اهتزت الأرض من
تحتنا فى
العيص
تناقلت وسائل الإعلام ما حل بإخواننا في
العيص وما جاورها وما يحدث فيها من الهزات الأرضية .
ولعلى هنا أتحدث عن هذا الحدث الجلل من عدة جوانب:
أولاً: ما هي هذه الهزة :
بعض الإخوة يرجع هذا الأمر إلى ضعف في القشرة الأرضية أو إلى أي سبب من الأسباب الجولوجيه ، وهذا لا ينبغي أن يقال فإذا كان هناك سبب فلا نغفل الحكمة من ذلك فهذه الهزة أو الزلزلة أو الخسوف أو الكسوف آيات من آيات الله يخوف الله بها عباده
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات " .
فالمسلم الفطن لا يخلط بين السبب والحكمة وأن لا يشغله السبب عن الحكمة .
2- وهذه الزلزلة من أكبر العظات المذكرة بيوم القيامة وأهوال الآخرة
يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (سورة الحج:1)
وذلك بأنها إذا وقعت الساعة رجفت الأرض رجفة وارتجت وزلزلت .
ويقول تعالى : (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً *وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً) (سورة الواقعة الآيات 4 : 5)
ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الزلازل )
فهذا يعطى مؤشر واضح وبين على غفلة الناس في تذكر الآخرة ؛ فمن كان له قلب تذكر وأناب ويجب أن يربط ما يحدث هذا بما يذكره بأهوال القيامة.
3- وبعد أن يربط المسلم يتساءل البعض ما المقصود وما المراد من هذا ؟
فالمراد من هذا: نذر وتخويف .. كما يقول الله عز وجل : (.......وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً)(سورة الإسراء: من الآية59)
ويقول ابن القيم رحمه الله : " وقد يأذن الله سبحانه للأرض أحياناً بالتنفس فتحدث فيها الزلازل العظام فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلال من المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى والندم .
كما قال بعض السلف : " وقد زلزلت الأرض " " إن ربكم يعاتبكم " .
ولقد وقعت رجفة في عهد عمر بن عبدالعزيز فكتب إلى أهل البلدان أن هذه الرجفة شئ يعاتب الله به عباده فمن استطاع أن يتصدق فليفعل فإن الله تعالى يقول : " قد أفلح من تزكى " فتح البارى لابن رجب .
والله عز وجل يقول : (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (سورة الأنعام:43).
يقول القرطبي رحمه الله : " وهذا عتاب على ترك الدعاء وإخبار عنهم أنهم لن يتضرعوا حين نزول العذاب " .
يقول ابن مسعود : ( إذا سمعتم هادٍ " أي فزعاً " فافزعوا إلى الصلاة ) سنن البيهقي 2 /413
يقول ابن عساكر في تاريخ دمشق في حوادث 233 :
( زلزلت ومشق يوم الخميس ضحى فخرج الناس إلى المصلى يتضرعون إلى قريب من نصف النهار فسكنت الدنيا وعاد الأمر إلى الهدوء ).
فالواجب على المسلم الإيمان بالله عز وجل والتوبة والعودة إليه ؛ فما هذه إلا نذر من عند الله ولقد أرسل أحد الأخوة رسالة فيها وصف للخوف الذي يعانيه وهو يقول ادع الله أن يثبت الأرض من
تحتنا فوالله أن قلوبنا فزعة ويقول يارب رحمتك فلقد قرأت بعض ما وصفه بعض الأهالي هناك فهذا أحدهم يقول " إن بعض الأهالي عند صلاة العشاء يتوادعون بالبكاء ".
ويقول أحد السكان " لقد خفت خوفاً لن أنساه بحياتي " .
ويقول أحدهم أيضاً "بعض الأيل ترفض البروك وتظل واقفه طيلة الوقت لأن الأرض تهتز
تحتها ".
يقول الله عز وجل قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (سورة الأنعام:65)
يقول الدواداري والمقريزي في حوادث 659 :
" وردت الأخبار في ربيع الأخر من ناحية عكاء بلاد الأفرنج أن سبع جزار في البحر خسف بها وبأهلها بعد أن نزل عليهم دم عدة أيام وهلك من خلائف كثيرة قبل الخسف ودعاء أهل عكا وهم يبكون ويستغفرون لذنوبهم " .
4- ويجب على المسلم أن يتذكر نعمة الله التي لا تعد ولا تحصي من هذا النعم أن جعل الأرض قراراً كما قال تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (سورة النمل:61)
وهذا امتناناً من الله على عباده.
5- ويجب على المسلم مواساة إخوانه بما يستطيع من دعاء وبذل مال ومساعدة فهم بحاجة إلى ذلك فهذا من الأمور التي يحتاجه المسلم في مثل هذه الأزمات.
6- يجب أن ندرك أن ما يحدث في بعض بقاع الأرض من خسف أو طوفان أو ريح وغيرها من الآيات والعظات من أنه قد يحدث عندنا فعلينا بالإقلاع في المعاصي والرجوع إلى الله عز وجل
يا كاشف الضر صفحا عن جرائمنا *** لقد أحاطت بنا يارب بأساء
نشكو إليك خطوباً لا نطيق لها *** حملاً ونحن بها حقا أحقاء
أسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يلطف بنا وأن يغفر لنا ويرحمنا وأن لا يؤاخذنا بما فعلنا نستغفره ونتوب إليه ، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبــه
أخوكم ومحبكم
نواف بن عبيد الرعوجى
المشرف العام
على مركز علاقات الإنسان بالقصيم