ولد مخترع القرن العشرين "نيكولا تسلا" في الـ 10 من يوليو عام 1856 سميلجان في كرواتيا ، ونال الجنسية الأمريكية بعد ذلك , اهتم منذ طفولته بالكهرباء وقوة البرق، عمل في براج وباريس كمهندس كهرباء لبعض الوقت قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تلقى "تسلا" تعليماً راقياً، وبدا واضحاً لأساتذته أنه سيغدو أسطورة علمية بعد قليل من الوقت، فـ"تسلا" الشاب كان شغوفاً بالمناظرات العديدة مع أساتذته في الجامعة، وكثيراً ما أثبت صدق وجهة نظره.
وصل "تسلا" إلى أمريكا في سن الثامنة والعشرين، وهو يـأمل أن يجد له مكاناً وسط علماء القرن التاسع عشر الذي اشتهر بمعاركة العلمية حامية الوطيس.. وأول ما فعله هو أن ذهب إلى مكتب المخترع العبقري "توماس أديسون"، وفي يده خطاب من أحد أصدقاء "أديسون" في أوروبا، وهذا الخطاب عبارة عن رسالة توصية جاء فيها: "عزيزي أديسون، أعرف رجلين عظيمين، أحدهما أنت، والآخر هو حامل هذه الرسالة."
واشترك "تسلا" مع "أديسون" لبعض الوقت، ولكن الاختلافات الجوهرية بين العبقريين ظهرت بسرعة، "أديسون" يقدس التجربة و"تسلا" يستطيع أن يبني محطة كهربائية من وحي عبقريته دون حتى رسومات على ورق، "أديسون" يحب العمل اليدوي و"تسلا" يكرهه، "أديسون" لم يتلق أي تعليم نظامي و"تسلا" تعلم في أفضل الجامعات وأشبه بأرستقراطي ثري من عالم متواضع الدخل، "أديسون" يحب التيار الثابت و"تسلا" يعشق التيار المتردد، ثم إن "أديسون" (أكل) عليه رهاناً بخمسين ألف دولار، لذا سرعان ما اختلف العالمان وانفصلا، قبل أن يتحول هذا الانفصال إلى حرب شرسة بين العالمين.
آلة تسلا للتيار المتردد
خلال عام 1887 حصل "تسلا" على سبع براءات اختراع في نظام توليد التيار الكهربي المتردد، وهنا اشتعلت حرب الكهرباء بين "أديسون" و"تسلا".. ولكن "تسلا" حسم الموقف لصالحه عندما أضاء المعرض العالمي بشيكاغو باستخدام التيار المتردد.
في عام 1899 نجح "تسلا" في نقل مائة مليون فولت من الكهرباء عالية التردد لاسلكياً عبر مسافة 36 ميلاً لتضيء 200 مصباح وتشغل محركاً كهربائياً، وذلك في مدينة " كولورادو سبرينجز"، وكانت تلك تجربة فريدة خطفت أبصار سكان المدينة، حتى إنهم أطلقوا عليه اللقب (الساحر)..
وفي عام 1895 استطاع "تسلا" بمساعدة شركة وستنجهاوس من استغلال الطاقة الكهربية الرهيبة لشلالات نياجرا، متفوقين بذلك على شركة "أديسون.
كان حلم "تسلا" أن يبني برجاً عالياً يمد من خلاله السفن والمنازل بالكهرباء اللاسلكية، ولكن نقص التمويل حال دون إتمام المشروع، خاصة بعد إفلاس شركة "وستنجهاوس" وإنفاق معظم أمواله على تجاربه العبقرية التي لم يكتب لمعظمها النجاح، ولازالت بقايا برج "واردنكلايف" موجودة حتى الآن.. وقد رأى الناس برقاً صناعياً يضرب الأرض من ارتفاع 45 متراً قوته ملايين الفولتات!.
مخترعات بلا حصر
كان اهتمام "تسلا" بالكهرباء وصل إلى حد الهوس، فصار يقضي معظم وقته في ألعاب كهربائية لا تنتهي، وقد وجه بعض الاهتمام في نفس الوقت إلى الموجات عالية الذبذبة، وقدم 17 براءة اختراع حول هذا المجال، بل إنه قدم طلباً لبراءة اختراع الراديو قبل "ماركوني" بثلاث سنوات، ولكن الدعم المالي والاجتماعي لماركوني حسم الموقف هذه المرة لصالح الأخير، وعندما حصل الإيطالي على جائزة نوبل عام 1909، بكى "تسلا" ألماً من تجاهله على الرغم من أن "ماركوني" كان يستخدم معدات من ابتكار "تسلا"!.
كما أن "أديسون" رفض تقاسم جائزة نوبل عام 1916 مع "تسلا"، فحجبت عنهما معا!.. ومازالت معظم تجارب "تسلا" مثاراً لحيرة العلماء ومحاولة كشف غموضها.
أبحاث على تجارب تسلا لا تتوقف
في عام 1898 قدم "تسلا" نموذجاً لقارب يتم التحكم بحركته لاسلكياً، وقد وجه هذا الاختراع أعين رجال الحرب إليه، ولكنه طلب من الجماهير أن تفكر أكثر في استخدام (الخدم الآلية) في الأعمال المنزلية، وكانت هذه هي أول إشارة لظهور فكرة الروبوت، والتحكم عن بعد، وجهاز الريموت كنترول المتوفر الآن هو تطور طبيعي لهذا الاختراع.
في الواقع كانت طموحات "تسلا" أكبر مما تتحمله عقول البشر في ذلك العصر، فهو يتكلم عن الهاتف المحمول، وعن التليفزيون وعن برامج معلوماتية شاملة وشبكة هائلة للمعلومات ونظام متكامل لنقل الكهرباء لاسلكياً، الانتقال الآني والسفر عبر الزمن والأبعاد، وعن أشعة الموت التي تستطيع أن تفني جيشاً في لحظات، عن الاتصالات بين الكواكب والميكروويف، هذه عبقرية فاقت عصرها، وربما هناك عذر لأهل ذلك العصر الذي لم يكن أحدهم يعرف عما يتكلم هذا العبقري!
هناك حكاية يتداولها البعض عن تجربة تدعى تجربة "فيلادلفيا" عام1943، وفيها يتم التعاون بين أكثر رجلين عبقرية في ذلك الوقت "تسلا" و"أينشتاين".. حيث كانت التجربة هي إخفاء المدمرة "الدريدج" باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية.. ويقال إن المدمرة اختفت تماماً بالمعنى الحرفي، أي أنها لم تعد داخل حيز المادة، وعندما عادت للظهور كانت أجسام بعض البحارة قد تداخلت مع جسم المدمرة، وهذه التجربة نشرت في كتاب "آفاق خفية" للكاتب "فنسنت جاديس" عام 1965.
وفاته
حصل "تسلا" على 700 براءة اختراع، وتوفي في الـ 7 من يناير عام1943، في غرفة بفندق متواضع لا تليق بصانع القرن العشرين، وقد اختفت معظم أوراقه وأبحاثه من غرفته بالفندق، فقد أعلن أنه اكتشف أشعة الموت في ذروة الحرب العالمية الثانية.
ربما لم يحظ بشهرة "أديسون" أو "أينشاتين"، ربما لم يبلغ ذروة الثراء وتقام له التماثيل في كل مكان، ربما لم يفز يوماً بجائزة نوبل وإن تسبب في منح هذه الجائزة لآخرين استخدموا مبتكراته وأبحاثه، ولكن كل من ينظر إلى القمر يتذكر فوهة "تسلا"، وكل من يدرس الفيزياء يعرف جيدا من هو " تسلا" وما هو ملف "تسلا".. وكل من يمسك بريموت كنترول لابد أن يعرف أن "تسلا" هو أول من فكر في صنعه.
الغريب أن بعد موت "تسلا" انتشرت شائعات غريبة عنه، حتى إنه قد سرت شائعة في أمريكا أن "نيكولا تسلا" لم يمت، بل هو حي يدير مشروعاً سرياً آخر يدعى مشروع "مونتوك"، حيث تمارس تجارب حول نقل الموجات الكهرومغناطيسية بين العقول البشرية وتجارب حول التخاطر، وأن خبر موته هو خبر مزيف أو أنه انتقل عبر الزمن!.. حتى تم كشف المشروع عام 2002 في حديقة "كامب هيرو "، ولم يجد أحدهم أي تجارب سرية!.