المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد بن عبد الله نبيه ورسوله وصفيه وخليله، أرسله الله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، مبشراً بالجنة لمن اتقى الله- جل وعلا- وأطاع الرسول، ومنذراً ومخوفاً من عذاب الله، والنار لمن خالف أمر الله-جل وعلا - وعصى الرسول - عليه الصلاة والسلام- ، وبعد:
فإن موضوع الفتن موضوع مهم، قد حظي بمكانة واسعة في القرآن الكريم، والسنة النبوية مما يدل على أن المسلم يجب ألا يُغفل هذا الميدان، فالمرء مفتون بالخير والشر، والسراء والضراء، والغنى والفقر.
ولا ريب أن الأمة تعيش أحوالاً عصيبة، قد تكون أحرج أيام مرت بها عبر التاريخ؛ فالمصائب متنوعة، والجراحات عميقة، والمؤامرات تحاك تلو المؤامرات، يضاف إلى ذلك ما تعانيه الأمة من الضعف، والهوان، والفُرقة، وتسلط الأعداء.
وما هذا الذي يجري في كثير من بلاد المسلمين إلا سلسلة من المكر الكبَّار، والكيد العظيم، والقتال الذي لا يزال مستمراً.
وقد يخالط بعضَ النفوس من جراء ذلك شيءٌّ من اليأس، والإحباط، وقد يعتريها الشك في إصلاح الأحوال، ورجوع الأمة إلى عزها وسالف مجدها.
ومهما يك من شيء فإن هذه الأمة أمة مباركة موعودة بالنصر والتمكين متى توكلت على الله، وأخذت بالأسباب، وهذا الدين أنزله الله عز وجل، وبعث به الرسول- صلى الله عليه وسلم - ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
أما أصول وقواعد في الدعوة إلى الله في وقت الفتن، والتعامل مع هذه النوازل والمصائب فهي مبينة في كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم.
ومما تجدر الإشارة إليه، ويحسن الطَّرْق عليه في هذا الصدد مما هو معين- بإذن الله- على حسن التعامل مع الفتن، والمصائب، والخروج منها بأمان أمور كثيرة، وفيما يلي ذكر لشيء منها، مع ملاحظة أن بعضها داخل في بعض؛ فإلى تلك الأمور، والله المستعان وعليه التكلان.
ولأهمية هذا الأمر؛ فقد رأيتُ أن أوضحه ـ ما أمكن ـ في هذا البحث المسماه: أصول وقواعد في الدعوة إلى الله وقت الفتن ، وجاء في أحد عشر مبحثاً بعد مقدمة، وتمهيد، والمباحث كالتالي: