منتديات شمس الحب

منتديات شمس الحب (http://www.x2z2.com/vb/index.php)
-   سلة المحذوفات والمواضيع المكررة (http://www.x2z2.com/vb/forumdisplay.php?f=36)
-   -   مفاسد الاستبداد (http://www.x2z2.com/vb/showthread.php?t=117340)

لميسـ 03-20-2013 06:42 AM

مفاسد الاستبداد
 
اﻻ‌ستبداد السياسي والرِّضا به أصل كل بﻼ‌ء (2-2) للدكتور عبد الرحمن البراﻻ‌ستبداد السياسي والرِّضا به أصل كل بﻼ‌ء (2-2) آثار اﻻ‌ستبداد على اﻷ‌مة: اﻻ‌ستبدادُ أصلٌ لكلّ فسادٍ، والمدقّقُ في أحوالِ البشرِ وطبائعِ اﻻ‌جتماعِ يدرك أنّ لﻼ‌ستبدادِ أثرًا سيئًا في كلِّ وادٍ، فالمستبدّ يضغطُ على العقل فيفسدُه، ويتﻼ‌عبُ بالدّين فيفسدُه، ويحاربُ العلمَ فيفسدُه. إنَّ اﻻ‌ستبدادَ والعلمَ ضدّان متغالبان، فكلُّ إدارةٍ مستبِدّةٍ تسعى جهدَها في إطفاءِ نورِ العلم ِوحصرِ الرّعيّةِ في حالكِ الجهل، والغالبُ أن رجالَ اﻻ‌ستبدادِ يطاردون رجالَ العلم، وينكّلون بهم، فالسّعيدُ منهم مَنْ يتمكن من مهاجرةِ دياره، وﻻ‌ يخفى على كلِّ ذي بصيرة كم من العقول المسلمة هاجرت إلى بﻼ‌د الغرب؛ حيث الحريةُ فأبدعتْ وقدمت الكثيرَ للغرب. إن اﻻ‌ستبدادَ يقضي على القُدُراتِ العقليةِ لﻸ‌مة، ويفلُّ من إرادتها وعزمها، كما يؤدي إلى اهتزاز العﻼ‌قات اﻻ‌جتماعية بين أفراد المجتمع. وهاكم أهمَّ آثار اﻻ‌ستبداد؛ حيث تدور اﻷ‌مةُ في فلَك اﻷ‌شخاص: أوﻻ‌ً: فيما يتصل بالدين واﻷ‌خﻼ‌ق: 1- تنحسر معاني الرسالة فيُحْذَف من "اﻷ‌مر بالمعروف" كلُّ ما ينال من إطﻼ‌ق يد المستبد، ويضيقُ "النهي عن المنكر"؛ ليسقطَ منه كلُّ ما ينال من أخطاء الحاكم المستبد، ويتقلَّصُ معنى "اﻹ‌يمان بالله" ليقتصرَ على المظهر الدينيِّ للعبادةِ، ويتحوَّل اﻹ‌سﻼ‌مُ في حِسِّ الناس إلى ممارسةٍ فرديةٍ، ويتم التركيزُ التدريجيُّ على الشعائرِ التعبديةِ والفضائلِ الفرديةِ الخاويةِ من الروح على أنها هي الدينُ كله، ويزداد التعلُّقُ بالغيبيات ويتضخَّمُ الحديثُ عن النبوءات، وتنمو قراءةُ المستقبلِ من خﻼ‌ل النصوصِ التي تحدثت عما يكون من فتنٍ وأحداث؛ فرارًا من الحديث عمَّا كان وعمَّا هو كائنٌ من فسادٍ وانحراف، ويصاحبُ ذلك إهمالُ المظهر اﻻ‌جتماعي الذي يُسوِّي بين جميع أفراد اﻷ‌مة، كما يصاحبه تَرْكُ اﻻ‌نشغال بالقضايا العامة التي تقرر مصيرَ اﻷ‌مة. وبذلك تسقطُ أسبابُ خيرية اﻷ‌مة التي حدَّدها الحق سبحانه وتعالى في قوله:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ (110)﴾(آل عمران) ولم يخطئْ ولم يبالغْ بعضُ الدعاة عندما قال: "إنَّ الحكمَ الفرديَّ من قديمٍ أهلك الحرثَ والنسلَ، وفرض ألوانًا من الجَدْب العقلي والشلل اﻷ‌دبي، أَذْوَت (أي أضعفت) اﻵ‌مالَ، وأَقْنَطت الرجال". 2- يتبدل سلّم القيم في اﻷ‌مة؛ لتصبح القوةُ فوق الفكر، اﻷ‌مر الذي يجعل "المستبد" وأعوانَه هم أولي اﻷ‌مر، وأصحاب المشورة والرأي، بينما يُسْتَبعدُ أهلُ الفكر، وتصبح وظيفةُ المؤسساتِ القانونيةِ تنفيذَ إراداتِ السلطةِ المستبدة؛ بدﻻ‌ً من تطبيق الحدودِ الشرعية، وتحقيق مصالح اﻷ‌مة، وتصبح وظيفة المؤسسات اﻷ‌منية مﻼ‌حقة معارضي اﻻ‌ستبداد، والتنكيل بخصوم المستبد، بدﻻ‌ً من مﻼ‌حقة المفسدين ومتابعة عصابات اﻹ‌جرام، وتمتلئ المؤسسات العقابية (السجون) بالناصحين المخلصين والوطنيين الصادقين، فتحرم اﻷ‌مة من الكفاءات العلمية والفكرية واﻷ‌كاديمية المهمة، ومن ثَمَّ تحصل المظالم في شتى مناحي الحياة، اقتصاديًّا واجتماعيًّا وأخﻼ‌قيًّا، وتبطئ أو تتوقف أو تتراجع عملية التنمية، وقيم الوطنية والرجولة واﻷ‌خﻼ‌ق النبيلة. وذلك مجال ارتفاع الرويبضة اﻷ‌سافل الذين يفوضون في حل المشكﻼ‌ت وعقد الصفقات، وتدبير أمر اﻷ‌مة المغلوبة، فيأخذونها للهاوية، وقد ورد ذكرهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا اﻷ‌َمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: "الرَّجُلُ التَّافِهُ- وفي رواية: السَّفِيهُ، وفي رواية: الْفُوَيْسِقُ- يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"(13). وهكذا يقف أئمة الضﻼ‌ل ومحترفو الجدل قادةً لمرحلة الضياع الفكري، ويؤازرهم المنافقون المتشدقون الذين يستخدمون علمهم في تبرير اﻷ‌وضاع، والتماس اﻷ‌عذار للسقوط والساقطين، وفي تحريم الحﻼ‌ل وإباحة الحرام، وخلط الحقائق حتى ﻻ‌ تكاد جمهرة اﻷ‌مة تعرف المعروف من المنكر، ويتصدر هؤﻻ‌ء الساحات المختلفة، وميادين العمل المتقدمة، فيحجبون الحق، ويظهرون الباطل، وتزوى النماذج الصالحة، وتتألق النماذج الهابطة جاهًا وسلطانًا وماﻻ‌ً، وتغدق عليها اﻷ‌موال واﻷ‌لقاب والمناصب، فﻼ‌ يكاد ينفذ أصحاب الحق إلى الحق وﻻ‌ يكاد القابضون على اﻷ‌مر يحسون بما يعانيه أهل الحق القابضون على الجمر، وتنقطع الجسور بين أولي العلم وأولي اﻷ‌مر، فﻼ‌ يبقى إﻻ‌ الصراع الخافت والظاهر، وتتعرض السفينة اﻻ‌جتماعية كلها للضﻼ‌ل والضياع. 3- تهتز مكانةُ العدل في اﻷ‌مة، وتُبْذَر بذورُ الظلم، وتفقد قِيَمُ الرسالة فاعليتَها وتأثيرها، وتصبح مجردَ تراثٍ يأخذ منه الظالمون ما يبرر هيمنتَهم واستبدادَهم، ويأخذ منه الضعفاء ما يَسْتَجْدون به أشياءَهم وبعض حقوقهم، وبذلك تسود قِيَمُ النفاق التي تفترس المظلومين من أذكياء اﻷ‌مة ومحروميها. وفي ظل اﻻ‌ستبداد يبرز تيار سلطوي من أهل العلم ينتقي من النصوص واﻷ‌دلة ما يلوي به عنق الشريعة؛ ليبرِّر تصرفاتِ الحكامِ المستبدِّين الضالَّةَ وأوضاعَهم المنحرفةَ، فيبررون جوْرَهم وقسوتَهم على اﻷ‌مة برعاية المصالح الكبرى لﻸ‌مة، ويبررون تفريطَهم وتخاذُلَهم أمام عدوِّهم بأنه من باب السياسة الشرعية، ويكون الصوت العالي للفتاوى التي تتناول حقوقَ الحاكم ووجوبَ السمع والطاعة، وتَحَمُّلَ اﻹ‌مامِ الغشوم؛ خوفًا من فتنةٍ تدوم، وتُسْتَخْرَج النصوصُ التي تُكَرِّسُ الخنوعَ للذلِّ، وتبرِّرُ الخضوعَ للظلمة. وتُغَيَّبُ -عن عمد- النصوص والوقائع التي تدعو إلى مواجهة الظلم، ونصح الظالم، وتُكَرِّس مواجهةَ السلطانِ الجائرِ بالحقِّ باعتبارهِ أعظمَ الجهاد، وتنهى عن الطاعة في غير المعروف أو الطاعة في معصية الله. وفي ذات الوقت يصفون المعارضةَ السياسية لهم بالخروج والبغي، وينعتون النصيحةَ الشرعية الواجبة لهم بالتمرد واﻹ‌هانة للسلطان الشرعي، ويستحق المعارض الناصح اﻷ‌مين الموتَ واﻹ‌خراجَ من اﻷ‌رض، بل ومن اﻹ‌سﻼ‌م إذا اقتضى اﻷ‌مر، وﻻ‌ حول وﻻ‌ قوة إﻻ‌ بالله. وفي الوقت الذي عدَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم مواجهة المستبد الجائر بكلمة الحق أعظم الجهاد، ويلقِّبُ من فعل ذلك فقتله الجائرُ بسيد الشهداء، فيقول صلى الله عليه وسلم:"أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ"(14)، ويقول صلى الله عليه وسلم:"سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ"(15)؛ في ذات الوقت فإن سَدَنَةَ اﻻ‌ستبداد من أهل العلم يُفْتُون بأنَّ مَنْ فَعَل ذلك خارجيٌّ يستحق القتل!. وبذلك يتحول بعضُ الدعاةِ من حيثُ يَدْرُونَ أوْ ﻻ‌ يَدْرُون إلى أدواتٍ بيد المستبدِّ، ويقدمون دليﻼ‌ً زائفًا للماركسيين الذين يَدَّعُون زورًا وبهتانًا أن(الدين أفيون الشعوب). 4- يتحول وﻻ‌ءُ العامة من تأليه الله مصدر الرسالة إلى تأليه اﻷ‌شخاص المستبدين، الذين يتحكَّمون بمقتضى السلطة في مصائر الناس وأرزاقهم، فتنتقل اﻷ‌مةُ من صفاء التوحيد إلى شِرْك اﻷ‌نداد، وتبتكر لهؤﻻ‌ء اﻷ‌نداد رموزًا تتﻼ‌ءم مع روح العصر وثقافته واتجاهاته. وفي ظل اﻻ‌ستبداد يتحول التوكل على الله إلى تواكل سلبي دون اﻷ‌خذ باﻷ‌سباب، وتتحول عقيدةُ القضاء والقدر إلى تخاذلٍ وتقاعسٍ، بعد أن كانت عقيدةَ إقدامٍ وجرأةٍ في مواجهة اﻷ‌عداء واﻷ‌حداث﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِﻻ‌َّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْﻻ‌نَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51) قُلْ هَلْ تَتَربَّصُونَ بِنَا إِﻻ‌َّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)﴾(التوبة). وقد كان ابن خلدون يركز على أن اﻻ‌ستبدادَ والظلمَ يُحوِّل الناسَ إلى شخصياتٍ ضعيفةٍ فيها كذبٌ ومكرٌ وتملُّقٌ، وعندئذٍ فﻼ‌ خيرَ فيهم، فﻼ‌ هم يستطيعون المطالبةَ بشيءٍ قوي، وﻻ‌ المدافعةَ إذا طالبهم أحد. وبهذا تتحول اﻷ‌مةُ إلى أمةٍ منافقة، ويتحول رجالُ الفكر فيها إلى التعلق بالرسوم واﻷ‌شكال، وتصبح مهمة أهل العلم تبرير المستبد وتصديقه، وترويج بضاعته الفاسدة الكاسدة على جمهور اﻷ‌مة، وذلك ما حذَّر منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ورواه عدة من أصحابه رضي الله عنهم منهم كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يَا كَعْبُ بن عُجْرَةَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ"، قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟، قَالَ: "أُمَرَاءُ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَنْ يَرِدَ عَلَى الْحَوْضِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ، بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ"(16). فويل لﻸ‌مة ثم ويل لها من المستبد وممن يزينون له استبداده، ويروِّجون مظالمه، فيورثون اﻷ‌مة ضياعًا وفسادًا، ومن حِكَم العرب: "اﻻ‌ستبدادُ والقسوةُ يورثان البﻼ‌دةَ والجفوة". قال ابن عبد البر في بهجة المجالس:"وﻻ‌ أعلم أحدًا رضي اﻻ‌ستبدادَ إﻻ‌ رجل


الساعة الآن 11:33 PM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0 Designed & TranZ By Almuhajir

Adsense Management by Losha

جميع الحقوق محفوظة لمنتديات شمس الحب

1 2 3 4 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 17 18 19 20 21 22 23 28 29 30 33 34 35 36 37 39 41 42 43 44 45 46 47 48 49 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 77 78 79 80 98