تتوافق جهات سياسية وعسكرية في إسرائيل على أنها لا تخشى الجيش السوري بقدر ما تخاف ضعفه، وترى في تنامي خطر الحركات الجهادية واقترابها من الحدود معها كابوسا.
وعبر قائد الجيش الإسرائيلي بيني غانتس عن هذا القلق المتزايد للمؤسسة الحاكمة في إسرائيل بتكراره اليوم تحذيراته من تبدل خريطة المخاطر التي تهدد إسرائيل وولادة أعداء من نوع جديد.
وقال غانتس في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه يشعر بقلق حقيقي من خطر ما سماها المنظمات الإرهابية المسلحة والفاعلة من داخل مجمعات سكانية في سوريا.
وكرر غانتس ما قاله في مؤتمر هرتزليا الثالث عشر للأمن القومي الأسبوع المنصرم، فشدد على أن عدم الاستقرار في سوريا ينطوي على مخاطر جمّة بالنسبة لإسرائيل.
وقال إن من وصفها بالمنظمات الإرهابية التي تقاتل لإسقاط نظام بشار الأسد اليوم تجد في إسرائيل غدا التحدي القادم.
ويشاطر عدد كبير من المراقبين غانتس الرأي بأن الخوف من ال جهاد العالمي في سوريا يتصدر لائحة الهموم الإسرائيلية، وأنه شكّل عاملا إضافيا لجانب الضغط الأميركي في اعتذار إسرائيل لتركيا والاتفاق على التصالح بينهما.
رون بن يشاي اعتبر أن الجيش السوري لم يشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل (الجزيرة نت)
الجهاد العالمي
ويتحدث المعلق العسكري البارز رون بن يشاي للجزيرة نت عن هذه المخاوف بالقول إن إسرائيل التي عاشت طيلة عقود في خوف من قوة جيرانها تواجه اليوم مخاطر ضعف سوريا وانهيار نظامها.
ويوضح بن يشاي أن حدود إسرائيل مع سوريا ظلت آمنة طيلة العقود الأربعة الماضية، وأن الجيش السوري لم يشكّل خطرا حقيقيا بالنسبة للجيش الإسرائيلي، "فما بالك اليوم وهو يستنزف قواه في حرب داخلية".
ويشير إلى أن هناك سيناريو يشكّل كابوسا بالنسبة لإسرائيل يتجسد في سيادة حالة فوضى في سوريا بعد الأسد تؤدي لتحولها إلى عراق ثان، تستقطب جهاديين يرون إسرائيل هدفا لهم.
هزات كبيرة
وعلى غرار تحذيرات مؤتمر هرتزليا الأمني الأخير، يتوقع قادة ما يسمى بالاستخبارات العسكرية الميدانية في إسرائيل أن يشهد الشرق الأوسط هزات كبيرة أخرى في مسيرة تبلوره الراهنة.
كما يتوقع هؤلاء القادة في أحاديث مطولة لملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم إطلاق صواريخ كيمياوية على إسرائيل من جهة لبنان، أو على يد منظمات جهادية عالمية من سوريا.
ويشير الضابط "شين" المسؤول عن الاستخبارات الميدانية -جبهة الشمال- إلى أن الاستخبارات العسكرية في إسرائيل تعمل منذ عامين في أجواء تنذر بتدهور عسكري خطير، لا يقتصر على الشأن الإيراني بل من شأنه أن يتحقق من جهة سيناء أو سوريا.
كما تتابع الاستخبارات ما يجري داخل المجتمع الفلسطيني وتبدي قلقا حقيقيا على استقرار النظام في الأردن.
ويخشى أن تشهد المنطقة "عمليات عنيفة جدا"، ويلفت إلى أن الحدود لم تعد آمنة، والعدو -كما يسميه- على أعتابها ليس جيشا تقليديا وسيصل من جهة منظمات مرتبطة بالجهاد العالمي والقاعدة مثل جبهة النصرة في سوريا التي تتعاون مع "أنصار بيت المقدس" في سيناء ولها صلات في لبنان.
دان مريدور: احتمال تدفق الإرهاب العالمي إلى إسرائيل أمر مرعب (الجزيرة نت)
جيش تقليدي
الجنرال "شين" يؤكد أن الحالة مختلفة، ويقول إنه حينما كان يحدق بالناظور نحو سوريا كان يشاهد جيشا تقليديا مترهلا مزاياه معروفة وبنيته الهيكلية واضحة.
أما اليوم -يتابع شين- فهذا الجيش "لا يقلقني" على المستوى الإستراتيجي، لا سيما أنه منشغل في مواجهة الجيش الحر وفرص شنه هجوما على إسرائيل تبدو ضئيلة، لكنه عبر عن قلقه الشديد من تسرب أسلحة إستراتيجية كالسلاح الكيمياوي والصواريخ لجهات جهادية بعد سقوط الأسد.
بالمقابل لا تخشى الاستخبارات العسكرية من مبادرة حزب الله اللبناني لعملية ضد إسرائيل من لبنان حتى لو استهدفت إيران رغم تهديدات زعيمه حسن نصر الله في ظل فقدانه "العمود الفقري" الإستراتيجي السوري.
معلق الشؤون الإستراتيجية د. داني روتشيلد قلق جدا من عدم الاستقرار في الأردن وعدم ضبط حدوده مع العراق، إضافة لتيار اللاجئين القادم من سوريا الذي يشمل بين صفوفه اتباع الجهاد العالمي.
وردا على سؤال الجزيرة نت، يخشى روتشيلد أيضا اجتياز هؤلاء المجاهدين الحدود الطويلة مع الأردن لضرب أهداف إسرائيلية وشل حركة المواصلات في منطقة الأغوار على غرار غارات الفدائيين الفلسطينيين في الستينيات والسبعينيات.
ويذهب وزير الاستخبارات السابق دان مريدور إلى أكثر من ذلك، فيصف احتمال تدفق ما يسميه بالإرهاب العالمي من المحيط العربي نحو إسرائيل بـ"حالة مرعبة جديدة لا سابق لها".
وفي تصريح للإذاعة الإسرائيلية العامة اليوم، قال مريدور إن إسرائيل تقف أمام واقع جديد وغير معروف، وكشف أنها توظف طاقات استخباراتية كبيرة للتعرف على المخاطر الجديدة ورصدها.