رياض- عبدالواحد الأنصاري:
بالعودة إلى طرح قديم للدكتور سفر الحوالي حول تدريب الجيش الأمريكي في صحراء نيفادا، وتوقعاته آنذاك أن أمريكا كانت تعد العدة للهجوم على الخليج أثناء قيامها بإنزالات على خليج بنما، باعتبارها "بروفة" للإنزال في الخليج، حين أنزلت أكثر من 10 آلاف جندي آنذاك في بنما، وذهب تحليل الحوالي إلى أن ذلك الأمر حين يحين تطبيقه فسيتطلب أكثر من عشرين ضعف هذا العدد عند إنزاله في الخليج! كما أشار الحوالي إلى أن الفرقة 82 من الجيش الأمريكي كانت تتدرب في صحراء نيفادا على أجواء صحراوية شبيهة بأجواء الجزيرة العربية، وأن أكثرية الجنود المشاركين في ذلك كانت لهم سحنات لاتينية وكان بعضهم يلبسون أزياء شبيهة بالأزياء العربية.
اذا كان لنا أن نعد ذلك الذي توصل إليه الحوالي من باب محض الظن أو من باب التوجس، وكان الكلام يومئذ مستبعداً، فإن ما يحصل الآن من التدخل الغربي السافر في صحراء "أزواد" شمال مالي أدعى إلى أن يكون مثيراً للريبة، وغير داخل في الممكن المعقول من حيث واقعيته، وأقرب إلى أن يطابق الذي توصل إليه الحوالي قبل أكثر من عشرين سنة.فالأرض الأزوادية شمال مالي ليست عامرة بالسكان، وليس فيها أهداف عسكرية، فلا توجد فيها طرق سريعة ولا جسور ولا قصور ولا أبراج ولا مستشفيات، ولا تجمعات سكانية ذات شأن، وهي تعدل ثلثي الأرض الماليّة بكاملها، وتعد صحراء شاسعة لا يقطنها رغم سعتها المهولة سوى ما يقل عن ثلاثة ملايين نفس، ولا يزمع قتال فرنسا وحلفائها فيها ما يزيد على ثلاثة آلاف نفس على أقصى تقدير! وهؤلاء الثلاثة آلاف يواجههم في الأصل أكثر من ثمانية آلاف عنصر من الجيش المالي، زد على ذلك ما يعادل ثلاثة آلاف آخرين من الحركة الوطنية الأزوادية التي تتشارك معهم الأرض نفسها وجرت بينهما اشتباكات هي مهيأة لأن تتحول إلى حرب في أي لحظة داخل أزواد، ما يجعلنا نخلص إلى نتيجة مفادها، أن ما يعادل شخصاً واحداً في الألف من سكان (فقط) لهم تتجه كل هذه الحشود من جميع أصقاع العالم إلى قتالهم!