قيل لابن المبارك :" يا أبا عبد الرحمان، لو خرجت فجلست مع أصحابك"، قال:" إني إذا كنت في المنزل جالست أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام"، يعني النظر في الكتب.
كان الإمام الزهري قد جمع من الكتب شيئا عظيما وكان يلازمها ملازمة شديدة حتى إن زوجته قالت: "والله إن هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر".
وروي عن الحسن اللؤلؤي أنه قال: لقد غبرت لي أربعون عاما ما قمت ولا نمت إلا والكتاب على صدري. وكان بعضهم ينام والدفاتر حول فراشه ينظر فيها متى انتبه من نومه وقبل أن ينام.
وربما احترق طرف عمامة أحدهم بالسراج الذي يضعه أمامه للقراءة وهو لا يشعر حتى يصل ذلك إلى بعض شعره.
مزايا الكتاب:
يقول الجاحظ عن الكتاب:" نعم الجليس والعدة...ونعم الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفة ببلاد الغربة، ونعم القرين والدخيل، ونعم الوزير والنزيل...ان شئت ضحكت من نوادره، وان شئت عجبت من غرائب فوائده، وان شئت ألهتك طرائفه، وان شئت أشجعتك مواعظه...
يجمع لك الأول والآخر..والخفي والظاهر..ينطق عن الموتى ويترجم عن الأحياء..أكتم للسر من صاحب السر، وأحفظ للوديعة من صاحب الوديعة..لا يعاملك بالمكر ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال لك بالكذب..
والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك وشحن طباعك وبسط لسانك وجود بنانك وفخم ألفاظك..وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر..والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، ولا يعتر بنوم ولا يعتريه كلال السفر"
.. يبقى السؤال مطروحاً : لماذا لا يُقبِل الناس على الكتاب وبالذات
الكتاب المفيد ؟ لماذا ينفرون من القراءة ؟ ولماذا توجد عقدة عند بعض الناس وعداوة بينه وبين الكتاب ؟