إلى الشياطين الخرس الذين يشهدون ولادة الطغاة كل يوم في بلادهم ، و يكتفون بالمشاهدة ، منتظرين معجزة قد لا تأتي أبداً هم قتلة .. وحوش .. مصاصو دماء لشعوبهم ، و ربما لشعوب أخرى . إنهم طغاة عاثوا في الأرض فساداً ، و نكبت البشرية باستبدادهم و ديكتاتوريتهم . و كان السؤال دائماً و أبداً : ما الذي يمكن أن يحول المرء إلي شخصية تدميرية ، ما الذي يدفعه للتخلي عن آدميته ، و يتحول إلى وحش ضار يستلذ بسفك دماء بني جنسه ؟!
و لأن المسألة قد تجاوزت السياسة ، و أصبحت مادة خصبة للتحليل النفسي ، فقد توصل الباحثون إلى أن الديكتاتور أي ديكتاتور لا يأتي من الفراغ المجرد ، و إنما تصنعه طفولته ، و البيئة التي ولد و نشأ و تربى فيها .. في هذه الطفولة يوجد مفتاح شخصية كل ديكتاتور !!
ففي هذه المرحلة التي تتشكل فيها شخصية الديكتاتور عادة ما تشهد ظروفاً في غاية السوء و القسوة ، لا تترك للصغير فرصة لكي ينمو كشخص سوي ، بل تخلق له من العقد و الأمراض النفسية ما يحول دون ذلك .
و من هذه الظروف مثلاً الأسرة المفككة ، و العلاقات المتصدعة بين الوالدين ، و الحرمان من رعاية الأم أو الأب ، أو شعور الطفل بانه غير مرغوب فيه او منبوذ ، أو إفراط الأبوين في الدلع و التدليل ، أو إفراطهم في القسوة في تعاملهم معهم !
و قد أظهرت الدراسات النفسية أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين طلاق الزوجين وظهور السلوك العدوانى لدى الاطفال ، بسبب الضغوط والصراعات داخل المنزل ، كرد فعل لهذة الضغوط ، و أن الاسرة التى تستخدم العدوان اللفظى ، أو البدنى فى كل نزاع بين الوالدين ، تميل الى استخدام نفس الإسلوب العدوانى مع الآخرين ، ومن ثم فان الطفل العدوانى هو نتاج عدوان الوالدين .
كما أثبتت الدراسات أن الأسرذات المستوى الاجتماعى المنخفض – معظم الطغاة ينتمون إليها - تستخدم العقاب البدنى بصورة أكبر من الطبقات الوسطى والعليا ، مما يشكل دافعا للسلوك العدوانى ، بعكس الطبقات الوسطى ، التى تميل الى استخدام العقاب النفسى مثل : النبذ ، و اللامبالاة ، و التجاهل ، و هذا يفسر زيادة نسبة السلوك الاجرامى بين الطبقات الدنيا .
و من العقد و الأمراض النفسية الناجة عن الولادة في مثل هذه الأجواء مثلاً - كما سنرى في هذا الكتاب - عقدة الحرمان المادي أو العاطفي أو كلاهما معاً ، و عقدة الخوف نتيجة قسوة الوالدين ، أو النرجسية نتيجة التدليل ، أو الشعور المفرط بالضآلة و الدونية ، و الرغبة في السعي وراء السلطة للانتقام من المجتمع !
و من العقد النفسية التي تصاحب معظم الطغاة أيضاً عقدة الشعور بالنقص حيث يشعرون بالنقص حين يدركوا – كما سنى في هذا الكتاب - أن لديهم نقصاً عن الأخرين ، إما في شكلهم ، أو في علاقاتهم الاجتماعية ، أو في حالتهم الصحية والمادية وغيرها .
و من تأثيرات هذه العقدة – كما سنجد لاحقاً - العدوان ، والاستعلاء ، والتظاهر بالشجاعة ، والإسراف في تقدير الذات ، ومحاولة جذب الانتباه . ولاشك أن ذلك يرجع لما شهده الطاغية في صغره من ظروف أسرية ، و لأسلوب التربية ، التي تربى عليه فس سنواته الأولى !
و يشترك جميع الطغاة في كونهم شخصيات تسلطية تعاني اضطراباً في الشخصية يصاحبها منذ الصغر . فالحكام المتسلطون كانوا في طفولتهم إما خائفين من والديهم أوغاضبين منهم ، ولذلك فإنهم يظلون غير آمنين ويتمسكون بالعدوان وهم كبار ، حيث يقومون بعملية إسقاط لعدم كفاءتهم على أفراد المجتمع ، و يصبون جام غضبهم من آباءهم على هؤلاء الضحايا !!
و هؤلاء الطغاة أصحاب الشخصيات التسلطية يتسمون بأنهم جامدون تجاه الضعف سواء في الآخرين أو في أنفسهم ، ويميلون الى العقاب الشديد ، وتسيطر عليهم لغة القوة والعنف والخشونة المفرطة حتى مع اقرب الناس إليهم !
ويقول علماء النفس إننا من خلال خبراتنا في الطفولة نتعلم طرقا ونكتسب عادات لمواجهة وحل المواقف بطرق ثابتة نوعا ما ، وهذه الطرق تستمر طوال سنوات الحياة التالية ،كما أننا نكوّن ايضا صوراً او توقعات معينة سواء بالنسبة لأنفسنا أو بالنسبة للأخرين ، وهذه الصور والتوقعات تستمر كذلك في سنوات الحياة التالية. وكثيراً ما نشعر بأن هذه النماذج السلوكية والتوقعات غير ملائمة ، ولكننا نجد أنفسنا غير قادرين على التخلي عنها ، ونشعر بأن ظروف الواقع ومتطلباته تتطلب سلوكا مختلفا ، ولكننا نبدو غير قادرين على التعامل بطريقة معينة ، مما يسبب لنا الضيق والحصر والقلق ، وإذا كان الفشل في المواقف الاجتماعية يؤدي الى القلق ، فإن القلق بدوره يؤدي الى تدهور الاتزان والتعامل السوي ، وبذلك يفقد الإنسان المرونة ، ويميل الى التصلب كرد فعل ، وهو مظهر من مظاهر الاضطراب النفسي .
و غالباً ما يكون أي ديكتاتور في بداية حياته مصاباً بالاضراب النفسي كمظهر من مظاهر اضطرابه النفسي . . هذا التصلب يقف عقبة كئود في وجه كل التوافقات الداخلية الفردية ، أو الخارجية مع الأخرين ، ويكون ذلك بداية الجنوح نحو الانحراف في الشخصية ، حيث يتمسك هؤلاء الطواغيت بآراءهم ، و يدافعون عنها دفاعا مستميتا ، ويكنون العداء لكل إنسان يختلف معهم ، أو لا يشاركهم الإيمان بها ، أو يرفضونها باعتبارها أراء متطرفة تدعو الى العنف والقتل وإلغاء الآخر .
و يربط علماء النفس بين التصلب والعدوان والنزعة التسلطية وعدم التسامح من جهة ، وبين المحبة والفهم وتقبل الذات والآخر من جهة أخرى ،حيث ان السمات الاولى هي سمات التوحش والافتراس في السلوك الإنساني !!
و يشترك الطغاة أيضاً في تحولهم بفعل طفولنهم غير السوية إلى شخصيات معادية للمجتمع ،
كسمة رئيسية لما يعانوه من اضطراب . و قد يبدأ هذا الاضطراب في المراهقة ويستمر إلى الكهولة . ومن أعراضه الخرق المكرر للقوانين ، و الغش والخداع ، و التهور والاندفاعية بدون اعتبار لسلامة ألآخرين ،و التعدي والقسوة الزائدة على الآخرين أو ممتلكاتهم ، و عدم تقدير المسؤولية مع الاستهتار الشديد ، و عدم إبداء أي اهتمام لمشاعر أو حقوق الآخرين .
أما الهدف فهو التعرف على العوامل التي تصنع الديكتاتور ، الظروف التي توفر له في سنواته الأولى التربة الخصبة لكي يخلغ عنه إنسانيته و آدميته ، و يتحول في النهاية إلى وحش ، فلربما نستطيع التعرف على هؤلاء الشياطين في وقت مبكر ، قبل أن نقبلهم حكاماً علينا ، ثم ندفع ثمن جهلنا بما هو آت غالياً فاحش الغلاء .
طفولة النازي أدولف هتلر ، و ديكتاتور روسيا الأحمر جوزيف ستالين ، و طاغية إيطاليا الفاشستي بينتو موسوليني ، و سفاح البوسنة سلوبودان ميلوسيفيتش ، و سفاح كمبوديا بول بوت ، و النازي الجديد كما لقبه كتاب بلاده الأمريكي جورج بوش ، ، و ستالين الجديد في روسيا فلاديمير بوتين ، و طاغية اسبانيا فرانكو ، و أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا ، و الأوغندي عيدي أمين ، و الأرجنتيني أوجستو بينوشيه ، و الروماني نيقولاي تشاوسيسكو ، و الأوزبكي إسلام كاريموف .
في هذا الكتاب محاولة لرصد طفولة هؤلاء الطغاة للوقوف على السمات الشخصية المشتركة التي تجمع بينهم ، تلك السمات التي تشكلت في طفولتهم جميعاً ، و حولتهم لوحوش !!
ملتوش رؤية الناقلة االغادة ماهو شرط الطفولة البائسه تحوله دكتاتوراللي مقتنعه فيه ان وراء كل دكتاتور امرأة تجره للهاويه ووراء كل رخمة امرأة تجبره على ....:hawamer5412 اللهم بلغنا رمضان لافاقدين ولامفقودين