أكد متخصصون في الشأن العقاري أن عمليات هروب رؤوس الأموال من القطاع، باتجاه سوق الأسهم، مازالت مستمرة، بمعدل يصل إلى 6 مليارات ريال سنوياً، بسبب التوجسات التي تحيط بسوق العقار حالياً بعد دخول وزارة الإسكان بثقلها لتوفير السكن للمواطنين، إلى جانب التضخم الذي يشهده العقار خلال دورة استثمارية، بلغت ثماني سنوات بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما أدى إلى جفاف السيولة من أيدي المستثمرين العقاريين.
وقال الخبير العقاري ثامر الضبيبان إن نشاط سوق الأسهم بدأ يستقطب رؤس أموال كبيرة، من بينها رؤوس أموال لتجَّار عقار بحثوا عن قنوات استثمارية بديلة بعد إصابة القطاع بالتضخم».
وتابع «أصحاب رؤوس الأموال يبحثون عن استثمار آمن لهم»، مبينًا أن «كثيراً من الشركات يعطي عوائد ربحية سنوية مناسبة لرأس المال، مقارنة بالعقار المتضخم».
وأوضح أن «صغار المستثمرين ومن يملك رأس مال سواء كان متوسطاً أو صغيراً ، لا يمكن أن يدخل سوق العقار، ويجني عوائد مادية مناسبة، لذلك يجد في سوق الأسهم أرباحاً سنوية، تتجاوز 7% من قيمة رأس ماله»، لافتًا إلى أنها «نسبة لا يمكن أن تتحقق حالياً في ظل التضخم الحاصل في سوق العقار».
وأضاف أن دورة سوق العقار في السنوات الثماني الماضية، والزيادة التي تحققت في معظم مناطق المملكة بنسبة 100% في زمن قصير جدًا، أجبر على زيادة العرض أكثر من الطلب، رغبة في الحصول على عائد نقدي من سوق العقار»، مبينًا أن «النقد الذي يخرج الآن من العقار، لن يعود به المستثمر لشراء عقار آخر»، منوهًا إلى أن «صناع السوق العقاري لا يرحِّبون بالتضخم».
واستبعد الضبيبان أن «ينهار سوق العقار، ولكنه سيدخل في سبات، لأنة لن يتم الاستغناء عن المسكن»، مبينًا أن «الأموال التي تم ضخها في قطاع العقار لم تتوجه للقطاع السكني، ودخلت كاستثمار وتداول ومضاربات عقارية، وبحثت عن الكسب السريع دون جلب المنفعة».
وقال إن الطبقة المتوسطة تبحث عن سكن، وبمجرد الحصول عليه، تتخلى نهائيًا عن فكرة الاستثمار العقاري»، مستدلاً بحادثة بيع قطعة أرض واحدة في السنة الواحد على عشرة من مضاربين».
من جانبه، أوضح رئيس مركز الدراسات والأبحاث السعودي ناصر القرعاوي أن مؤشر سوق الأسهم سحب السيولة من العقار، ووصل إلى 11 ملياراً بعد أن تراوح ما بين أربع وخمس مليارات ريال، وتتخلص نسبة كبيرة من ملاك العقارات من الأراضي بعد هبوط أسعارها والهروب من فتور الأزمة بالاتجاه للأسهم، كونه سوقا واعدة».
واعتبر القرعاوي أن التراجع النسبي والتدريجي في القيم والمساحات مع مشاريع الإسكان، يدفع القطاع الخاص للانتقال من خطوة التكتم على الأراضي الكبيرة، وعدم الدخول في المشاريع الإسكانية الصغيرة، إلى تلبية احتياجات العرض المفتوح، والطلب المتزايد على الإسكان، وبالتالي تكون نتائجه تزايد التخلص من الأراضي التي يساوم ملاكها على أسعار عالية، والتنازل عن احتكارها، مشيرًا إلى أن أزمة العقار في طريقها لمسارها الطبيعي والعرض المتوازن وبأسعار معقولة».
وأكد القرعاوي أن «الأزمة تحتاج إلى مدة زمنية لا تقل عن خمس سنوات، لأن الدعم الحكومي من الوحدات السكنية ليس جاهزًا، والاحتياج الحالي يصل إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون وحدة سكنية، ولن يكفي الدعم في توفير سكن، ولكن يساعد على إعادة فك الاحتكار عن الأراضي السكنية، خاصة أن الدخل المتوسط للمواطن غير قادر على شراء سعر متر يصل إلى ألفي ريال لمساحة أرض لا تقل عن 500 متر».
واختلف العضو المنتدب لمركز التنسيق المالي سلطان السعدون مع الضبيبان والقرعاوي في أن اتجاه الأموال من سوق العقار إلى سوق الأسهم يُعد هروبا. وأكد أنه يسري في مساره الصحيح بعد الارتفاع الكبير في أسعار العقار، مبينًا أنه توجه عالمي، وتشهد الأسهم انتعاشًا في أسواق العالم، مستشهدًا بفتح بعض الشركات محافظ استثمارية في الفترة الأخيرة للاستفادة من الطفرة القادمة في الأسهم».
وأضاف السعدون أن «الطلب على العقار لن يتوقف وأن هناك مؤشرات تدل على ذلك، منها ارتفاع نسبة السكان في المملكة، وارتفاع نسبة المواليد الجدد بنسبة 2.6٪ وأن هناك أكثر من 3 ملايين طلب على صندوق التنمية العقاري، لافتًا إلى أن «العقار بعد نظام الرهن يساعد على مشاريع جديدة لتغطية الطلب، خاصة أن برنامج الإسكان لا يغطي إلا 20% من الطلب».