( الخليفة الكامل ) : تنفيذ مبدأ : من أين لك هذا ؟؟؟
ان عمر بن عبدالعزيز لم يذهب الى زاويه ليقرا اوراد بل قعد من فوره يملى الكتب الى الاطراف ويضع البرنامج للحكومه الجديده، وكان اول امر اصدره ، الامر بفك الحصار عن القسطنطنيه ، ورجوع الجيش ، فرجع بعد ما قاسى الجند الاسلامي من ويلات هذا الحصار ، ثم اصدر تشكيلات سريعه ( كما يقال باصطلاح اليوم) في المناصب الكبرى ، فعزل الامراء الظلمه الطغاه ، زكان منهم والي افريقيه يزيد بن ابي مسلم العاتي الظالم ، المتهم بحبس الناس وتعذيبهم ويضربهم بلا وجه شرعي ، واسامة بن يزيد التنوخي ، رئيس الماليه في مصر ،وكان يقطع الايدي ويشق البطون ، ويرتكب الجرائم الكبار ، وحكم عليه بالحبس سنه في كل مركز من مراكز الدوله ، أي بالسجن المؤبد وعزل عمال الحجاج نهائيا ،
مالا،وكان قد مر عليه ليلتين بلا منام،فأغفى يستريح قليلا فدخل عليه ابنه عبدالملك وقال له:تنام ولا ترد المظالم؟قال يا بني ‘نما هي ساعة فإذا قمت الظهر رددتها،قال:ومن لك بأن تعيش إلى الظهر؟ فنهض ورد المظالم.
أتدرون ما هذه المظالم؟......هي الأموال الهائلة،والثروات العظيمة،التي تملكها أسرة الملك الراحل،واخوته وحاشيته،لقد عزم على ردها إن عرف أصحابها،أو إلى الخزانة العامة،وأن ينفذ على الجميع (من أين لك هذا؟) ..
إن أول ما ينبغي للمؤمن حين يقرأ قوله تعالى(وفي السماء رزقكم وما توعدون) أن يكون مصدقا بذلك،وألا يخاف إن أقام الحق،أن يبقى هو وأولاده بلا طعام،فإن لم يفعل كان كاذبا،وما كان عمر بن عبدالعزيز من الكاذبين،وأحصى أملاكه فإذا هي من عطايا الخلفاء،ولم يجد إلا عينا في السويداء،كان استنبطها من من عطائه،والعطاء يا سادة-رواتب عامة،تعطى من بيت المال للناس جميعا،نوع من الضمان الإجتماعي لم تصل إلى بعضه اليوم أرقى دول في الغرب،وفكر في أولاده،هل تكفيهم غلة هذه العين،وهي مائة وخمسون دينارا في السنة فقط!
ثم ذكر أن الرزاق هو الله،وأن ما كان لك سوف يأتيك على ضعفك وما كان لغيرك لن تناله بقوتك،فنزل عنها كلها ومزق سجلاتها.
وتوجه إلى أمراء البيت المالك،فجمعهم وحاول أن يعظهم،ويخوفهم الله،وبين لهم أن ليس لهم من الحق في أمول الخزانة العامة أكثر مما للأعرابي في صحرائه،والراعي في جبله،والزارع في مزرعته،وأن ما بأيديهم من أموال جمعوها من حرام ليس لهم،وإنما هو لله،وأرادهم على ردها فأبوا..
ودعاهم مرة أخرى إلى وليمة أعدها لهم،فتركهم حتى يبلغ منهم الجوع ثم قدم لهم عدسا وبصلا وتمرا،وطعاما من طعام الفقراء فأكلوا منه حتى إذا شبعوا،جاءهم بالطعام الطيب،فلم يستطيعوا أن ينالوا منه..
قال:أرأيتم؟فلم التقحم في النار من أجل أكلة وشربة؟!
فلم يستجيبوا،فلما عجزت معهم أساليب اللين،عمد إلى الشدة،وأعلن أنه كل من كانت له مظلمة،أو عدا عليه أحد من هؤلاء الأمراء،فليتقدم بدعواه،وألف لذلك محكمة خاصة وبدأ يجردهم من هذه الثروات،التي أخذوها بغيروجهها،ويردها على أصحابها،أو على الخزاتة العامة..