![]() |
هروب تلاشى سحر تلك الكلمات الحالمة ، خبا بريقها ، و انطفأت معها شرارات وعيد ضاعت سطوته في خضم هدير محرك الباخرة المتأهبة للانطلاق ، كان يمني نفسه برحلة ممتعة تطرد جدب الأيام العجاف الخوالي ، رغم حرقة الأسى المتصاعدة بملامسة الجيب الخالي ، تذكرة باهظة الثمن لاشك ، ثقيلة الوطأة ، و لكن لا مجال للتراجع ، ما فات فات ، وخطوة دامية على الشوك ، لا مناص منها لاجتناء اللذة ، ولابد لطالب الشهد من تذوق لسعات النحل ، ما يهم الآن هو اقتناص كل لحظة ، و عدم تفويت أي فرصة للانهمام بالذات ... هذه الزرقة الصافية الممتدة ما أحوجك إليها لونا محببا للوحات حياتك المتشربة سوادا حالكا ، و هذا الغمام الشارد ألا تحس بنشوة مرآه و مطاردته ببصرك بعد طول انتظار، وهذا الزبد الفنيقي المتراقص بفقاعاته في الهواء ، ألا يبعث في جسدك خدرا لذيذا كلما انفصل عن شفاه الأمواج المتعانقة ، وبدأ رحلة الحلول والتماهي مع كائنات الكون الأخرى ... عند الرسو على ضفاف المكان المنشود ، كن أول المهرولين ، لا تقبع في مؤخرة الركب كعادتك ، و لا تتلكأ في خطواتك ، أما كفاك ربع قرن انتظار عبثي لزائر يعد ولا يأتي ، أما استنفدت طاقتك من الأحلام ، ألم يتحول الحلم إلى عادة مكرورة جوفاء ، إلى مرآة تعكس العجز و الإخفاق ... انظر ماذا أعدوا لك : مائدة عامرة بشتى صنوف النعيم والخيرات ، شمر عن ساعديك ، ومتع أنفك و عينيك و يديك وجسدك كله ، اقضم التفاح الشهي بوحشية ، حتى يسيل عسله على شفتيك ، ويندلق على صدرك و بطنك . أغرق فمك في أكوام التوت الذي تلهب حمرته رغبتك ، وتزيدها تأججا ، اعتصر ما طاب لك من عصير برتقال طالما داعبت استدارته خيالك ، و أيقظت نوازعك الراقدة . استلق ما شاء لك الاستلقاء على ذلك البساط الأخضر ، لتطلق العنان لنتاسل استيهامات و تخيلات تبدأ من حيث انطلقت ، لتأخذ طريقها نحو أبعد نقطة في هذا الأفق ، مقتحمة ما وراءه . لما تهالك على فراشه في صباح اليوم التالي ، كان منهكا ، خائر القوى ، لاتقوى قدماه على حمله ، وكل قطعة في جسده تئن و تشتكي ، إضافة إلى إحساس طافح بالقذارة يغزو كيانه ، ويبعد النوم عنه رغم مسيس حاجته إليه ، وخز طفيف ثم عميق يسري في أنحاء بدنه ، صور متقطعة تتزاحم في مخيلته ، تذهب و تجيء ، تعيد رسم و تشكيل أحداث الليلة الماضية ... أفسدت كل لحظات النشوة المتبقية ، وعاد التبكيت من جديد ، عاد العذاب ... أوه نسي أن يخبركم بأنه لم يشتر تذكرة الرحلة كما زعم في البداية ، و إنما تسلل إلى السفينة خلسة بعد أن رشا حارس الميناء . __________________ |
|
ابدااااااااااع ماشااااااااااء الله يسلمووو على هالابدااع وفي انتظااار اليدييد من صووبكم |
كم أنا شديد الاعتزاز بملاحظتك و إطرائك أيتها الأخت الكريمة . وتقبلي مني فائق الاحترام و التقدير . |
الساعة الآن 09:23 AM بتوقيت مسقط |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By
Almuhajir