قبل أكثر من شهرين، أعلنت هيئة السُّوق الماليَّة رسميًّا (كما يعلم الجميع) عن إيقاف تداول أسهم الشَّركة السعوديَّة للاتِّصالات المتكاملة في السُّوق الماليَّة السعوديَّة تنفيذًا لإشعار وردها من هيئة الاتِّصالات وتقنيَّة المعلومات يفيد بالرفع للمقام السامي الكريم بطلب إلغاء الموافقة على الترخيص الممنوح لشركة السعوديَّة للاتِّصالات المتكاملة لعدم استيفائها بأحد المتطلبات التي تضمنها الأمر السامي الكريم، حيث مثل قرار تعليق تداول السَّهم هذا ضررًا واضحًا وكبيرًا على المساهمين في ظلِّ الغموض التي يكتنف مستقبل الشَّركة للخروج من هذا الوضع الصعب.
من وجهة نظري الشخصيَّة، أرى أن إلغاء الموافقة على الترخيص الممنوح للشَّركة يعني تصفيتها بصفة نظاميَّة وبالتالي من المتوقع أن يحصل المساهمين على قيمة نقدية تقل عن القيمة الاسمية للسَّهْم في أفضل الأحوال، بينما المتسبب الحقيقي في الفوضى العارمة التي عاشتها الشَّركة قبل إدراجها في السُّوق الماليَّة وبعد إدراجها هم بالترتيب: المساهمون المؤسسون، ثمَّ وزارة التجارة (لمخالفتها الصريحة لنظام الشركات فيما يتعلّق إعلانها تأسيس الشَّركة دون التأكَّد من سداد المؤسسين لحصصهم النقديَّة)، ثمَّ هيئة السُّوق الماليَّة (لتجاهلها تنبيهات مراجع الحسابات الخارجي الذي نبَّه في تقريره إلى أن المساهمين المؤسسين لم يدفعوا حصصهم النقديَّة بالرغم من إعلان تأسيسها).
هذا يعني أنَّه مع الأسف الشَّديد هناك جهات حكومية ارتكبت أخطاء كبيرة ساهمت في تعقيد المشكلة نتيجة لأسلوب اللف والدوران الذي انتهجه المساهمون المؤسسون بينما شارك بقية المساهمين في الاكتتاب العام على أسهم الشَّركة أو اشتروا السَّهم بعد إدراجه في السُّوق الماليَّة اعتقادًا منهم أن الجهات الحكوميَّة من المفترض أنّها قامت بدورها النظامي لحمايتهم على أقل تقدير، وتكون النتيجة أن هذا يوجب على حكومتنا الرشيدة (حفظها الله ورعاها) أن تتحمَّل مسؤوليتها تجاه ما حصل لبقية مساهمي الشَّركة المغلوب على أمرهم للخروج من هذا الوضع بأفضل الحلول الممكنة تحت قاعدة «لا ضرر ولا ضرار».
لحل هذه المشكلة المُعَقَّدة التي لم يحدث فيها تطوّر حتَّى الآن، أرى أن أفضل حل لإنقاذ الشَّركة بأقل أضرار ممكنة يتمثَّل في:
(1) بإبقاء الترخيص الممنوح للشَّركة حتَّى تواصل ممارسة نشاطها التجاري الذي أنشأت لأجله، ثمَّ (2) بإبعاد المساهمين المؤسسين تمامًا عن قائمة المساهمين في الشَّركة ودخول جهات حكومية أو شبه حكومية مكانهم (مثل صندوق الاستثمارات العامَّة أو المؤسسة العامَّة للتقاعد أو المؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعيَّة) على أن يَتمَّ ذلك بموجب قرار يصدر من مجلس الوزراء الموقر لإعطاء شرعيَّة قانونية على هذا الإجراء الاستثنائي (مع ما يتطلبه من تعديل لعقد تأسيس الشركة) ولقطع الطَّريق مستقبلاً أمام أيّ اعتراضات قانونية محتملة والله أعلم. نقلا عن جريدة الجزيرة