بندر الدوشي- سبق- واشنطن: في مقالٍ حمل عنوان "كبح جماح الشرطة الدينية" نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عرضت السعودية منال الشريف، كثيراً من المغالطات والمبالغات والإساءة لرجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ووصفت الجهاز بالشرطة الدينية - كما تسميها وسائل الإعلام الغربية - ورسمت في المقال جهاز الهيئة بأسوأ صورة عبر سرد عددٍ من القصص السلبية عن الهيئة، وتخيُّلها لقصص الخلاف بين رئيس الهيئة وبعض أعضاء الجهاز.
وتحدّثت عن محاولة اغتيال مزعومة لرئيس الهيئة، وعن تسجيلاتٍ وضعها بعض الأعضاء للإساءة إليه.
كما تحدّثت عن "تفاقم الخلاف" في جهاز الهيئة، واستعرضت تاريخ إنشاء الهيئة، وبعض القصص التي حملت عديداً من المغالطات، وزعمت وجود غضبٍ شعبي عارم على الهيئة، ووجود قلقٍ حكومي من هذا الغضب.
ولم يذكر مقالها إيجابيةً واحدةً عن الهيئةـ بل ختمته بعباراتٍ مؤسفة؛ فاتحة الباب عن احتمالية تفكّك جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المستقبل.
واستهلت منال الشريف مقالها بعرض قصة الأخوين سعود وناصر القوس اللذين توفيا إثر مطارداتٍ مع "الشرطة الدينية"- على حد وصفها - في الخريف الماضي.
وذكرت أن "ضباط" الهيئة الدينية هم مَن قاموا بمطاردتهما وصدموا سيارة الشابين ثلاث مرات وأسقطوها من فوق الجسر، وهو الأمر الذي أدّى إلى وفاة أحدهما على الفور ووفاة الآخر بعد فترة بسيطة.. وأرجعت سبب المطاردة إلى سماع الشابين أغاني اليوم الوطني.
وتناست الكاتبة أنه لا يوجد مسمّى "ضباط" في الهيئة، ولا تسمى الهيئة الشرطة الدينية في السعودية.
وتحدّثت عن ان أحد الأشخاص نشر مقطع الحادث على الإنترنت وهو ما تسبّب في موجة غضبٍ عارمة - على حد وصفها، وأشارت إلى أن رئيس الهيئة أدان الحادث وأكّد التحقيق في الحادثة.
وقالت منال الشريف: إن الهيئة تعتبر من المحرّمات في السعودية التي لا يجوز نقدها مثلها مثل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووصفت الهيئة بالمطوّعين في مقالها وتعني المطاوعة.
وحللت الموقفين العام والشعبي تجاه الهيئة وفق منظورها قائلة: "إن رئيس الهيئة يجد نفسه في مواجهة موقفين؛ الغضب الشعبي العارم، وتفاقم النزاع الداخلي في جهاز الهيئة".
وحلّلت الموقف الحكومي زاعمةً: "الحكومة تشعر بالقلق وخائفة من تضييق الخناق على الهيئة خوفاً من ردة فعلهم ومن تصاعد الغضب الشعبي العارم على الهيئة من قِبل الشعب".
واعتبرت منال الشريف أن هناك فرصة كبيرة لإضعاف الهيئة عن طريق مواصلة الضغط الشعبي على هذا الجهاز؛ ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى إضعافه.
واستعرضت الكاتبة تاريخ الهيئة، وكيف تطورت منذ إنشائها عام ،1940 وكيف باتت اليوم بعد أن أصبح عدد أفرادها أربعة آلاف شخص - على حد وصفها، ويطوفون بالشوارع يفرضون نظاماً صارماً للباس وللفصل بين الجنسين.
وزعمت أن بعض هذه التعاليم التي يفرضها رجال الهيئة، ليس لها علاقة بالإسلام؛ مستدلة بقيادة المرأة للسيارة. واستعرضت عديداً من الحوادث السلبية لرجال الهيئة، قالت إنها تسبّبت في ارتفاع موجة السخط والغضب على الهيئة.
وذكرت قصة الحريق الذي وقع في مكة عام 2002، وأدّى إلى مقتل 15 طالبة حيث ادّعت أن الهيئة منعت خروج الطالبات من المدرسة بحجة عدم تغطيتهن بشكلٍ لائق.
وذكرت قصة دهم عشرات من أعضاء الهيئة عام 2007 أحد المنازل، وقتل صاحب المنزل وهو بعمر 28 عاماً بحجة وجود كحول.
وزعمت أنه رُفعت دعوى قضائية على الهيئة لكنها أُسقطت؛ معتبرة أن الحادثة ساعدت على رفع سقف الانتقادات في الصحافة.
وواصلت حديثها باسم السعوديين؛ زاعمة أن هناك استياءً شعبياً كبيراً من رفع الملك عبد الله ميزانية الهيئة إلى 390 مليون دولار، أي ما يزيد على المليار ريال سعودي.
وتحدّثت أن مع انتشار وسائل الاتصال الحديث والجوّالات الحديثة لم يعد ممكناً إخفاء القضايا وإسقاطها لعدم وجود أدلة، وزعمت أن معظم القضايا المرفوعة تجاه الهيئة يتم إسقاطها ولم تؤد إلى التأثير في رجال الشرطة الدينية.
وتحدّثت عن "اتساع الصدع الداخلي" في جهاز الهيئة ولفتت إلى الإصلاحات التي يقوم بها رئيس الهيئة عبد اللطيف آل الشيخ، بعد تعيينه، ومنها منع المطاردات؛ معتبرة أن حادثة الخريف "المؤلمة" في الرياض وقعت على ما يبدو في تجاهل لأوامر رئيس الهيئة. وتحدّثت عن اعتراف "آل الشيخ" بأن هناك مَن يسجّل مكالمته للإيقاع به، وهناك مَن حاول اغتياله.
وأضافت أن "آل الشيخ" قد لا يستطيع كبح جماح "المطاوعة"، لكن وسائل التواصل الاجتماعي قد تحدُّ من نظام الهيئة "القمعي" - على حد وصفها.
ورأت أن السعوديين أحبطوا محاولات عدة للحظر على جهاز الجوّال الذي يحمل كاميرا عام 2004، لكنه مازال ممنوعاً في بعض الأماكن المخصّصة للنساء.
واعتبرت أن هناك نظاماً صارماً في حرية استخدام الإنترنت في السعودية، لكن على الرغم من ذلك فالسعوديون لديهم حسابات بالملايين في "فيسبوك".
وتناست منال الشريف، أن الإنترنت في السعودية مفتوح على مصراعيه، حيث لا تقارن بدولة مثل إيران، التي تحظر دخول مواقع التواصل الاجتماعي أو استخدامها.
وهي تناقض نفسها في هذا المقال حيث تمتدح مواقع التواصل الاجتماعي ونشاط السعوديين فيها، ثم تدّعي أن هناك قيوداً صارمة على الإنترنت.
وختمت منال الشريف مقالها، بأن جهاز الهيئة الذي يبلغ من العمر 75 عاماً لا يمكن إضعافه بين عشية وضحاها، لكن اعتبرت أن مساعدة وسائل التواصل الاجتماعي والأسس العقائدية للمؤسسة الدينية هي بداية التصدُّع لجهاز الهيئة.
وتحدثت عن "الغضب الشعبي الكبير" الذي تراه قوة دفع للحكومة السعودية لإضعاف الشرطة الدينية وربما تفكيكها.
وذيّلت المقال باسمها منال الشريف المدافعة عن حقوق المرأة في السعودية والبادئة في حملة قيادة المرأة للسيارة عام 2011م.
وكان وليد أبو الخير قد كتب مقالاً نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية منذ شهرين، ورصدته "سبق"، هاجم فيه نظام القضاء في السعودية، وهاجم فيه وزارة الداخلية، مستعرضاً بعض الأحداث السلبية التي يزعم وقوعها.
ويبدو الهدف الظاهر من كُتّاب هذه المقالات تقديم أنفسهم على أنهم حقوقيون باسم المجتمع السعودي، الذي لم يخولهم في الحديث باسمه؛ بل يبدو الهدف الأكبر هو توجيه إساءات للسعودية عبر عرض السلبيات وأوجه القصور الغرض منها تأليب الرأي العام العالمي تجاه السعودية واستعطاف المنظمات الأجنبية لتحقيق مكاسب شخصية قصيرة النظر دون إدراك مخاطر أفعالهم.
ومن المعتاد نشر مقالات في الصحف الأمريكية هجومية ضدّ السعودية من بعض اللوبيات اليهودية، ومن بعض الكتاب الإيرانيين.. لكن المؤسف هو أن تشاهد مقالات مُسيئة للسعودية تصدر من أبناء الوطن.