* */ فوائد السعى بين الناس لأصلاح ذات البين ... ومنزلتها العظيمه...؟
طبعآ لا يخفى على الجميع أن في كثير من مجتمعاتنا تنتشر المشاحنات والمشاكل بين الناس ومن هنا جاء الندب والتأكيد على فضل الإصلاح بين المتخاصمين فهو ليس عملا تطوعيا أو أمرا اختياريا مندوب إليه فحسب، بل هو في كثير من الأحيان واجب محتم على المسلمين، لقوله تعالى:{ وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما...} (الحجرات:9) وقال عز من قائل: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) الأنفال/1 .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإصلاح بين الناس أفضل من تطوع الصيام والصلاة والصدقة .
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى ( لاخير في كثير من نجواهم الا منامر بصدقه او معروف او اصلاح بين الناس
*ومن يفعل ذلك ابتغاءمرضات الله فسوف نؤتيه اجر عظيم)
أخواتي واخوانى :
هل اشتعل الحماس في قلوبكم بعد هذه الكلمات!!!!
هل تريدون نيل الأجر وكسبه من الله عز وجل بإصلاح ذات البين!!!
إذا كانت اجابتكم بـ(نعم) لابد أن يدور في ذهنكم سؤال واحد
**كيف نكون مصلحين ؟
وللإجابه على السؤال عدة جوانب أهمها:
*_احتسبوا الأجر من الله تعالى ,اضمروا في قلوبكم النيه الطيبه وأن عملكم هذا تريدون به وجه الله تعالى عن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى )
أن نخلص النية لله فلا نبتغى بصلحنا مالاً أو جاهاً أو رياء أو سمعة وإنما القصد من العمل وجه الله قال تعالى" ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " .
*_ يمكننا تذكير الطرفين بالنصوص الدالة على هذا ، ومنها :
أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ )
رواه البخاري (6065) ومسلم (2559) .
ب. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) .
رواه البخاري (5727) ومسلم (2560) .
ج. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ،
" ( أَنْظِرُوا هَذَيْنِ ) أي : أَخِّرُوهُمَا حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الصُّلْح وَالْمَوَدَّة " . انتهى .
د. عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) . رواه أبو داود ( 4915 ) .
فهذه النصوص تدل على تحريم هجر المسلم لأخيه ، بترك السلام عليه والإعراض عنه أكثر من ثلاثة أيام ، ما لم يكن الهجر بسبب شرعي ويترتب عليه مصلحة فإنه يجوز أكثر من ثلاثة أيام .
*_أجاز الشرع المطهر الكذب من أجل هذا الأمر العظيم ، فيجوزان ننقل لكلا الطرفين المتخاصمين مدح الطرف الآخر وثناءه عليه ، رغبةً في الإصلاح ، وليس هذا من الكذب المحرم .
عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) . رواه البخاري ( 2495 ) .
وقال ابن بابويه " إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد " فتنبهوا لذلك ..
*_تذكير المتخاصمين أن هذا من عمل الشيطان وأنه يريد أن يوقع بين المسلمين البغضاء وقد قال تعالى{ انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء ..}.
وقال صلى الله عليه وسلم:«إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم** (الترمذي: 2020)،
والتحريش: هو السعي بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.
*_ علينا ان نختار الوقت المناسب للصلح بين المتخاصمين بمعنى اننا لا ناتى للإصلاح حتى تبرد القضية ويخف حدة النزاع وينطفئ نار الغضب ثم بعد ذلك نصلح بينهما .
*_وعلينا أيضا أن تتحرّى العدل ونحذر كل الحذر من الظلم" فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " .
*-والأهم أيضا التلطّف في العبارة فنقول : يا أبا فلان أنت معروف بكذا وكذا وتذكر محامده ومحاسن أعماله ويجوز لنا التوسع في الكلام ولو كنت كاذباً ثم نحذره من فساد ذات البين وأنها هي الحارقة تحرق الدين ..
فالعداوة والبغضاء لا خير فيها والنبي عليه الصلاة والسلام قال " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فيعرض هذا ويعرض هذا " ثم قال عليه السلام " وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " .
وعلى المصلح بين الناس ان يتمثل بأسلوب الداعى إلى الخير ويلتزم بالمنهج الرباني الذي دلنا عليه قول الحق عز وجل:{ ادع الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن...}
(النحل: 125).
*_على المصلح أن ينبه المتخاصمين لعدم الإذعان لضعاف النفوس الساعون بين الناس بالنميمه
.. قال تعالى " ولا تطع كل حلاف مهين ، هماز مشاء بنميم ، مناع للخير معتد أثيم ، عتل بعد ذلك زنيم "
فهو يمشي بالنميمة لا خير فيه .. ولا أصل له .. ولا أرض يركن إليها .. إنما هو شر في شر يقوم بعمل الشيطان " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء " .. انتبه من هؤلاء .. ولاتلتفت إليهم .. وقل أنت لا خير فيك أريد الصلح وأنت تريد الشر ماذا تريد ؟ ثم بعد ذلك يطرد من مجلسك ولا يكن له حظ معك ..
بعد هذا قد يتبادر إلى الذهن سؤال....
لماذا أحمل نفسي عناء الإصلاح والتقريب بين الناس!!!!
نتامل هذه الآيه التي تدل على نيل الأجر العظيم ، حيث ان الله تعالى يحفظ للمصلحين جهودهم وسعيهم ، قال تعالى :{ إنا لا نضيع أجر المصلحين } ، ( الاعراف -170) .
وكذلك قال تعالى{ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } ، ( هود 117)
قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) ..
وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..
**احبائى في الله..**
قد نقول : نريد أن أذهب إلى فلان لأصلاحه لكن أخشى أن يردنى أولا يستقبلنى أولا يعرف قدر مجيئي إليه !
يقول نبينا ( وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ) .. فأنت إذا عفوت زادك لله عزا .. وإذا أصلحت زادك الله عزا ..
وإن طردك ولم يفتح لك الباب رجعت فإن هذه أمنية يتمناها سلف الأمة !! ..
إنها دليل على طهارة القلب وزكاته .. قال تعالى " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم " ..
في النهايه هذه نصيحه من قلب يحبلكم الخير ويتمنى لكم نيل رضى الرحمن فسارعوا اخوتى ، اخوانى ولا تنتظروا ،
سارعوا للخير وكونوا سباقين إليه دائــــــــمآ
_ وفقنا الله واياكم الى مافيه نشر الخير ، فى عموم المحافل ، وان ننسى الأساءة ويسامح بعضنا البعض ، والكبير من يبادر بالأعتذر