اغضب ...
فإن الله لم يخلق شعوباً تستكينْ
اغضب .. فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبينْ
اغضب ..
ستلقىَ الأرضَ بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبينْ
اغضب …
فالأرض تحزن حين ترتجف النسورُ
ويحتويها الخوف والحزن الدفينْ
الأرض تحزن حين يسترخى الرجالُ
مع النهاية .. عاجزينْ
اغضب …
فإن العار يسكـُنـُنا
ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح ِ
يقتـُل في جوانحنا الحنينْ
ارفض زمان العهرِ
والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدينْ
اغضب …
فإنك إن ركعت اليومَ
سوف تظل تركع بعدُ .. آلاف السنينْ
اغضب …
فإن الناس حولك نائمون
وكاذبون .. وزائفون
ومنتشون بسكرة العجز المهينْ
اغضب …
إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنينْ
اغضب …
فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ
كانت - وربُ الناسِ- خيرالعالمينْ
فالله لم يخلق شعوباً تستكينْ
اغضب …
إذا لاحت أمامكَ
صورة الكهان يبتسمون
والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزينْ
ابصـُق على الشاشاتِ
إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعينْ
اغضب …
إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا
وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدينْ
اغضب …
إذا ارتعدت عيونك
والدماء السود تجرى في مآقي الجائعينْ
إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخِ
باعت كل شيءٍ
كل أرضٍ.. كل عِرضٍ.. كل دينْ
ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـينْ
اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال
ويُـشرق الحق المبينْ
اغضب …
ولا تُسمع أحدْ
فإنك إن تركت الأرض عارية
يُـضاجعها المقامر .. والعميلْ
سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال
جيلا ً.. بعد جيلْ
وترى النهاية أمة .. مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويلْ
ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم
واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليلْ
كيف استباح الشرُ أرضكَ؟
واستباح العُهر عرضكَ؟
واستباح الذئبُ قبركَ؟
واستباحك في الورى
ظلمُ الطـُغاةِ الطامعينْ؟؟؟
اغضب …
إذا شاهدت كـُهَّان العروبةِ
كل محتال تـَخـفـَّى في نفقْ
وتزاحم الكـُهَّان في الشاشات تجمعهم سيوف من ورقْ
اغضب …
كـَـكـُـلِّ السَّاخطينْ
اغضب …
فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا
عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدينْ
إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في دمشق
ماتوا جائعينْ مكبلين
فالأرض لا تنسى صهيل خيولها
حتى ولو غابت سنينْ
الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجزِ
تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنينْ
الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ
وتحب عـُـشاق الحياةِ … وكل عزمٍ لايلينْ
فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني
وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى
وتسابق الضوءان
ضوء القبر .. في ضوء الجبينْ
وغداً يكون لنا الخلاص
يكون نصر الله بـُشرى المؤمنينْ
اغضب …
فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنينْ
اغضب …
ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركينْ
اغضب …
فإن بداية الأشياء .. أولها الغضبْ
ونهاية الأشياء .. آخرها الغضبْ
والأرض أولى بالغضبْ
سافرت في كل العصورِ
وما رأيت .. سوى العجبْ
شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشبْ
ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطبْ
ورأيت من سرق .. ومن تواطأ .. من نهبْ
ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هربْ
ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذبْ
ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العربْ
ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهبْ
فاغضب …
فإن الأرض يـُحييها الغضبْ
اغضب
ولا تُسمع أحدْ
قالوا بأن الأرض شاخت … أجدبتْ
منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولدْ
قالوا بأن الله خاصمها
وأن رجالها خانوا الأمانة
واستباحوا كل عهدْ
الأرض تحمل.. فاتركوها الآن غاضبة
ففي أحشائها.. سُخط تجاوز كل حد
تُخفى آساها عن عيون الناس تُنكر عجزها
لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ
سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد
اغضب
ولا تُسمع أحد
أسمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد
أسمع ضميرك حين يطويك الظلام.. وكل شئ في الجوانح قد همد
لم يبق غير الموت
إما أن تموت فداء أرضك
أو تُباع لأي وغد
مت في ثراها
إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد