قيام الليل سُنة مؤكدة , وقربة معظمة في سائر العام ,
فقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه ,
والتوجيه إليه ,
والترغيب فيه ,
ببيان عظم شأنه وجزالة الثواب عليه ,
وأنه شأن أولياء الله , وخاصة من عباده
الذين قال الله في مدحهم والثناء عليهم :
أَلَا إِنَّأَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الَّذِين َآمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
[يونس، الآية: 64]
فصلاة الليل
لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان ,
والإعانة على جليل الأعمال , وما فيه صلاح الأحوال والمآل
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا إلى قوله :
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًاإِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا
[المزمل،الآيات: 1-6]
وثبت في صحيح مسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم انه , قال :
أفضل الصلاة بعد المكتوبة - يعني الفريضة - صلاة الليل
وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
أن رسول الله , صلى الله عليه وسلم ,
قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ,
حين يبقى ثلث الليل الآخر .
فيقول : من يدعوني فأستجيب له؟ !
من يسألني فأعطيه ؟ !
من يستغفرني فأغفر له ؟ !
وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -
عن النبي , صلى الله عليه وسلم ,
قال : من تعارمن الليل - يعني استيقظ يلهج بذكر الله -
فقال : لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , له الملك , وله الحمد ,
وهو على كل شيء قدير . الحمد لله , وسبحان الله ,
ولا إله إلا الله , والله أكبر , ولا حول ولا قوة إلا بالله
ثم قال : اللهم ! اغفر لي , أودعا , استجيب له .
فإن توضأ وصلى قبلت صلاته
أخرج الإمام أحمد وغيره
وجاء في صحيح , ما يفيد أن قيام الليل
من أسباب النجاة من الفتن , والسلامة من دخول النار.
ففي البخاري وغيره عن أم سلمة - رضي الله عنها -
أن النبي , صلى الله عليه وسلم , استيقظ ليلة فقال :
سبحان الله , ماذا أُنزل الليلة من الفتنة ؟ !
ماذا أنزل الليلة من الخزائن ؟ !
من يوقظ صواحب الحجرات ؟ !
وفي ذلك تنبيه على أثر الصلاة بالليل في الوقاية من الفتن .
5- عدد ركعات الوتر:
ليس للوتر ركعات معينة،
وإنما أقله ركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
" الوتر ركعة من آخر الليل "
رواه مسلم.
ولا يكره الوتر بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم:
" ومن أحب أن يوتربواحدة، فليفعل "
أخرجه أبو داود
وأفضل الوتر إحدى عشرة ركعة يصليها مثنى مثنى
كصلاة الفجر
ويوتر بواحدة
لقول عائشة رضي الله عنها: "
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة "
وفي لفظ " يسلم بين كل ركعتين ويوتربواحدة"
أخرجه مسلم.
ويصح أكثر من ثلاث عشرة ركعة
ولكن يختمهن بوتر كما جاء في الحديث:
" صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح أوتر بواحدة"
أخرجه البخاري.
10- حكم ترك صلاة الوتر:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك فقال:
" الحمد لله، الوتر سنة باتفاق المسلمين،
ومن أصرعلى تركه فإنه ترد شهادته،
والوتر أوكد من سنة الظهر والمغرب والعشاء،
والوتر أفضل الصلاة من جميع تطوعات النهار، كصلاة الضحى،
بل أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل،
وأوكد ذلك الوتر وركعتا الفجر،
والله أعلم ".