ساحة الفاتيكان في روما
الفاتيكان (روما):عبدالمجيد السباوي
أحرجت دراسة قامت بها الباحثة الإيطالية فيتوريا هازييل حول تاريخ وأصل الغطاء الذي تدعى الكنيسة الكاثوليكية أنه غطى جسد عيسى بن مريم عليه السلام بعد إعدامه بالقدس – على حد زعم الكنيسة, أحرجت جمهورية الفاتيكان وعدداً من رجال الدين الكاثوليك في العالم، حيث أكدت الدراسة بحجج علمية وتاريخية أن الغطاء المسمى بـ»سيدوني» والذي يوجد بكاتدرائية مدينة تورينو الإيطالية هو من صنع العالم والمبدع التوسكاني الإيطالي ليوناردو دافينشي صاحب اللوحات الشهيرة مثل «العشاء الأخير» و»الجيوكوندا» و»عذراء الصخور».
هذا التأكيد وحسب الدراسة نفسها مبني على وثائق وحقائق تاريخية تعود إلى الأوائل من القرن الـ 16 حين طلب السلطان العثماني بيازيد الثاني، ابن محمد الفاتح، ولأهداف سياسية من ليوناردو تم إنجاز غطاء يعكس الجسد المجروح لعيسى بن مريم (حسب الرواية المسيحية) والعلامات «ستيغمات» التي أحدث فيه جراء التعذيب.
في بادئ الأمر التزمت الفاتيكان الصمت حيال الدراسة لكنها سرعان ما انتفضت لترد على ما أسمته بالإدعاءات الباطلة بعد أن قامت فيتوريا بنشر دراستها وتفاصيل عنها بعدد من الصحف الإيطالية والغربية, مؤكدة فيها أن ليوناردو قام بوضع غطاء على جسده ليعكس تفاصيله قبل أن يزيد من توضيحها عن طريق قضيب حديدي مفحم ليظهر الغطاء على أنه قديم جداً ويعود إلى التاريخ الذي يدعى المسيحيون أن عيسى بن مريم أعدم فيه. الفاتيكان وعلماء مساندون لها كانت قبل سنوات قد رفضت التصديق بتقارير وتحليلات على قطعة من الغطاء قامت بها مختبرات أوكسفورد الإنجليزية وتوكسون الأمريكية وزوريخ السويسرية سنة 1987 بأمر من بابا الفاتيكان نفسه، بعد أن أكدت النتائج أن القماش يعود إلى الأول من القرن الـ16 الميلادي وأن الرسوم التي عليها لا علاقة لها بدم أو مواد صادرة عن جسد إنسان.
أمام هذه الحقيقة اضطرت كاتدرائية تورينو وبأمر من الفاتيكان إلى إخفاء قطعة الثوب «سيدوني» عن أعين الباحثين وحتى المؤمنين بالكنسية الكاثوليكية خوفاً من البلبلة وصدور مزيد من الأبحاث عنها قد تزعزع صورة الفاتيكان والكنيسة ككل. لكن هذا الأمر لم يزد الباحثين إلا اهتماما بالموضوع ليعتبروه لغزا محيرا خصوصا بعد أن أصدر العالم الأمريكي رامون رودجر بحثا أكد فيه أن تقارير مختبرات أوكسفورد, توكسون وزوريخ مبينة على تحليل لقطعة قماش تغيرت تركيباتها الكربونية بعد أن تعرض جانب منها إلى الإحراق قبل أربعة قرون ليطالب في الوقت نفسه بإجراء فحص جديد على القماش المقدس ككل.
أثناء ذلك وخوفا على صورة الجمهورية الكاثوليكية سارع باحثون بالفاتيكان إلى الترويج إلى وجود دراسات تاريخية تؤكد أن قطعة قماش «سيدوني» وصلت إلى مدينة تورينو لتستقر بكاتدرائيتها سنة 1578 بعد رحلة بدأت من القدس ثم الروها بالعراق والقسطنطينية البيزنطية (تركيا حالياً) وأثينا ومدينتي ليري وشامبري الفرنسيتين.