النقاب في أربعين تفسيرًا للقرآن العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذهب الكثير من المفسرين إلى القول بوجوب ستر الوجهبينما ذهب البعض إلى القول باستحبابه ، وقد رأيت أن أقوم بجمع أقوال المفسرين فيهذا الباب ، مع الإشارة إلى الجزء والصفحة للمواضع التي صرحوا فيها بذلك مع ذكرطبعة الكتاب ، وقد ذكرت هنا أكثر من أربعين مفسرا ورتبتهم على الوفيات ؛ لعل ذلكيكون أبلغ رد على هؤلاء الأدعياء الذين زعموا زورًا وبهتانا أن النقاب ينكره الأئمةالأربعة والمفسرون وأنه دخيل على المسلمين ولم يَقُل به أحد من أهل العلم . فمن هؤلاء المفسرين :
1- المفسر الإمام حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي اللهعنهما : قال في قوله { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنمن جلابيبهن } : (( أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطينوجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة )) اهـ . الطبري ( 19 / 181 ) وسيأتي بعد قليل .
2- المفسر يحيى بن سلام التيمي البصري القيرواني رحمه الله ت 200هـ : قال في تفسير قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُغَفُوراً رَحِيماً } . قال : (( والجلباب : الرداء تقنع به ، وتغطي به شق وجههاالأيمن ، تغطي عينها اليمنى وأنفها )) اهـ . ( تفسير يحي بن سلام ) ( 2 / 738 ) ط : دار الكتب العلمية 2004م .
3- إمام المفسرين الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله تهـ : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُغَفُوراً رَحِيماً } . قال : (( يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين } لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذاهن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنلئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول . ثم اختلف أهل التأويل في صفةالإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهنإلا عينا واحدة . ذكر من قال ذلك : حدثني علي قال ثنا أبو صالح قال ثني معاوية عنعلي عن ابن عباس قوله { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنينعليهن من جلابيبهن } أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطينوجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة . حدثني يعقوب قال ثنا بن عليةعن ابن عون عن محمد عن عبيدة في قوله : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساءالمؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن فلبسها عندنا ابن عون . قال : ولبسها عندنا محمد . قال محمد : ولبسها عندي عبيدة . قال ابن عون بردائه فتقنع به فغطى أنفه وعينهاليسرى وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو علىالحاجب . حدثني يعقوب قال ثنا هشيم قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين قال : سألت عبيدةعن قوله : { قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } قال : فقال بثوبه فغطى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه . وقال آخرون : بل أمرن أنيشددن جلابيبهن على جباههن )) اهـ ثم ذكر من قال ذلك . (جامع البيان في تفسيرالقرآن ( 19 / 180 ـ 182 ) .
4- المفسر العلامة أبو بكر أحمد بن علي الرازي المشهوربالجصاص رحمه الله ت 370 هـ : فعند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } أورد بعض الآثار المتقدمة عن ابن عباس وأم سلمةوعبيدة والحسن ثم قال : (( قال أبو بكر : في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابةمأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهلالريب فيهن وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها لأن قوله تعالىونساء المؤمنين ظاهره أنه أراد الحرائر وكذا روي في التفسير لئلا يكن مثل الإماءاللاتي هن غير مأمورات بستر الرأس والوجه فجعل الستر فرقا يعرف به الحرائر منالإماء )) اهـ . ( أحكام القرآن ـ 5 / 244 ـ 245) .
5- المفسر الإمام أبو المظفرالسمعاني رحمه الله ت 489هـ : قال : (( وقوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ } أي : يشتملن بالجلابيب ، والجلباب هو الرداء ، وهو الملاءة التيتشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار . قال عبيدة السلماني : تتغطى المرأة بجلبابهافتستر رأسها ووجهها وجميع بدنها إلا إحدى عينيها )) اهـ . ( تفسير القرآن ) ( 4 / 306 ، 307 ) ط : دار الوطن بالرياض 1997م .
6- المفسر الفقيه عماد الدين الطبريالشهير بإلكيا الهراس رحمه الله ت 504 هـ : قال : (( { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّقُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّمِنْ جَلابِيبِهِنَّ } الجلباب : هو الرداء ، فأمرهن بتغطية وجوههن ورءوسهن ولميوجب على الإماء ذلك )) اهـ ( أحكام القرآن ) ط دار الكتب الحديثة ( 4 / 354 )
7- المفسر الإمام البغوي رحمه الله ت 516هـ : قال : (( { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ } جمع الجلباب ، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرعوالخمار ، وقال ابن عباس وأبو عبيدة : أمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوهنبالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر { ذلك أدنى أن يعرفن } أنهن حرائر { فلايؤذين } فلا يتعرض لهن )) اهـ . ( تفسير البغوي ج3/ص586 ) ط2 : دار طيبة بالرياض 1423هـ .
8- المفسر الإمام الزمخشري رحمه الله ت 538هـ : قال عند تفسير قول الله عزوجل { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : (( ومعنى{ يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } يرخينها عليهنّ ويغطين بها وجوههنّ وأعطافهنّ ،يقال : إذا زال الثوب عن وجه المرأة أدنى ثوبك على وجهك ، وذلك أن النساء كنّ فيأول الإسلام على هجيراهنّ في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار فصل بينالحرّة والأمة ، وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرّضون إذا خرجن بالليل إلى مقاضيحوائجهنّ من النخيل والغيطان للإماء ، وربما تعرّضوا للحرّة بعلة الأمة يقولونحسبناها أمة ، فأمرن أن يخالفن بزيهنّ عن زي الأماء الأردية والملاحف وستر الرءوسوالوجوه ليحتشمن ويُهَبن فلا يطمع فيهن طامع )) اهـ . (تفسير الكشاف ـ 3 / 246) طدار المعرفة بيروت .
9- المفسر العلامة أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله تهـ : (( اختلف الناس في الجلباب على ألفاظ متقاربة عمادها : أنه الثوب الذي يستربه البدن ، لكنهم نوعوه هاهنا فقد قيل : إنه الرداء ، وقيل : إنه القناع . قولهتعالى : { يدنين عليهن } قيل : معناه تغطي به رأسها فوق خمارها . وقيل : تغطي بهوجهها حتى لا يظهر منها إلا عينها اليسرى . والذي أوقعهم في تنويعه أنهم رأوا الستروالحجاب مما تقدم بيانه واستقرت معرفته ، وجاءت هذه الزيادة عليه واقترنت بهالقرينة التي بعده وهي مما تبينه وهو قوله تعالى : { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } والظاهر : أن ذلك يسلب المعرفة عند كثرة الاستتار فدل على أنه أراد تمييزهن علىالإماء اللاتي يمشين حاسرات أو بقناع مفرد يعترضهن الرجال فيتكشفن ويكلمنهن ، فإذاتجلببت وتسترت كان ذلك حجاباً بينها وبين المتعرض بالكلام والاعتماد بالإذاية )) اهـ . (أحكام القرآن ـ 3 / 1586) ط دار الجيل بيروت بتحقيق علي محمد البجاوي ط 1988م .
10. المفسر العلامة ابن عطية الأندلسي رحمه الله ت 546هـ : قال عند تفسيرهلقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَوَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَأَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } . قال : (( لما كانت عادة العربيات التبذل في معنى الحجبة ، وكن يكشفن وجوههن كمايفعل الإماء ، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكر فيهن أمر اللهتعالى رسوله عليه السلام بأمرهن بإدناء الجلابيب ليقع سترهن ويبين الفرق بينالحرائر والإماء ؛ فيعرف الحرائر بسترهن ، فيكف عن معارضتهن من كان غزلا أو شاباوروي أنه كان في المدينة قوم يجلسون على الصعدات لرؤية النساء ومعارضتهن ومراودتهنفنزلت الآية بسبب ذلك ، والجلباب : ثوب أكبر من الخمار ، وروي عن ابن عباس وابنمسعود أنه الرداء واختلف الناس في صورة إدنائه فقال ابن عباس وعبيدة السلماني ذلكأن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها ، وقال ابن عباس أيضاوقتادة وذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها لكنهيستر الصدر ومعظم الوجه وقوله تعالى : { ذلك أدنى أن يعرفن } أي على الجملة بالفرقحتى لا يختلطن بالإماء ، فإذا عرفن لم يُقابلن بأذى من المعارضة مراقبة لرتبةالحرية ، وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى يعلم من هي ، وكان عمر إذا رأى أمة قدتقنعت قنعها الدرة محافظةعلى زي الحرائر ، وباقي الآية ترجية ولطف وحض على التوبةوتطميع في رحمة الله تعالى )) اهـ . ( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ـ ج13/ 99 .
. 11ـ المفسر الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله ت 597هـ : قال عندتفسير قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَوَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : سببنزولها أن الفساق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل ، فإذا رأوا المرأة عليهاقناع تركوها وقالوا هذه حرة ، وإذا رأوها بغير قناع قالوا أمة فآذوها فنزلت هذهالآية ، قاله السدي . وقوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } قال ابن قتيبة : يلبسن الأردية ، وقال غيره : يغطين رءوسهن ووجوههن ليعلم أنهنحرائر . { ذَلِكَ أَدْنَى } أي أحرى وأقرب { أَنْ يُعْرَفْنَ } أنهن حرائر { فَلايُؤْذَيْنَ } )) اهـ (( زاد المسير ) ( 6 / 422 ) ط 3 المكتب الإسلامي 1984م .
12ـالمفسر العلامة المفسر الفخر الرازي رحمه الله ت 606 هـ : قال عند تفسير قول اللهعز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } قال : (( كان فيالجاهلية تخرج الحرة والأمة مكشوفات يتبعهن الزناة وتقع التهم فأمر الله الحرائربالتجلبب وقوله { ذالِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } قيل : يعرفنأنهن حرائر فلا يتبعن ، ويمكن أن يقال : المراد : يعرفن أنهن لا يزنين ؛ لأن منتستر وجهها مع أنه ليس بعورة لا يطمع فيها أنها تكشف عورتها فيعرفن أنهن مستورات )) اهـ . ( التفسير الكبير ) ( 25 / 230) ط : إحياء التراث العربي بيروت ط3.
13 - لمفسر الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى ت 660هـ : (( { جلابيبهن } الجلباب : الرداء أو القناع أو كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها وإدناؤه أن تشد بهرأسها وتلقيه فوق خمارها حتى لا ترى ثغرة نحرها أو تغطي به وجهها حتى لا تظهر إلاعينها اليسرى { يعرفن } من الإماء بالحرية أو من المتبرجات بالصيانة . قال قتادة : كانت الأمة إذا مرت تناولها المنافقون بالأذى فنهى الله - تعالى - الحرائر أنيتشبهن بهن )) اهـ . ( تفسير العز بن عبد السلام ط1 : دار ابن حزم - بيروت 1996م،تحقيق: الدكتور عبد الله بن إبراهيم الوهبي ( ج2/ص590 ) .
14ـ المفسر الكبير الإمامالقرطبي رحمه الله ت 671هـ : قال عند تفسير قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : قال : (( لما كانت عادة العربيات التبذل وكنيكشفن وجوههن كما يفعل الإماء وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرةفيهن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردنالخروج إلى حوائجهن وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف فيقع الفرق بينهن وبينالإماء فتعرف الحرائر بسترهن فيكف عن معارضتهن من كان غزلا أو شابا وكانت المرأة مننساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمةفتصيح به فيذهب فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية بسبب ذلك قالمعناه الحسن وغيره ، الثالثة قوله تعالى { من جلابيبهن } الجلابيب جمع جلباب وهوثوب أكبر من الخمار ، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء وقد قيل إنه القناعوالصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن )) اهـ (تفسير القرطبي ـ 14 / 243) .
15ـالمفسر العلامة البيضاوي رحمه الله ت 691هـ : قال عند تفسير قول الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } قال : (( يغطين وجوههن وابدانهنبملاحفهن إذا برزن لحاجة و { من } للتبعيض ؛ فإن المرأة ترخي بعض جلبابها ، وتتلفعببعض ، و { ذلك أدنى أن يعرفن} يميزن من الإماء والقينات { فلا يؤذين } فلا يؤذيهنأهل الريبة بالتعرض لهن )) اهـ . (تفسير البيضاوي ) ص ( 563 ) ط : دار الجيل بيروتمصورة عن الطبعة العثمانية 1329هـ .
16ـ وعلق المفسر العلامة أحمد بن محمد شهابالدين الخفاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي المسماة : ( عناية القاضي وكفايةالراضي ) بقوله : (( قوله ( من للتبعيض ) إلخ ـ وقد قال في الكشاف إنه يحتمل وجهين : أن يتجلببن ببعض مالهن من الجلابيب فيكون البعض واحدا منها أو يكون المراد ببعضجزءًا منه بأن ترخي بعض الجلباب ، وفضله على وجهها فتتقنع به ، والتجلبب على الأوللبس الحجاب على البدن كله ، وعلى هذا التقنع بستر الرأس والوجه ، مع إرخاء الباقيعلى بقية البدن .. )) اهـ
17ـ المفسر العلامة أبو البركات النسفي رحمه الله ت 710هـ : قال عند تفسير قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَوَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : (( الجلباب ما يستر الكل ، مثل الملحفة ، عن المبرد ، ومعنى { يدنين عليهن منجلابيبهن } يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن ، يقال : إذا زال الثوب عنوجه المرأة أدن ثوبك على وجهك ، و { من } للتبعيض أى ترخى بعض جلبابها وفضله علىوجهها ، تتقنع حتى تتميز من الأمة ، أو المراد أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيبوأن لا تكون المرأة متبذلة فى درع وخمار كالأمة ولها جلبابان فصاعدا فى بيتها ،وذلك أن النساء فى أول الإسلام على هجيراهن فى الجاهلية متبذلات تبرز المرأة فى درعوخمار لا فضل بين الحرة والأمة ، وكان الفتيان يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاءحوائجهن فى النخل والغيطان للإماء ، وربما تعرضوا للحرة لحسبان الأمة فأمرن أنيخالفن بزيهن عن زى الإماء بلبس الملاحف وستر الرءوس والوجوه فلا يطمع فيهن طامع )) اهـ . (تفسير النسفي ـ 3 / 455) . وهذا التفسير يدرس الآن بالمعاهد الأزهرية .
18ـالمفسر الإمام الخازن رحمه الله ت 741هـ : قال : (( { يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُللاِزْواجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ } أي يرخين ويغطين { عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } جمع جلباب ، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأةفوق الدرع والخمار ، وقيل هو الملحفة وكل ما يستتر به من كساء وغيره . قال ابن عباس : أُمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجههن بالجلالبيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهنحرائر وهو قوله تعالى { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } أي لايتعرضن لهن )) اهـ . ( تفسير الخازن ) ( 3 / 478 ) .
19ـ المفسر العلامة محمد بن أحمد بن محمد الغرناطي الكلبي المشهور بابن جزي رحمه الله ت 741هـ : قال عند تفسيرهلقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَوَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } (( كان نساءالعرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال لهن فأمرهنالله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن ويفهم الفرق بين الحرائر والإماءوالجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار وقيل هو الرداء وصورة إدنائه عند ابنعباس : أن تلويه على وجهها حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها . وقيل : أنتلويه حتى لا يظهر إلا عيناها . وقيل : أن تغطي نصف وجهها { ذلك أدنى أن يعرفن فلايؤذين } أي ذلك أقرب إلى أن يعرف الحرائر من الإماء ، فإذا عرف أن المرأة حرة لمتعارض بما تعارض به الأمة ، وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى يعلم من هي إنما المرادأن يفرق بينها وبين الأمة لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء ، وربما تعرض لهنالسفهاء )) اهـ . (التسهيل لعلوم التنزيل ـ 3 / 144) ط4 : دار الكتاب العربي - لبنان 1983م .
20ـ المفسر الإمام أبو حيان الأندلسي رحمه الله ت 745هـ : قال فيتفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَوَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } . قال : (( كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع وخمار ،وكان الزناة يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والغيطان للإماء ،وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة ، يقولون حسبناها أمة ، فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زيالإماء ، بلبس الأردية والملاحف ، وستر الرءوس والوجوه ، ليحتشمن ويُهبن ، فلا يطمعفيهن )) اهـ . ( البحر المحيط ) ( 8 / 504 ) ط : دار الفكر 1992م
21ـ المفسر الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله ت 774هـ : قال في تفسيره لقول الله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلايُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } . قال : (( يقول الله تعالى آمرارسوله صلى الله عليه وسلم تسليما : أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات ـ خاصة أزواجهوبناته لشرفهن ـ بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية ،وسمات الإماء ، والجلباب هو الرداء فوق الخمار ؛ قاله ابن مسعود وعبيدة وقتادةوالحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساني وغير واحد ، وهوبمنزلة الإزار اليوم ، قال الجوهري : الجلباب الملحفة . قالت امرأة من هذيل ترثيقتيلا لها : تمشي النسور إليه وهي لاهية * * * مشي العذارى عليهن الجلابيب . قالعلي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجةأن يغطين وجوههنمن فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة . وقال محمد بن سيرينسألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل { يدنين عليهن من جلابيبهن } فغطى وجههورأسه وأبرز عينه اليسرى وقال عكرمة تغطي ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، وقالابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني فيما كتب إلي حدثنا عبد الرزاق أخبرنامعمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت لما نزلت هذه الآية { يدنينعليهن من جلابيبهن } خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة ، وعليهنأكسية سود يلبسنها )) اهـ . ( تفسير القرآن العظيم ) ( 3 / 518 ) ط : دار الحديثبالقاهرة 1984م .
22ـ المفسر العلامة جلال المحلي رحمه الله ت 864 هـ : قال عندتفسير قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَوَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : (( جمعجلباب ، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة ، أي : يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجنلحاجتهن إلا عينا واحدة )) اهـ .(تفسير الجلالين ـ 2 / 168 ) ط : دار المعارفبتحقيق الشيخ أحمد شاكر 1954م . وتبعه أيضا ممن عملوا حواشي علي التفسير :
23 ـ لامة الصاوي رحمه الله : (حاشية الصاوي على الجلالين ( 3 / 288) .
24-العلامةالجمل رحمه الله : (الفتوحات الإلهية المشهورة بحاشية الجمل ـ 3 / 455) .
25 ـ لمفسر العلامة أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي رحمه الله ت 876هـ : عند تفسيره لقولهتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ } أي يرخين أرديتهنوملاحفهن فيتقنّعن بها ويغطّين وجوههن ورؤوسهن ليُعلم أنّهنّ حرائر فلا يُتعرّضلهنَّ ولا يؤذين . قوله { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَاللهُ غَفُوراً } لما سلف منهن من ترك السنن { رَحِيماً } بهنّ إذ سترهنّ وصانهنّ . قال ابن عبّاس وعبيدة : أمر الله النساء المؤمنات أنْ يغطّين رؤوسهنّ ووجوههنّبالجلابيب ويبدين عيناً واحدة . قال أنس : مرّت جارية بعمر بن الخطّاب متقنّعةفعلاها بالدرّة وقال يا لكاع أتشبهين بالحرائر ألقي القناع )) اهـ . (تفسيرالثعالبي : المسمى : الجواهر الحسان في تفسير القرآن ج8/ص64 ) . ط : مؤسسة الأعلميللمطبوعات – بيروت .
26ـ المفسر العلامة برهان الدين البقاعي رحمه الله ت 885هـ قالعند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَوَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : (( { قل لأزواجك } بدأ بهن لما لهن به من الوصلة بالنكاح { وبناتك } ثنى بهن لمالهن من الوصلة ولهن في أنفسهن من الشرف، وأخرهن عن الأزواج لأن أزواجه يكفونه أمرهن { ونساء المؤمنين يدنين } أي يقربن { عليهن } أي على وجوههن وجميع أبدانهن، فلايدعن شيئاً منها مكشوفاً { من جلابيبهن } ولا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا خرجنلحاجتهن بكشف الشعور ونحوها ظناً أن ذلك أخفى لهن وأستر، والجلباب القميص، وثوبواسع دون الملحفة تلبسه المرأة، والملحفة ما ستر اللباس، أو الخمار وهو كل ما غطىالرأس، وقال البغوي: الجلباب: الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار،وقال حمزة الكرماني: قال الخليل: كل ما تستتر به من دثار وشعار وكساء فهو جلباب،والكل يصح إرادته هنا، فإن كان المراد القميص فإدناؤه إسباغه حتى يغطي يديهاورجليها، وإن كان ما يغطي الرأس فإدناؤه ستر وجهها وعنقها، وإن كان المراد ما يغطيالثياب فإدناؤه تطويله وتوسيعه بحيث يستر جميع بدنها وثيابها، وإن كان المراد مادون الملحفة فالمراد ستر الوجه واليدين.)) اهـ . ( نظم الدرر في تناسب الآياتوالسور ) ( 15 / 411 ـ 412) .
27.المفسر العلامة الحنفي أبو السعود رحمه الله ت 982هـ : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ } : (( الجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المراة علىرأسها وتلقي منه ما أرسله على صدرها ، وقيل : هي الملحفة وكل ما يتستر به أي يغطينبها وجوههن وأبدانهن اذا برزن لداعية من الدواعي ومن للتبغيض لما مر منأن المعهودالتلفع ببعضها وإرخاء بعضها . وعن السدي : تغطى إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخرإلا العين )) ( تفسير أبي السعود المسمى : إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآنالكريم ط : دار إحياء التراث العربي - بيروت ( ج7/ص115 ) .
28ـ المفسر الشيخإسماعيل حقي البرسوي رحمه الله ت 1137هـ : قال (( والمعنى : يغطين بها وجوههنوأبدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ، ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والأبدان كالإماءحتى لا يتعرض لهن السفهاء ظنا بأنهن إماء )) اهـ ( روح البيان ) ط : دار سعاداتمطبعة عثمانية 1330هـ ( 7 / 240 ) .
29ـ الأمام المفسر الشوكاني رحمه الله تعالى ت 1250هـ : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ } : (( { من } للتبعيض والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار . قال الجوهرى : الجلباب الملحقة وقيل القناع . وقيل : هو ثوب يستر جميع بدن المرأة، كما ثبت فى الصحيح من حديث أم عطية أنها قالت يا رسول الله إحدانا لايكون لهاجلباب فقال لتلبسها أختها من جلبابها قال الواحدى : قال المفسرون : يغطين وجوههنورؤوسهن إلا عينا واحدة فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن بأذى . وقال الحسن : تغطىنصف وجهها وقال قتادة تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناهالكنه يستر الصدر ومعظم الوجه )) اهـ . ( فتح القدير ج4/ص304 ) ط دار الفكر – بيروت
30ـ المفسر الشيخ السيد محمد عثمان الميرغني المكي رحمه الله ت 1268هـ : قال : (( { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } أي يرخين على وجوههن وسائر أجسادهنما يسترهن من الملاءات والثوب الساتر )) اهـ ( تفسير الميرغني ) ( 2 / 93 ) .
31ـالمفسر العلامة الآلوسي رحمه الله ت 1270هـ : قال عند تفسير قول الله عز وجل { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : (( ونقل أبو حيان عن الكسائي أنهقال : أي يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن ، ثم قال : أراد بالإنضمام معنى الأدناء ،وفي الكشاف معنى { يدنين عليهن } يرخين عليهن ، يقال : إذا زل الثوب عن وجه المرأةأدنى ثوبك على وجهك . وفسر ذلك سعيد بن جبير بيسدلن عليهن . وعندي : أن كل ذلك بيانلحاصل المعنى ، والظاهر أن المراد بـ { عليهن } على جميع أجسادهن . وقيل : علىرءوسهن أو على وجوههن ؛ لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه )) اهـ . (روحالمعاني ـ 22 / 89) .
32ـ المفسر العلامة الخطيب الشربيني رحمه الله : فعند تفسيرهلقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَوَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } قال (( { يدنين } يقربن { عليهن } أي على وجوههن وجميع أبدانهن ، فلا يدعن شيئًا منهامكشوفًا )) اهـ . ( السراج المنير ) ( 3 / 271 ) ط المطبعة الخيرية .
33ـ المفسرالعلامة جمال الدين القاسمي رحمه الله ت 1332هـ : فعند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } نقل كلام الزمخشري المتقدم ثم قال : (( ومن الآثار في الآية ما رواه الطبري عن ابن عباس قال : أمر الله نساء المؤمنينإذا خرجن من بيوتهن في حاجة ، أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ، ويبدينعينا واحدة ، وأخرج ابن أبي حاتم عن أم سلمة قالت لما نزلت هذه الآية { يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان منالسكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها )) اهـ . (محاسن التأويل ـ 13 / 208 ،
309
) . 34ـ المفسر العلامة مفتي الديار المصرية السابق الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله ت 1355هـ : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ } : (( يسدلن الجلابيب عليهن حتى يسترن أجسامهن من رءوسهن إلىأقدامهن . والإدناء التقريب ، ولتضمنه معنى السدل أو الإرخاء عُدِّي بعلى . والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب يستر جميع البدن يعرف بالملاءة أو الملحفة )) اهـ (صفوة البيان لمعاني القرآن ص 537) .
35ـ المفسر العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصرالسعدي رحمه الله ت 1376هـ : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَوَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } : (( هذه الآية هي التي تسمى آية الحجاب، فأمرالله نبيه أن يأمر النساء عموما ويبدأ بزوجاته وبناته ؛ لأنهن آكد من غيرهن ، ولأنالآمر لغيره ينبغي أن يبدأ بأهله قبل غيرهم كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنواقوا أنفسكم وأهليكم نارا } أن { يدنين عليهن من جلابيبهن } وهن اللاتي يكن فوقالثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه ، أي يغطين بها وجوههن وصدورهن ، ثم ذكر حكمةذلك فقال: { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } دل على وجود أذية إن لم يحتجبن ، وذلكلأنهن إذا لم يحتجبن ربما ظن أنهن غير عفيفات فيتعرض لهن مَنْ في قلبه مرض فيؤذيهن، وربما استهين بهن وظن أنهن إماء فتهاون بهن من يريد الشر ، فالاحتجاب حاسم لمطامعالطامعين فيهن )) اهـ . (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ـ 6 / 247
36ـ المفسر العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ت 1393هـ : قال : عندتفسيره لقوله تعالى { يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاِزْواجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } : (( فقد قال غير واحدمن أهل العلم : إن معنى { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } أنهن يسترنبها جميع وجوههن ، ولا يظهر منهن شىء إلا عين واحدة تبصر بها ، وممن قال به : ابنمسعود وابن عباس وعبيدة السلماني وغيرهم . فإن قيل : لفظ الآية الكريمة وهو قولهتعالى { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } لا يستلزم معناه ستر الوجهلغة ، ولم يرد نص من كتاب ولا سنّة ولا إجماع على استلزامه ذلك ، وقول بعضالمفسّرين إنه يستلزمه معارض بقول بعضهم : إنه لا يستلزمه . وبهذا يسقط الاستدلالبالآية على وجوب ستر الوجه . فالجواب : أن في الآية الكريمة قرينة واضحة على أنقوله تعالى فيها { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } يدخل في معناه ستروجوههنّ بإدناء جلابيبهنّ عليها ، والقرينة المذكورة هي قوله تعالى : { قُللاْزْواجِكَ } ووجوب احتجاب أزواجه وسترهن وجوههن لا نزاع فيه بين المسلمينفَذِكْرُ الأزواج مع البنات ونساء المؤمنين يدلّ على وجوب ستر الوجوه بإدناءالجلابيب كما ترى )) اهـ . (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ـ 6 / 645 ) . وقال أيضا : (( والعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتابولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب مع أن الصحابيات فعلن ذلكممتثلات أمر الله في كتابه إيمانا بتنزيله ، ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدم عنالبخاري )) اهـ .
37ـ المفسر العلامة الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله : عندتفسيره لقول الله { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } قال : (( والجلبابفي اللغة العربية : الملحفة والملاءة واللباس الواسع ، والإدناء يعني التقريب واللف، فإن أضيف إليه حرف الجر { على } قُصد به الإرخاء والإسدال من فوق ، وبعضالمترجمين والمفسرين في هذه الأيام غلبهم الذوق الغربي ، فترجموا هذا اللفظ بمعنىالالتفاف لكي يتلافوا حكم ستر الوجه ، لكن الله لو أراد ما ذكره هؤلاء السادة لقال : ( يدنين إليهن ) فإن من يعرف اللغة العربية لا يمكن أن يسلم بأن { يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ } تعني أن يتلففن أنفسهن فحسب ، هذا بالإضافة إلى أن قوله { جلابيبهن } يحول أكثر وأكثردون استخراج المعنى . و { مِنْ } للتبعيض يعني جزءًا أو بعضا منجلابيبهن ، ولو التفت المرأة بالجلباب لالتفت به كله طبعا لا ببعضه أو بطرف منه ،ومن ثم تعني الآية صراحة أن يتغطى النساء تماما ويلففن أنفسهن بجلابيبهن ثم يسدلنعليهن من فوق بعضًا منها أو طرفها وهو ما يعرف عامة باسم النقاب ؛ هذا ما قالهأكابر المفسرين في أقرب عهد بزمن الرسالة وصاحبها صلى الله عليه وسلم فقد روى ابنجرير وابن المنذر أن محمد بن سيرين رحمه الله سأل عبيدة السلماني عن معنى هذه الآيهـ وكان عبيدة قد أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأت وجاء المدينة في عهدعمر رضي الله عنه وعاش فيها ، ويعتبر نظيرًا للقاضي شريح في القضاء والفقه ـ فكانجوابه أن أمسك بردائه وتغطى به حتى لم يظهر من رأسه ووجهه إلا عين واحدة وقد فسرهاابن عباس رضي الله عنهما أيضا بما يقارب هذا إلى حد كبير / وما نقله عنه ابن جريروابن أبي حاتم وابن مردويه يقول فيه : " أمر الله نساء المومنين إذا خرجن من بيوتهنفي حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة " وهذا ماقاله قتادة والسدي أيضا في تفسير هذه الآية ويتفق أكابر المفسرين الذين ظهروا فيتاريخ الإسلام بعد عصر الصحابة والتابعين على تفسير الآية بهذا المعنى )) ( تفسيرسورة الأحزاب ـ ص 161 ـ 163 ) . وراجع أيضا كتابه : (الحجاب ص302 ـ 303 ) .
38ـالمفسر الدكتور محمد محمود حجازي : قال عند تفسيره لقول الله تعالى : { يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } : قال (( فيسترن أجسادهن كلها حتى وجوههن إلا مابه ترى الطريق )) اهـ ( التفسير الواضح ) ( 22 / 27 ) .
39ـ المفسر الشيخ محمد عليالصابوني : قال : (( أي يا أيها الرسول قل لزوجاتك الطاهرات وبناتك الفضليات ،وسائر نساء المؤمنين الكريمات ، قل لهن احتجبن ، مُرْهُنَّ بالتستر والاحتشام ،سترًا لهن وحفاظًا على كرامتهن ، وقل لهن : إلبسن الجلباب الواسع الذي يستر محاسنهنوزينتهن ، وذلك التستر أقرب أن يعرفن أنهن حرائر عفيفات ، فلا يطمع فيهن أهل السوءوالفجور !! والجلباب : هو الرداء الذي يستر جميع البدن والثوب السابغ الفضفاض ،وهذه الآية ترد على السفهاء ، الذين يزعمون أن الحجاب إنما فرض على نساء النبي صلىالله عليه وسلم خاصة ، حرمة لهن ، ولا يقرءون هذه الآية العامة لجميع النساء { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ } )) اهـ. ( التفسير الواضح الميسر ) ص ( 1059 ) طبعة وزارة الأوقاف والشئون الإسلاميةبدبي . وراجع كلامه باستفاضةعن النقاب في كتابه ( تفسير آيات الأحكام ) ( 1 / 161 ـ 164 ، 2 / 350 ـ 362 ) ط: دار السلام بالقاهرة .
40ـ المفسر الإمام الأكبر شيخالجامع الأزهر محمد سيد طنطاوي : قال في تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَعَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَوَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } : (( والجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميعالبدن ، تلبسه المرأة فوق ثيابها . والمعنى : يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي فيعصمتك ، وقل لبناتك اللائي هن من نَسْلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذاما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يَسدلن الجلاليب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترًاتامًّا من رؤوسهن إلى أقدامهن ؛ زيادة في التستر والاحتشام ، وبعدًا عن مكان التهمةوالريبة . قالت أم سلمة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأنعلى رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سُود يلبسنها )) اهـ . ( التفسيرالوسيط ) ( 11 / 245 ) طبعة دار المعارف1993م .
41.المفسر الشيخ أبو بكر جابرالجزائري : قال في تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْلِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْجَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ } : (( والجلباب هوالملاءة أو العباءة تكون فوق الدرع السابغ الطويل ، أي : مُرهن بأن يدنين من طرفالملاءة على الوجه حتى لا يبق إلا عين واحدة ترى بها الطريق ، وبذلك يعرفن أنهنحرائر عفيفات فلا يؤذيهن بالتعرض لهن أولئك المنافقون السفهاء )) اهـ . ( أيسرالتفاسير 2 / 1225 ) ـ ط1 مكتبة العلوم والحكم 1424هـ
وبعد أن استعرضنا كلام أكثرمن أربعين تفسير في ستر الوجه والنقاب نتساءل : هل كل هؤلاء المفسرين يفترون علىالله ؟ هل رأيت واحدا منهم قال بما يقول به هؤلاء المجترءون على النقاب ؟ ولانملكإلا أن نقول في زمن الغربة إلى الله المشتكى وهو المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .(