيسه عام 1946. وخلال الانتخابات العامة التي أجريت عام 1964، انتخب لأول مرة عضواً في البرلمان الماليزي، غير أنه خسر مقعده فيه خلال الانتخابات العامة اللاحقة عام 1969. ونظراً لاهتمامه البالغ بالنظام التعليمي في ماليزيا، فقد عُيّن رئيساً لمجلس التعليم العالي الأول في عام 1968؛ وعضواً في المجلس الاستشاري التعليمي العالي في عام 1972؛ وعضواً في مجلس جامعة الملايا، ورئيساً لمجلس الجامعة الوطنية الماليزية في عام 1974. وفي عام 1973، عيّن الدكتور مهاتير عضواً في مجلس الشيوخ؛ ولكنه تنازل عن موقعه هذا بغية المشاركة في الانتخابات العامة لعام 1974، و فاز فيها من دون منافس، وعيّن في أعقابها وزيراً للتربية والتعليم. أصبح في عام 1976 نائباً لرئيس الوزراء تون حسين عون، مع احتفاظه بحقيبة وزارة التربية. وبموجب تعديل وزراي أجري بعد سنتين، اختير وزيراً للتجارة والصناعة؛ وأشرف بصفته هذه على تنفيذ العديد من المهام الرامية لاجتذاب الاستثمارات الخارجية. وكان الدكتور مهاتير قد انتخب في عام 1975 أحد ثلاثة مساعدين لرئيس حزب “منظمة الملايو الوطنية المتحدة” UMNO؛ ليصبح في عام 1978 نائباً لرئيس الحزب، ومن ثم رئيساً له عام 1981 ثم الرئيس الرابع للوزراء عقب تنحي رئيس الوزراء تون حسين عون، وأعيد انتخابه لرئاسة الحزب ورئيسا للوزراء ثانية عام 1984 وأستمر يشغل منصبه لغاية العام 2003 حيث تقاعد اختياريا من منصة كرئيس “آمنو” ورئاسة الوزراء. تشرف الكاتب بمقابلة الدكتور تون مهاتير عام 2000 ثم تكرر اللقاءات منذ عام 2008. إنسان يتحلى بارقى مواصفات القائد المؤمن بوطنه وأمته الملاوية والاسلامية . قرأت مذكراته الذي نشرها عام 2011 بعنوان ( الطبيب في البيت)، وترجمها الى العربية السيد أمين الأيوبي بعنوان ( طبيب في رئاسة الوزراء) ونشرتها الشبكة العربية للأبحاث والنشر عام 2014م تضم المذكرات (62) فصلا. ومما لفت نظري الفصل السادس والثلاثين منها بعنوان ” الاسلام وألاسلمة” بالرغم من ان جميع فصول الكتاب مهم وجدير بالقراءة والدرس ليس من قبل شباب المسلمين فقط ولكن يجب ان يقرأه جميع الحكام المسلمين ليتعرفوا على أفكار ونضال وكفاح هذا العملاق الذي مازال يمشي بيننا ويعرفوا كيف فهم هذا القائد الاسلام وكيف ينبغي أن يطبق مبادئه وتعاليمه وقيمه. ليتعرف على فكره شباب المسلمين المغرر بهم في هذا الزمان الذي اختلطت عليهم الامور لكي يعودوا الى رشدهم واحتكام عقلهم في فهم الاسلام وعلى الحكام المسلمين عامة والعرب منهم بخاصة ليدرسوها لكي يتعلموا كيف تبنى الاوطان وكيف يقام العدل والانصاف وكيف يعتز الانسان بقيمه ومبادئه ودينه وما هي أسس نهضة الامة والبلاد. وتجدر الاشارة الى أن معاليه قد وافق على طلبي لنشر هذا الفصل من مذكراته.